هل أترك ابني؟
أنا الأمّ… فكيف تريدونني أن أترك ابني؟
لقد حملته جنيناً، بقدر ما أراد، كي يكتمل نموّه، فخرج من رحمي رجلاً، رجلاً لم يمر بمرحلة الطفولة التي يمرّ بها كلّ طفل.
لقد كان منذ ولادته، لي السند والحامي، ولم يحتج مني إلى كثير رعاية وحماية.
عشت معه لحظات حياتي، «كبرت» معه، ونموت في كنفه، وربّاني بأخلاقه، وهو ابني!
حملته وحملني، حفظته وحفظني، احتضنته فأعزّني، غنّيت اسمه فحمل اسمي إلى كلّ الآفاق.
هو ابني، فهل أترك ابني؟
هل تصدّقون أنكم إذا قصصتم شعري الجميل، وسلبتموني أصوات خلخالي، أنكم إذا أحرقتم وجهي، ومزّقتم ثوبي، أنكم إذا وضعتكم سواد حقدكم على جسدي، أنكم إذا سرقتم لحظات الفرح منّي، سأتخلى عن ابني؟
هل تعتقدون أنكم إذا اقتلعتم حدقات عينيّ، وقطعتم لساني، وبترتم أطرافي، سأسلّمكم من مكانه في قلبي؟
هل تحلمون بأن أعطيكم إعطاء الذليل، وأقرّ لكم إقرار العبيد؟
هل أترك ابني؟
يا ويلي إن فعلت، يا ويلكم إن لم أفعل.
أنا الضاحية… وهو ابني.
سيبقى في قلبي، وبه أرفع رأسي، وفي عرسه سأرتدي أجمل فساتيني، وعند رؤيته سترتفع رنة خلخالي.
أما أصوات انفجاراتكم التي تدوي في أذني، فإنها لا تعني لي إلا أنني أولد من جديد، وها هو ضياء عينيّ، يشهد ولادتي
محمود ريا