تداعيات تحرير الرمادي على سورية
حميدي العبدالله
أحكمت القوات العراقية سيطرتها على مدينة الرمادي عاصمة محافظة الأنبار. الخطوات التالية التي ستعقب هذه العملية تندرج في إطار أكثر من احتمال، قد يتوجه الجيش العراقي ليقوم بتطهير كامل محافظة الأنبار، حيث لا تزال الكثير من المدن والبلدات واقعة تحت سيطرة «داعش»، ولا سيما تلك المدن والبلدات الواقعة قرب الحدود السورية، مثل مدينة القائم، إضافةً إلى مدينة الفلوجة ثاني أكبر مدن محافظة الأنبار. أو قد يتجه الجيش العراقي شمالاً لتطهير محافظة نينوى وعاصمتها الموصل التي كانت ولا تزال عاصمة افتراضية لـ«الدولة الإسلامية» بزعامة البغدادي، حيث ألقى في أحد مساجدها خطاب إعلان دولته المزعومة، وقد يبادر «داعش» نفسه إلى تحشيد المزيد من القوات يتمّ استقدامها من جبهات أخرى لاستعادة مدينة الرمادي، وهذا تكتيك معتمد من قبل التنظيم. لكن بمعزل عن أيّ احتمال سوف تسلكه التطورات الميدانية في الأيام والأسابيع المقبلة في العراق، يمكن الاستنتاج أنّ العراق لم يعد الساحة الخلفية والعمق الذي يوفر لـ«داعش» القدرات الكبيرة لمواجهة الجيش السوري وحلفائه على جبهات حلب ودير الزور وحمص، إضافةً إلى الجبهات المفتوحة في الحسكة وفي محافظة الرقة من قبل وحدات الحماية الكردية التي حققت تقدّماً ملحوظاً في كلّ هذه الجبهات.
خسارة «داعش» لمصادر التمويل، سواء من خلال استهداف الطيران الروسي لقوافل نقل النفط من سورية، أو استعادة بعض المدن العراقية، وحرمانه من مداخيل متنوّعة كان يحصل عليها، ومقتل عدد كبير من مقاتليه في جبهات القتال مع القوات العراقية، وخسارة الكثير من المعدات، كلّ ذلك من شأنه أن يحدّ من قدرات «داعش» في سورية، إذ إنّ ما كان يحصل عليه من العراق سواء من أموال أو من معدّات كان بعضها يوظف في حربه ضدّ الجيش السوري وحلفائه، وبديهي أنّ تناقص هذه القدرات، سوف ينعكس بتراجع أدائه العسكري في كلّ المجالات، ومن شأن ذلك أن يصبّ في مصلحة الجيش السوري وحلفائه، لما يترتب على ذلك من نتائج معنوية وسياسية، إضافةً إلى تراجع القدرات التمويلية والقدرات التسليحية.
ربما يظنّ بعض قادة «داعش» أنّ الهروب إلى بعض المناطق السورية، يشكل حماية له تمهيداً لشنّ هجوم مضادّ لاحقاً في العراق لاستعادة مواقع خسرها، لكن ينتظره الآن في سورية تحالفان متفقان على أولوية محاربته هما التحالف السوري الروسي الإيراني مدعوماً من المقاومة اللبنانية، والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة المتعاون مع وحدات الحماية الكردية، وهذا يعني أنّ الظروف التي وفرت وساعدت على تمدّد «داعش»، سواء في سورية أو العراق في فترة سابقة، لم تعد موجودة الآن.