تحالفات أردوغان والعودة إلى الدفاتر العتيقة…
سعدالله الخليل
بالعمرة اختتم سلطان القرن الحادي والعشرين زيارته إلى مملكة آل سعود الوهابية عقب لقائه الملك سلمان الذي أولم على شرف ضيفه العزيز مأدبة غداء قبل أن يأمر خادم الحرمين بفتح أبواب الكعبة المشرفة لشريكه الاستراتيجي القديم الجديد رجب طيب أردوغان.
من الصعب التكهّن بما يدور في خلد أردوغان وهو يطوف بلباس الإحرام حول الكعبة، ربما يستغفر الله عما اقترفت يداه خلال الفترة الماضية في سورية، من تورّطٍ بدماء الأبرياء على امتداد الجغرافية السورية، أو يكفر عن ذنوبه بحق ضحايا سفينة «مافي مرمرة» ضمن أسطول الحرية الذي زار قطاع غزة متضامناً مع الشعب المحاصر ليستثمر أردوغان دماء شهدائه على المنابر السياسية على مدى سنوات قبل أن يرسو البازار المالي في بورصة تل أبيب ملايين الدولارات وتطبيع سياسي يضمن لأردوغان مكان الراعي لحركة حماس بما يمهّد لزيارة القطاع بحماية «إسرائيلية» كأول رئيس تركي يدخل القطاع من البوابة الصهيونية بعد أن أغلقت مصر بوابتها بوجهه، على أن ترتضي الحركة الإخوانية بضعة ملايين وفك حصار وهمي من المعابر البرية كحلّ وسطي ترتضي إقفال المنافذ البحرية إلى الأبد من بوابة القبول بما هو متاح وهو ما كشفته صحيفة «زمان» التركية بلقائها كاريل فالنسي الخبيرة في صحيفة «شالوم» والناطقة بلسان اليهود الأتراك، والتي أكدت أنّ أجواء تل أبيب خلال زيارتها الأخيرة تميل نحو تقوية موقف تركيا بزيارته إلى قطاع غزة.
تفاصيل زيارة أردوغان إلى المملكة السعودية تضع العمرة في سياق آخر، فبعد الإعلان عن تأسيس مجلس للتعاون الاستراتيجي بين المملكة وتركيا، والمواقف الموحّدة حيال ملفات المنطقة، بما فيها الملف السوري فإنّ أجواء أردوغان تسير نحو المزيد من التصعيد على الساحة السورية ولتعلن عن صراحة تحالف المهزومين على الساحة السورية بعد ما تتلقاه التنظيمات المرتبطة بالبلدين من ضربات في أرياف دمشق ودرعا واللاذقية، وما مقتل زهران علوش وفرار المسلحين من الشيخ مسكين وتخليهم عن معاقلهم في الجبال المحاذية للحدود التركية إلا شواهد على خيبات أمل دفعت بأنقرة والرياض إلى إعلان ما أعلنوه، بالتنسيق مع «إسرائيل»، لمواجهة ما تحققه دمشق من إنجازات، ولقطع الطريق على حزب الله بالردّ على جريمة استهداف الشهيد سمير القنطار بعد أن باتت دوائر القرار العربي والغربي والعبري على قناعة تامة بأنّ «الردّ آتٍ لا محالة».
تحالفات معاد تدويرها تستدعي حركات أردوغانية قديمة جديدة أيضاً، فكما تاجر على مدى سنوات بالقضية الفلسطينية لكسب شعبية داخلية وتأييد عربي وعالمي، يرفع اليوم جرعة المتاجرة بالدين، فلم يعد ينفع التستر وراء قضايا الحجاب والتعليم الديني، فكانت العمرة حاضرة وبمباركة وهابية سعودية، ففي أوقات الضيق يعود المفلس إلى دفاتره القديمة، هكذا تقول الرواية ودفاتر أردوغان حاضرة من «الإسلام» إلى «مرمرة»!
«توب نيوز»