انحسار «فلاديمير»… والمحصّلة ثوب أبيض وطرق ما زالت مقطوعة

لم يكد اللبنانيون يستعدّون لاستقبال الساعات الأولى من السنة الجديدة، حتى اجتاحت عاصفة ثلجية المناطق اللبنانية كافة. وأُطلق على هذه العاصفة اسم «فلاديمير»، في تقليد صار اللبنانيون يتفنّنون به منذ سنوات قليلة خلت.

العاصفة الثلجية خلّفت أضراراً في مناطق مختلفة، وأقفلت الطرقات الجبلية، فيما عزلت مناطق أخرى.

وأمس، انحسرت العاصفة، فيما توقعت مصلحة الأرصاد الجوية في إدارة الطيران المدني، أن يكون الطقس في لبنان اليوم الاثنين غائماً جزئياً، يتحول إلى ماطر بغزارة من حين إلى آخر، مع ارتفاع تدريجي في درجات الحرارة، وثلوج على ارتفاع 1400 متر، ورياح شديدة 70 كيلومتراً في الساعة يرتفع معها موج البحر. وذلك بسبب طقس متقلب يسيطر على الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط خلال الأيام القليلة المقبلة. أما غداً الثلاثاء، فيكون الطقس غائماً جزئياً مع أمطار متفرّقة صباحاً.

درجات الحرارة المتوقعة على الساحل اليوم من 9 الى 17 درجة، فوق الجبال من صفر إلى 8 درجات، في الداخل من 1 إلى 8 درجات. الرياح السطحية شمالية ـ شرقية إلى شمالية ـ غربية فجنوبية ـ غربية، سرعتها بين 12 و45 كيلومتر في الساعة. الانقشاع متوسط، يسوء خلال فترة الأمطار والثلوج. الرطوبة النسبية على الساحل بين 65 و90 في المئة. البحر مائج إلى هائج أحياناً. حرارة سطح الماء 19 درجة. أما الضغط الجوّي فيبلغ 765 ميلليمتراً زئبقاً.

الجبل

تجدّد أمس تساقط الثلوج على قرى قضاء جبيل وبلداته، ما أدّى إلى قطع طريق إهمج ـ اللقلوق ـ العاقورة.

وأفاد رئيس مركز جرف الثلوج في إهمج التابع لوزارة الأشغال العامة والنقل منير الضاهر، أنّ جرافات الوزارة فتحت الطريق المذكورة، ورشّت الملح على الطرقات، وأصبحت سالكة لسيارات الدفع الرباعي والمجهزة بالسلاسل المعدنية.

وفي منطقة الشوف، زادت العاصفة الثلجية من سماكة الثلوج، ما أدّى إلى قطع الطرق لا سيما بين الشوف والبقاع عبر الأرز ـ كفريا، التي قُطعت منذ بداية العاصفة، كما تحوّلت الأمطار الغزيرة والمتساقطات المرافقة لها وذوبان الثلج، إلى سيول جارفة في بعض المناطق المتوسطة، وانهيارات على عدد من الطرق الرئيسة.

وبرزت تداعيات العاصفة مع عودة الانهيارات في جبل بلدة كفرنبرخ، التي كانت بدأت قبل شهر، وزحل معها جزء كبير من الجبل المحاذي للمنازل، ما أجبر السكان على إخلاء منازلهم. وأمس صباحاً، انهار جزء كبير من المسار الواقع تحت المنازل ورصدت الكاميرا الصخور والاتربة المنزلقة، التي يشكل استمرار انزلاقها خطراً كبيراً على طريق كفرنبرخ ـ الفوارة ـ وادي الست التي قطعت بالأتربة والصخور، وعلى بساتين بلدة وادي الست.

وأخلى مزيد من السكان منازلهم وبيوتهم في ظل الطقس العاصف والثلوج، متوجهين إلى منازل أقاربهم، فيما حاول آخرون استئجار منازل لهم.

وطالب رئيس بلدية كفرنبرخ بهيج الدلغان المسؤولين بحل جذري لهذه المعضلة التي تسبب مشكلة اجتماعية وإنسانية كبيرة، مؤكداً أن الهيئة العليا دفعت سابقاً مبلغ ألف دولار لمن أخلى منزله، «لكننا نطالب بحل جذري للموضوع، علماً أنه كان مقرّراً الكشف الجيولوجي، ومتابعة الموضوع وهذا لم يتم».

وأجرى الامين العام للهيئة العليا للاغاثة اللواء الركن محمد خير اتصالاً برئيس بلدية كفرنبرخ اطّلع منه على المشكلة، معلناً وضع إمكانيات الهيئة بالتصرف في إطار العمل على الحد من الاخطار التي تسببها الانهيارات وعدم توسعها أكثر، لا سيما في ما يتعلق بالآليات والجرافات المطلوبة في حالة كهذه.

الشمال

وواصلت الجرافات التابعة لاتحاد بلديات جرد القيطع، عملها أمس ليلاً ونهاراً، في سعي دؤوب لفتح الطرقات الفرعية داخل أحياء بلدات المنطقة التي كانت الثلوج قد أقفلتها.

وعلى رغم التحذيرات التي كان رئيس الاتحاد عبد الإله زكريا قد أطلقها في شأن الطريق المؤدية إلى سهلات القموعة، إلا أن محبّي الطبيعة ورواد هذه المنطقة تقاطروا بالآلاف لقضاء يوم ممتع على البساط الأبيض وسط غابات القموعة النادرة الروعة والجمال، الأمر الذي تسبب بزحمة سير كبيرة. وذلك بعدما كانت جرافات اتحاد بلديات المنطقة قد عملت على تأمين الطرقات صعوداً ونزولاً في ظروف صعبة للغاية.

وأكد زكريا أن العمل متواصل وأن التعاون قائم بين كل الجهات المعنية لفتح كل طرقات المنطقة والافساح في المجال أمام الأهالي لتأمين احتياجاتهم من وقود ومواد غذائية.

وأعلن رئيس بلدية اكروم محمد ضاهر أن الطريق الرئيسة التي تمتد من عندقت صعوداً حتى بلدة كفرتون مروراً بكافة قرى جبل أكروم قد أعيد فتحها ظهر أمس، على إثر حصار دام ليومين بسبب تراكم الثلوج التي بلغت سماكتها حدود المتر ونصف المتر.

ولفت إلى أنّ الجرافات قمات باستكمال فتح الطرقات الفرعية داخل هذه البلدات والقرى لتأمين التواصل في ما بينها. مشيراً إلى أن الكهرباء لا تزال مقطوعة بانتظار تمكّن فرق الصيانة في شركة «BUS» ومؤسسة كهرباء لبنان من إصلاح الاعطال التي سببتها العاصفة على شبكات النقل والتوزيع.

وشكر كل الذين ساهموا في فتح الطرقات وخصّ بذلك الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي والدفاع المدني وبلديات المنطقة، كما شكر وسائل الإعلام التي حملت صوت الأهالي ومناشداتهم ما ساهم في حثّ المؤسسات الرسمية المعنية على الإسراع في إعادة فتح الطرقات.

وأدّى تدني درجات الحرارة إلى ما دون الصفر، إلى تشكل طبقة من الجليد على الطرقات في منطقة جرد الضنية ابتداء من ألف متر وما فوق، حيث تعذر على السيارات غير المجهزة بسلاسل معدنية وسيارات الدفع الرباعي عبورها.

وترافق ذلك مع استمرار تساقط الثلوج على المرتفعات الجبلية وأغلقت بعض الطرقات فيها، قبل أن تقوم ورش إتحاد بلديات الضنية والبلديات بإعادة فتحها سريعاً، كما هطلت الأمطار على المناطق الوسطى والساحلية، في وقت عمّ ضباب كثيف أنحاء الضنية ابتداء من صباح أمس.

وزاد من معاناة المواطنين استمرار التيار الكهربائي في الانقطاع منذ العاشرة من مساء الجمعة الماضي، وسط مناشدات لشركة كهرباء لبنان إصلاح الأعطال، من أجل تخفيف المعاناة عن الأهالي الذين اضطروا إلى البقاء في بيوتهم منذ اليوم الأول للعاصفة.

وعمل عناصر الصليب الأحمر في مركز حرار، على إسعاف مواطنة ونقلها من منزلها في أحد الاحياء الداخلية في بلدة مشمش العكارية، مستعينين بجرافة صغيرة «بوبكات» تابعة لبلدية مشمش، نظراً إلى عدم التمكن من إدخال سيارة الإسعاف إلى منزل المريضة بسبب كثافة الثلوج، وتم نقل المريضة إلى أحد مستشفيات المنطقة للمعالجة.

إلى ذلك، أصيب سائق حافلة وابنه بجروح، من جرّاء انقلاب حافلة ركاب بسبب الجليد، على طريق حرار في محلة تلة الأصنام. وعمل عناصر الصليب الأحمر في مركز حرار على إسعاف سائق الحافلة أحمد خضر رجبية وابنه محمد، ونقلهما إلى أحد المستشفيات للمعالجة.

واستيقظ أهالي تنورين والقرى المجاورة في جرد البترون على طبقة من الجليد حوّلت الطرق إلى حذرة وسالكة فقط لسيارات الدفع الرباعي والمجهزة بسلاسل معدنية.

وما زال طريقا تنورين ـ حدث الجبة وتنورين ـ اللقلوق مقفلين بسبب تراكم الثلوج التي بلغت سماكتها المتر وما فوق، فيما فتحت كل الطرق من تنورين الفوقا نزولاً في اتجاه تنورين التحتا ودوما وصولاً إلى وسط البترون، بعدما عملت جرافات وزارة الاشغال وآليات الدفاع المدني على جرف الثلوج.

ولفّ الضباب الكثيف القرى والبلدات في وسط البترون وجردها، وتسبب بصعوبة في الرؤية في بعض القرى.

حاصبيا

الثلوج التي غطت مناطق حاصبيا والعرقوب وراشيا خلال الايام القلية الماضية أطبقت عليها أمس الأمطار الغزيرة، ما شكّل حلولاً كبيرة لقطع الطرقات. أما المناطق التي يزيد ارتفاعها عن 1400 متر، فبقيت معزولة. فطريق حاصبيا ـ شبعا سالكة بصعوبة، أما طريق شبعا ـ عين عطا ـ راشيا الوادي، وطريق شبعا ـ كفرشوبا، فما زالتا مقفلتين، وكذلك طريق بيادر العدس ـ ينطا ـ مزرعة حلوى ـ دير العشاير. وحاولت جرافات وزارة الأشغال فتحها أمس، إلا أنها لم تتمكن من ذلك حتى ساعات المساء الاولى. كما ساهمت جرافات تابعة لقوات «يونيفيل» بفتح بعض طرقات العرقوب، فيما بقيت بعض المواقع التابعة لهذه القوات وللجيش اللبناني في أعالي العرقوب وتلال سدانة محاصرة. أما الأمطار التي ما زالت تنهمر منذ مساء السبت، فقد عوضت على المزارعيين ما كانوا بحاجة إليه في الشهرين الماضيين.

مرجعيون ـ شبعا

وسيطرت على المنطقة الحدودية موجة من البرد القارس، بعد انحسار العاصفة الثلجية «فلاديمير»، أدّت إلى تدنٍ في درجات الحرارة، وضباب كثيف لفّ المرتفعات الجبلية انعدمت معه الرؤية، وتساقطت الأمطار بغزارة تحولت معها بعض الطرقات إلى مستنقعات مائية غاصت فيها السيارات، ما تسبب بإعاقة حركة السير. وعمل عناصر قوى الأمن الداخلي على تنظيم السير على الطرقات، كما تولّى عناصر الدفاع المدني أعمال فتح الطرقات أمام السيارات العابرة، فيما غمرت مياه الأمطار المزروعات في سهل مرجعيون.

وكانت قد تساقطت الثلوج، أمس، على منطقة مرجعيون وقرى الجوار، وبلغت سماكتها حوالى عشرة سنتمترات ابتداء من ارتفاع 600 متر وما فوق، وغزا الجنرال الابيض الطرقات وأسطح المنازل حيث بلغ سماكته حوالى المتر، وكسا الاشجار التي ناءت تحت حمل الثلوج ما أدى إلى حصول تكسير وسقوط بعضها على الطرقات، خصوصاً أشجار الصنوبر القريبة من المنازل والزيتون. وعملت جرافات تابعة لوزارة الاشغال بالتعاون مع البلدية، على جرف الثلوج وفتح الشارع الرئيس والطرق الفرعية للبلدة التي كستها الثلوج، والذي فرض حصاراً قسرياً على المواطنين الذين لازموا منازلهم في ظل هذا الطقس البارد. وخفّت حركة السير على الطرقات، إلا لضرورة التمون بالخبز والتزود بالمحروقات لزوم التدفئة.

صور

وزادت العاصفة «فلاديمير» من معاناة صيادي الأسماك في صور، أولاً لأنها منعتهم من الإبحار للبحث عن لقمة عيشهم لليوم الرابع على التوالي، وثانياً لأن الرياح القوية والأمواج العاتية التي بلغ ارتفاعها أكثر من خمسة أمتار، تسببت بتضرّر عدد من مراكب الصيد وتمزيق الشباك، وسط تخوّف من عاصفة مماثلة متوقعة في الأيام القليلة المقبلة، تزيد من خسائر الصيادين مادياً ومعيشياً.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى