دماء الشهادة تقلق جلادها…

سعدالله الخليل

رفضت مملكة آل سعود تسليم جثة الشيخ نمر النمر إلى ذويه لدفنه خشية أن يتحوّل تشييعه إلى موجة تظاهرات حاشدة كتلك التي عمّت الأراضي الفلسطينية غداة تشييع الشهيدة أشرقت قطناني وعدد من الشهداء الفلسطينيين الذين أفرجت سلطات العدو الإسرائيلي عن جثامينهم، والتي حاولت فرض شروط قاسية على ذويهم لإرغامهم على تشييع أبنائهم في الليل خشية تصعيد في صفوف الشارع الفلسطيني المنتفض.

لا يقلّل من مقام الشهيد النمر أن تصرّ الرياض على دفنه مع من نفذت بحقهم أحكام الإعدام، في خطوة تعيد إلى الذاكرة مقابر الأرقام الزاخرة برفات الشهداء الأبطال الذي سطروا ملاحم الشهادة والإباء.

بين قضية الشيخ النمر وأشرقت قطناني ثمة رسالة مقاومة العين للمخرز وتحوّل جبروت القاتل إلى خوف من دم يرفع صوت القضية عالياً وينادي بالثأر من جلاد يتمترس وراء آلة قتل جبارة.

يدّعي آل سعود بأنّ رسالة الشيخ النمر المعتدلة أفكار متطرفة، في حين نشر أتباعها التطرف والإرهاب حول العالم من تنظيم «القاعدة» إلى تنظيمات «داعش» و«النصرة» وما تفرّع منها، ولعلّ توصيف آل سعود للإرهابي القتيل زهران علوش بالمعتدل يكشف معاييرهم التي تشبه معايير سلطات العدو «الإسرائيلي» بتوصيف الشهداء العزل بالإرهابيين.

تكشف لائحة الاتهام التي ساقها آل سعود بحق الشيخ النمر والتي اشتملت على «اعتناق المنهج التكفيري وعقائد الخوارج المخالفة للكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة ونشرها بأساليب مضللة والترويج لها بوسائل متنوّعة، والانتماء لتنظيمات إرهابية، وتنفيذ مخططاتهم الإجرامية» ما يكفي لإثبات براءة النمر الذي لو اتبع منهج محمد عبد الوهاب لكان اليوم جليس ملك مملكة الرمال.

أخطر ما اقترفته المملكة بإعدام النمر أنها أشعلت نيران الداخل السعودي الذي لطالما عمل النمر على إخمادها بدعوة أنصاره إلى ضبط النفس أمام تجاوزات آل سعود والظلم بحقهم ما يفتح أبواب التصعيد على مصراعيها بإشعال انتفاضة لا تقلّ عن انتفاضة الشعب الفلسطيني في وجه الاحتلال الجاثم على صدور الفلسطينيين منذ عقود. إعدام سعودي لعشرات المتهمين والخلط ما بين السياسة والإرهاب رسالة للسير في التصعيد إلى حدوده القصوى في رسائل تتجاوز حدود المملكة، وما موجات التصعيد السعودي الإيراني سوى صورة لما أرادت الرياض إيصاله بالتزامن مع إعلانها وقف الهدنة في اليمن والمضيّ في حربها ضدّ شعب أعزل رفض التبعية للرياض التي تصرّ على مذهبة معاركها.

وكما رفع مشيّعو قطناني في نابلس صورة السيد حسن نصرالله، رجل المواجهة مع العدو «الإسرائيلي»، وقبلها رفعت صوره في مصر والمغرب وتونس، سترفع في أرض الحجاز لتعلن بأنّ صرخة الحق لا يعلوها صوت ولا يسكتها جلاد مهما تفاقم جبروته على الأرض، ولتوكد أنّ دماء الشهداء مصدر رعب لجلادها لا يقلّ تأثيره عن صدى صوتهم وهم أحياء.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى