تقاطعات تركية ـ سعودية ـ «إسرائيلية» أتاحت لـ«داعش» وأخواتها التمدد واشنطن قلقة من وصول الإرهاب إلى الخليج والغرب… وحديث عن مؤتمر إقليمي لمواجهته
حسن سلامه
بات واضحاً أن تمدّد تنظيم «داعش» الإرهابي في العراق لم يكن مصادفة أو خططاًً محدودة لقيادة هذا التنظيم، إنما هو نتيجة تدخّلات إقليمية وغربيّة حركت هؤلاء استخباريّاً، بل قدّمت إليهم بطرائق مختلفة الدعم اللازم للقيام بهذا التمدّد داخل مناطق واسعة في العراق. ووفق معطيات مصادر دبلوماسية فإنّ تفيد بأن ما حصل في العراق هو نتيجة عدة أمور أبرزها:
ـ تقاطع مصالح بين تركيا والسعودية و«إسرائيل» ومجموعات الضغوط الأميركية التي لم تسقط من خططها ما يسمى بـ«الشرق الأوسط الجديد»، ما أدى إلى تغطية مبطنة لتنظيم «داعش»، مع تحريض طائفي ـ مذهبي داخل العراق، وهذا التقاطع حصل قبل ذلك في سورية من خلال دعم المجموعات الإرهابية بالسلاح والمال.
ـ لدى تعرّض تقاطع هذه المصالح لنكسة كبيرة في سورية، ميدانياً عبر استرجاع الجيش السوري لمناطق واسعة، وعبر سقوط ما يسمّى بـ«المجموعات المسلّحة المعتدلة» لتبرير تآمرها على سورية، وبعد الانتخابات الرئاسية التي شكّلت نقطة تحوّل كبرى في مسار الوضع السوري الداخلي فاعتبرت تحوّلاً استراتيجياً يوازي الانتصارات العسكرية التي حقّقها الجيش السوري بعد «التسونامي» الشعبي الذي صوّت للرئيس بشار الأسد، بما يرمز إليه من وحدة سورية ومناعتها، سعى أصحاب هذا الحلف إلى التعويض عن خسارتهم في سورية من خلال التعرّض لوحدة العراق ووقوفه إلى جانب حلف الممانعة.
ـ انتهت الانتخابات العراقية في غير مصلحة الأطراف الحليفة للسعودية وتركيا ومواقع الضغط الأميركية المتطرفة، فحرّكت رداً على ذلك مسلّحي «داعش» ومن معها من مسلّحين مرتبطين بهذا الحلف في الموصل ونينوى وصلاح الدين وسواها لإسقاط نتائج الانتخابات العراقية، وللضغط على إيران وقوى الممانعة كي تقدم تنازلات ليس على مستوى الساحة العراقية فحسب بل في الملفات الأخرى الساخنة بدءاً من الملف النووي الإيراني.
السؤال اليوم: ما هي النتائج التي حصدها الغرب ممّا فعله في العراق؟
تقول المصادر الدبلوماسية إنه بغض النظر عمّا يمكن أن يقوم به الجيش العراقي في مواجهة تمدّد «داعش»، فإن الغرب بات بعد ما حصل في هذا البلد العربي مربكاً وقلقاً من توسّع دائرة الإرهاب، ليس حيال إعلان أمير «داعش» عن قيام ما يسمّى بـ«الخلافة الإسلامية»، بل بسبب الاحتمالات الكبيرة من أن يطول الإرهاب حلفاءه في الخليج وحتى داخل الدول الغربية، علماً أن ثمة دلائل كثيرة ترجّح تعرض دول الخليج لهجمات إرهابية واسعة، بالإضافة إلى إمكان تحرّك الخلايا المتطرّفة داخل الدول الغربية نفسها، رغم أن كيان العدو «الإسرائيلي» يحاول الإفادة من تمدّد الإرهاب، ولذلك أعلنت دعمها استقلال كردستان عن العراق وبدأت تستورد النفط من هناك ومن مناطق سيطرة «داعش» عبر تركيا.
لكن المصادر ترى في المقابل أن الإدارة الأميركية تخشى عواقب ما يحصل في العراق من تمدّد «داعش»، ومن طموح رئيس إقليم كردستان إلى الاستقلال عن العراق، لذا يسعى إلى التفتيش عن مخرج «يحفظ له ماء الوجه» وهذا ما ظهر من خلال لقاء مستشارة الرئيس بشار الأسد بثينة شعبان مع مساعد الأمين العام للأمم المتحدة جيفري فيلتمان في أوسلو قبل بضعة أيام، إذ تحدث خلال الاجتماع عن قلق الإدارة الأميركية من أن ترتد «داعش» في اتجاه الغرب، ملاحظاً أن أمن المتوسط بات مهدداً، ومشيرا ًإلى وجود مواقع ضغط داخل هذه الإدارة لا تريد الوصول إلى تفاهمات في المنطقة، ومكرراً دعوة وزير الخارجية الأميركية جون كيري إلى تعاون إقليمي لمواجهة الإرهاب ومكافحته بعدما أصبح هذا الإرهاب الخطر الأساسي، فردت السيدة بثينة شعبان بالعودة إلى ما طرحته دمشق في مؤتمر «جنيف ـ 2» عن وضع الموضوع في سلّم الأولويات.
كما تكشف المصادر بداية توجّه دولي إلى عقد مؤتمر إقليمي لمواجهة الإرهاب تشارك فيه جميع الأطراف، بما فيها سورية وإيران، وطرح ذلك في اجتماع شعبان ـ فيلتمان، لكن المصادر ترى أن التفاهمات كافة في المنطقة رهن ما ستنتهي إليه اجتماعات إيران مع الدول الكبرى حول الملف النووي الإيراني.