السعودية… نحو إقصاء آخر
محمد محفوض
منذ نجاح الثورة الإسلامية في إيران عام 79 والعلاقات الإيرانية الخليجية عموماً والإيرانية السعودية خصوصاً، تعيش حالات توتر تعلو وتنخفض بتغير الظروف السياسية في المنطقة.
العلاقات السعودية الإيرانية لطالما اتسمت بالاحتقان الشديد ويُعَدّ إعلان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أمس قطع العلاقات مع إيران أنه الثاني من نوعه بعد قطعها أول مرة عام 88 إثر مصرع أكثر من 400 شخص، معظمهم إيرانيون، أثناء أدائهم فريضة الحج، في منى في صدامات مع الشرطة السعودية.
هذا التصعيد الذي وصلت إليه العلاقات بين البلدين له حتماً انعكاساته الإقليمية على ساحات القتال وطاولات المفاوضات في المنطقة من سورية إلى العراق واليمن وصولاً إلى البحرين.
والأزمة السورية ربما تكون أكثر الأزمات تأثراً بهذا التصعيد بسبب المرحلة الحساسة التي تمر بها سورية على المستوى السياسي والعسكري.
سياسياً، فإن قطع العلاقات السعودية الإيرانية سيؤخر حتماً المساعي الدولية لولادة حل سياسي في سورية، بعد نجاح مجلس الأمن بدفع الأطراف السورية كافة إلى طاولة المفاوضات، حيث سيعود العناد السعودي ليكون سيد الموقف وينعكس تعطيلاً من قبل المعارضات السورية لأي مسعى حواري مع السلطة، مما يعني مزيداً من سفك الدماء، ريثما يتم إيجاد حل توافقي بين السعودية وإيران أو إقصاء إحدى الدولتين عن ممارسة دورها في الإقليم.
على المستوى العسكري فإن احتمال إقصاء السعودية عن لعب دور في سورية، يبدو أكثر منطقية مع التراجع الذي تواجهه مجموعات السعودية في سوريا، نتيجة دخول الروس وتقدّم الجيش السوري على أكثر من جبهة حتى بات كل تأخير في السياسة يتناسب طرداً مع التقدّم العسكري للجيش السوري وحلفائه على محاور القتال، وبالتالي فإن الخاسر الأكبر من تأخير الحل للسياسي في سورية هو السعودية، وليس إيران.
وهو ما أكده النائب الأول لرئيس الجمهورية الإيرانية إسحاق جهانغيري، عندما قال إن السعودية هي التي ستتضرر من قطع العلاقات مع إيران.
وما بين أمل التوصّل لتوافق إقليمي يكون أساساً لحل جذري في سورية، وأمل أن تكون الأزمة وتعقيدها بين طهران والرياض مقدِّمة لانفراجات كبرى، بات من الواضح أن كل يوم يمضي في سورية يعني قرية جديدة ومنطقة جديدة تعود لها سيادة الدولة السورية، وأن عناد السعودية قد يوصلها ليوم تُحرَم فيه حتى من مقعد مراقب على مائدة المفاوضات حول سورية.