دمه سينتصر على سيوفكم وسيسقط عروشكم
محمد شادي توتونجي
هم صنيعة المخابرات البريطانية، بريطانيا تلك المملكة الإستعمارية التي كانت يوماً لا تغيب عنها الشمس، بسبب انتشار ووسع مساحة الدول التي احتلتها على مساحة الأرض، وكانت الوسيلة الأولى والأكبر والأهمّ التي استخدمتها تلك المملكة الإستعمارية هي سياسة نشر الفتن وتغذيتها وتفريق الشعوب وزرع النعرات الطائفية وإذكائها بينهم لتفريقهم كي يسهل قضمهم، فضلاَ عن إجرامها وارتكابها الفظائع من القتل والإرهاب.
ولعلّ أبرز الأمثلة على هذه السياسة كيف عملت الحكومة البريطانية على تدمير ما أنجزه غاندي في الهند ولعبت على وتر الدين والعرق وغذت الانفصال في عقل محمد علي جناح إلى أن قسّمت الهند واقتطعت منها باكستان كأرض للمسلمين، وكان الحرص شديداً على إبقاء منطقة نزاع بين البلدين حتى بعد تقسميهما وكانت كشمير هي نقطة الصراع الدائم حتى يومنا هذا.
وبريطانيا هذه هي نفسها من أنشأت كلّ الكيانات المذهبية المتطرفة من تنظيم «الإخوان المسلمين» إلى الكيان الصهيوني إلى الكيان السعودي، وكلهم يتشاركون الصفات العنصرية والتكفيرية لهم صبغة دينية واحدة يقتلون من خالفهم، وسلاحهم الإرهاب تحت شعار ديني يتعرّض من يخالفه للقتل.
وهؤلاء هم آل سعود، الذين لم يخالفوا عهد وشرط صانعيهم، للحفاظ على التبعية وعرش الخضوع والاستعباد، وسفكوا دماء العرب والمسلمين، وكل الدماء التي سفكوها لم تروهم في سورية ولبنان وليبيا ومصر والعراق وفلسطين واليمن.
فآل سعود شنوا أولى حروبهم الاستعمارية على أبناء الجزيرة العربية وخاضوها بالذبح والقتل والسبي للنساء وإرغامهن على الزواج، ومسحوا وطمسوا هويات كل أبناء الجزيرة العربية من العشائر الأصليين، وأسموها عنوة باسم عائلتهم آل سعود، وبات كل سكان مملكة الرمال ينالون ما يسمى بالتابعية السعودية.
أما ثانية معاركهم فكانت على العراق بعد أن أنهكوه بالحرب مع إيران، ثم بدأوا بتدميره اقتصادياً بتخفيض أسعار النفط، الأمر الذي دفعه إلى الحرب عليهم فاستجروا كل أساطيل الناتو وأميركا إلى المنطقة وحاربوا العراق وشربوا من دماء أبنائه وما زالوا حتى اليوم يشربون من دمه طائفياً ويقتلونه اقتصادياً مرة أخرى بلعبة النفط الملوّث بدماء العرب.
وثالثة معاركهم كانت ضدّ المظلومين في البحرين، لحماية مستبدّيها ممّن يوالون آل سعود من آل خليفة، وهتكوا الأعراض واستباحوا الدماء، ودمّروا التراث البحريني، وحاربوه عرقياً وطائفياً بحجة التمدّد الفارسي الشيعي، ومنذ سنوات وسيوفهم لم تستطع قهر الدم البحريني، تلك البحرين بمساحتها التي لا تعادل أصغر مدينة في مملكة السعودية، بالرغم من كلّ عدة وعتاد ما أسموه بقوات «درع الجزيرة».
كلّ تلك الحروب الثلاثة بكلّ دمائها لم ترو ظمأ آل سعود، فشنّوا في ليلة السادس والعشرين من آذار حربهم الإرهابية على أبناء اليمن التي ستكون الأخيرة حتماً في تاريخ هذه العائلة المجرمة، فلن تمرّ هذه الحرب عبثاً ومفاجآت الميدان ستكون أكبر مما يتصوّرون، فهذه المرة كرة النار ستلتهم الجميع ممن تورّط في هذه الحرب، بدءاً بالسعودية التي ستخسر جزءاً كبيراً من قوتها العسكرية، إضافة إلى بعض الأراضي التي احتلتها عنوةً من اليمن في جيزان ونجران وعسير، كما هو حال دويلات الخليج التي ستطاولها شظايا هذا الإجرام مثل الكويت والإمارات وقطر، التي جنّ جنونها من خسارتها في مضيق باب المندب، ولكنهم لم يدركوا أنهم سيخسرون مضيق الهرمز أيضاً إذا استمروا في جنونهم هذا وإجرامهم جراء شراكتهم في سفك الدماء العربية.
اليوم يعيدون كتابة تاريخهم الملعون ويثبتون لسيد نعمتهم الصهيو ـ أميركي أنهم على عهدهم في الإجرام باقون، وأنهم حريصون على إثارة الدم والفتن في المنطقة، وجرّها إلى الحرب الفتنوية الطائفية، وتحديداً الفتنة «السنية الشيعية»، تارةً في العراق وتارةً في لبنان وتارةً في سورية، وبدايةً واستمراراً اضطهادهم لأبناء جلدتهم وسكان الأرض الأصليين في شبه جزيرة العرب، أهلنا سكان المنطقة الشرقية في شبه الجزيرة العربية ذات الغالبية «الشيعية»، وهي المنطقة التي تعدّ الأغنى في شبه جزيرة العرب نفطياً، مصدر الدخل القومي الأكبر لمملكة الطغمة الحاكمة من آل سعود.
هذا الاضطهاد الذي تمارسه هذه العائلة بأهلنا هناك يبدأ من الحصار المعيشي القاتل عليهم وتفقيرهم، وحظر الوظائف الحكومية الكبرى عليهم، ومنعهم من ممارسة شعائرهم الدينية بحرية، وإرهابهم مخابراتياً وأمنياً، واعتقالهم تعسّفياً، ومحاصرة مناطقهم عسكرياً بمعسكرات الحرس الوطني لآل سعود، وحرمان الشعب العربي في نجد والحجاز من عائدات النفط والثروة التي وضعت تلك العائلة الحاكمة اليد عليها بالسيف وتسلط رجال الدين التكفيري الوهابي، وقمعت كلّ من يخالفها ونفذت أحكام الإعدام بالساحات لإرهاب منتقديها ومن تسوّل لهم أنفسهم مخالفتها أو انتقادها بعقيدة أو سياسة.
آل سعود هؤلاء الذين نفذوا حكم الإعدام القهري الفاسد التعسّفي بحق آية الله الشيخ نمر باقر النمر فقط لأنه «شيعي» أولاً، ولأنه عرّاهم وكشف حقيقتهم على العلن ورفض الظلم بتهمة التحريض على الحكم والتآمر على زعزعة الأمن، وإنْ كان ظنّ آل سعود أنّ دم الشهيد الشيخ النمر هو ردٌ على تصفية غلامهم الصهيوني زهران علوش، فإننا نقول لهم وبالفم الملآن، إنّ ساعة حسابكم قد دقت، وكما أخبرنا ابن عمكم الصهيوني إبان اغتيال الشهيد القائد سمير القنطار، بأنّ حسابنا معكم لم ولن يغلق، وأنّ دماء كلّ تلك العائلة لا تعادل قطرة دم مجاهد أو طفل أو امرأة أو شيخ سفكت على أيديكم النجسة الملوّثة بدماء المظلومين.
وآل سعود هم أنفسهم من يموّل الإرهاب العالمي يومياً ويزوّده بالسلاح والرجال والفتاوى اللادينية منذ إنشاء تنظيم «القاعدة» الإرهابي إلى ظهور فطوره وأدرانه من جبهة «نصرة» وتنظيم «داعش» وغيرهما من التنظيمات الإرهابية التكفيرية الوهابية.
وهم أنفسهم من يموّل القنوات الفضائية المذهبية والطائفية والفتنوية، وهم أنفسهم من يعمل جاهداً بكلّ ما أوتي من مال وعهر وعنجهية على إنزال القنوات المقاومة وصوت الحقيقة من على الأقمار الصناعية بتهمة التطرف والإرهاب بدءاً بقناة «العالم» و«الميادين» وصولاً إلى «المنار» و«المسيرة»، حسب تصنيف سيدها الصهيو- أميركي.
وآل سعود هم أنفسهم من يموّلون ما أسماه سيدهم بـ«الثورات الديمقراطية» في دول المقاومة لتخليصها من «الأنظمة الديكاتورية»، وهم النظام الوحيد في العالم الذي يمنع إقامة الكنائس للمسيحيين لإقامة صلواتهم وعباداتهم، بل ويمنعوهم حتى من احتفالاتهم الدينية وأداء صلواتهم في منازلهم الخاصة، وتقوم باعتقالهم وقمعهم وسجنهم ثم ترحيلهم، على عكس شريعة ودين سيدنا محمد بن عبدالله، ولإقامة شريعة ودين محمد بن عبد الوهاب الوهابية الظلامية.
مما سبق نجد أنّ هذه العائلة الحاكمة المحتلة لأرضنا العربية في شبه جزيرة العرب والمتسلطة على مقدارت العرب والمسلمين فيها هي الذراع الأطول للصهيونية العالمية بل هي أدهى وأخبث وأمرّ، وأشدّ ما يثير في النفس من الغثيان والألم أنّ هذه العائلة الحاكمة تدفع من أموال العرب والمسلمين للصهاينة والأميريكيين لكي يقبلوا عبوديتها وتثبت ولاءها لهم لتبقى حاكمة مستحكمة في رقاب وثروات العرب والمسلمين، ولكي تظلّ رأس الحربة ومحراك جهنم في إشعال الفتنة بين العرب والمسلمين من سنة وشيعة.
ولولا أنّ الله حبانا في هذا العصر قادة ذوي عقل راجح، وأئمة حكماء في سورية ولبنان وفي الجمهورية الإسلامية في إيران، لكانت أيامنا فتناً كقطع الليل المظلم، ولكن لله الحمد بأنّ من يقدر على الحرب في محور المقاومة لا يقوم بها، وأن من يريد أن يشعلها «أوهن من بيت العنكوت».