إعدام النمر انتقام ومقدّمة لتصعيد التوتر في المنطقة
رولا منصور
على مر التاريخ اتسمت العلاقات بين إيران والمملكة العربية السعودية بالاحتقان الشديد نتيجة الخلافات السياسية والمذهبية، ففي عام 1988 قطعت السعودية العلاقات الدبلوماسية مع إيران بعد حادثة أداء فريضة الحج في «منى» وراح ضحيتها 400 شخص معظمهم إيرانيون وبعدها عادت العلاقات في 1991.
والآن يعيد الزمان نفسه بصورة أُخرى، بعد إعدام السعودية عالم الدين «نمر باقر النمر» المعارض للنظام السعودي بتهمة «مساعدة الإرهابيين»
حيث أثار إعدام النمر موجة ردود فعل في الشرق الاوسط عموماً وفي إيران خصوصا، فماذا كان الموقف الإيراني؟
دانت إيران عملية الإعدام وتوعدت السعودية بدفع الثمن غالياً، فهاجم المئات من المتظاهرين الإيرانيين مبنى القنصلية السعودية في مدينة مشهد وأضرموا النيران في أجزاء منها وإنزال العلم السعودي، عقب ذلك قطعت المملكة علاقاتها الدبلوماسية بإيران من جديد وطردت الدبلوماسيين الإيرانيين من البلاد، كما أعلن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن القطع سيمتد ليشمل وقف حركة الملاحة الجوية وإنهاء العلاقات التجارية ومنع المواطنين من السفر إلى إيران، فقد لاقى هذا القطع تضامناً مع المملكة السعودية من دول عدة، فمن هي الدول التي تضامنت مع السعودية وما مصلحتها؟
قررت «البحرين» قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران تضامناً مع السعودية وطلبت من جميع أعضاء بعثتها مغادرة المملكة خلال 48 ساعة وكان للسودان توأمة سياسية في ذلك، حيث أصدرت وزارة الخارجية السودانية بياناً رسمياً تؤكد فيه قطع العلاقات مع إيران فوراً وقررت طرد السفير الإيراني وكامل البعثة واستدعاء السفير السوداني من طهران، وجيبوتي ايضاً لحقت بالدرب ودعما للمملكة قامت بقطع علاقاتها مع طهران. اما الإمارات ذات المواقف الوسط كان موقفها أقل حدة مع إيران فتضامنت مع السعودية بتخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي مع إيران الى مستوى القائم بالأعمال كما خفضت عدد الدبلوماسيين الإيرانيين في البلاد واستدعت سفيرها من إيران تطبيقاً لهذا القرار.
وكان هذا التضامن رداً على مزاعم التدخلات الإيرانية في المنطقة، وفي الشأن الداخلي الخليجي، والذي وصل إلى مستويات غير مسبوقة في الآونة الأخيرة بحسبهم وأمام هذه الأحداث لا يختفي الموقف الدولي، فماذا عن اميركا وروسيا؟؟
طالبت الولايات المتحدة بالقيام بـ«خطوات لتهدئة التوترات» إثر التصعيد الخطير بين السعودية وإيران، وأكدت أن الحوار الدبلوماسي والمحادثات المباشرة تبقى أدوات أساسية لحل الخلاف، كما أعلن مصدر في وزارة الخارجية الروسية أن موسكو مستعدة للقيام بـ«وساطة» من أجل حل الأزمة بين السعودية وإيران، معتمدة على علاقاتها الجيدة مع البلدين.
ويبقى السؤال هل قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران سيؤدي الى حل الأزمة الراهنة؟ وهل كان إعدام النمر انتقام أم تنفيذاً للعدالة؟
بإعدام النمر بدأت مرحلة مهمة وخطيرة مع تزايد الضغوط والتوترات في منطقة الشرق الأوسط، خصوصًا على دول الخليج التي ما زالت لا تملك الكثير من أدوات الدفاع عن نفسها تجاه إيران.