حروب فلسطين تعود إليها بالأصالة بعدما خيضت بالوكالة بري يخطف السابقة: جلسة تشريعية ببند واحد قانون للرواتب

كتب المحرر السياسي

كلّ الحروب هي حروب فلسطين، هكذا كانت منذ البداية الحرب لإسقاط سورية، وهكذا هي الحرب لإشغال المقاومة بانتحاريّي القاعدة، وكذلك هي الحرب لقطع الإمداد الإيراني عن سورية والمقاومة من الأنبار ودولة داعش، فالقضية كانت وتبقى عزل فلسطين ومنع بقائها القضية المركزية التي تشغل البال وتستحقّ الجهد وتستقطب الاهتمام، وتدمير كلّ ما بُني لأجل فلسطين لا ينفصل عن الحرب المستمرة عليها، بل هو الحرب الحقيقية لإسقاطها.

اليوم يبدو أنّ الحروب قد فشلت في ضرب القوى التي بُنيت لفلسطين في كلّ مواقع حلف المقاومة الذي يستردّ عافيته ويثبت قدرته، فعلى رغم المراوحة العسكرية في الهجوم الذي يشنّه الجيش العراقي في مواقع وجبهات عدة، وخصوصاً تكريت، فقدت دولة داعش وخليفتها الوهج وقدرة إحداث الصدمة وانتقلت للدفاع السلبي، وسورية التي أكمل جيشها سيطرته على أطراف مدينة حلب شرقاً وغرباً أنجز قطع خطوط إمداد الجماعات المسلحة، وبدأ تكرار النموذج الحمصي فيها بمفاوضة كلّ مجموعة في حيّ على حدة للتسوية أو للسحق والتصفية، وفي لبنان نجحت المقاومة في امتصاص الاندفاعات الأولى لولادة داعش كما نجحت من قبل في استيعاب اندفاعات كتائب العزام وجبهة النصرة.

إيران الواقفة مع سورية والعراق والمقاومة تستعدّ لتوقيع الصيغة النهائية للتفاهم النووي الذي يؤرق ليل «إسرائيل»، بعدما تمّت صياغته بشكله شبه النهائي في مفاوضات مضنية ومعقدة.

الحلف الذي أقامته «إسرائيل» مع السعودية لم ينجح في جعل المفاوض الفلسطيني يستسلم ويقبل اتفاق الإذعان المعروض عليه، كما لم ينجح حلفها مع قطر وتركيا في جعل حماس التي غامرت كثيراً بخيارها المقاوم لأجل هويتها الإخوانية تذهب إلى آخر الشوط، فتسلم لإسرائيل بما ينهيها كحركة مقاومة بوهم إنجاح مشروع الإخوان المترنّح على مساحة المنطقة.

عاد الفلسطينيون فلسطينيين، وعادت إسرائيل إسرائيلية، وهي الحرب الطبيعية بينهما التي لا تحتاج بحثاً عن أسباب ومبرّرات، توقف هذه الحرب يحتاج تفسيراً وتبريراً، لذلك تندفع «إسرائيل» بمفهوم الحرب لتدمير كلّ ما يُتاح لها من قدرات بناها الفلسطينيون لمقاتلتها، ويتجهون لتلقينها درساً جديداً بأنّ الذهاب إلى الحرب ليس نزهة.

في قلب الحرب المستعرة والمتصاعدة في فلسطين، لترصيد القوى فيما المنطقة كلها تستعدّ لحساب أرصدة حروب السنوات الماضية من مطلع قرن بدأ ولا يزال يتنقل في المنطقة من حرب إلى حرب، الفراغ مقيم في العراق ولبنان، بينما سورية تتحول مصدر قوة لكليهما، فتحسم تنظيف الحدود اللبنانية من جهة، من مجموعات المسلحين، وتسهم في حربها بضغط داعش شرقاً وهي تقترب من حسم حلب، بينما تضع تركيا أمام الخيارات الصعبة بظهور رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني بتشجيع إسرائيلي ظاهر كاشفاً نيته إعلان دولة كردية تهدّد وحدة تركيا، فتتموضع تركيا حيث كان يجب أن تكون في وجه مشاريع التفتيت التي توهّمت أنها بوابة عودة السلطنة، فتنكفئ وتحسم سورية معركة كسب وتستعدّ لحلب.

لبنان بين العجز والفراغ سياسة واقتصاداً، يتماسك أمنياً، ويعيش قلقاً جديداً هو مصير رواتب موظفي الدولة المدنيين والعسكريين، بعدما كشف وزير المال علي حسن خليل التجاوزات القانونية التي كان يتمّ ارتكابها في دفع الرواتب من دون قانون، مما سيجعل جلسة تشريعية ببند واحد مخصص للرواتب استحقاقاً لا مفرّ منه، فينجح رئيس المجلس نبيه بري حيث فشل في قضية سلسلة الرتب والرواتب، وبعدما صاح وناح نواب الرابع عشر من آذار بات أكيداً أنهم سيُجلبون إلى بيت الطاعة البري، للتصديق على قانون بمادة وحيدة تجيز دفع الرواتب، وتتحقق السابقة التي تقول يجوز للمجلس النيابي التشريع على رغم الفراغ الرئاسي.

أزمة دفع الرواتب سياسية أم قانونيّة؟

ففي ظل المخاطر الأمنية والأزمات التي تحاصر البلاد لم يكن ينقص اللبنانيين سوى أزمة جديدة تتعلق بعجز وزارة المال عن دفع رواتب الموظفين والعاملين في الدولة بسبب تعطيل مجلس النواب وتجنّب وزير المالية علي حسن خليل السير في إجراءات لتسييل أموال الخزينة إذا لم يكن يستند إلى الأصول القانونية. وبذلك أصبحت رواتب موظفي الدولة نهاية الشهر الجاري مرتبطة بما سيقرّه مجلس الوزراء وعودة المقاطعين عن التشريع في مجلس النواب، وبالتالي إدخال الرواتب في الحسابات السياسية الفئوية والمذهبية التي يسلكها بعض أهل السلطة.

وزير المال

وفي مؤتمر صحافي له أمس، شدّد وزير المال على ضرورة معالجة قضية الرواتب وفق الأصول والقوانين. واضعاً مجلسي الوزراء والنواب والقوى السياسية والكتل النيابية أمام مسوؤلياتهم للخروج من هذا المأزق عبر إصدار قانون يجيز للحكومة دفع الرواتب للموظفين.

واستعرض خليل المخالفات المرتكبة في صرف الرواتب خلال الحكومات السابقة، وقال: «إنه لن يرتكب مخالفة إصدار سلف خزينة وواردات عامة، وأشار إلى أنه سيعمل كلّ جهده لتأمين الرواتب للقطاع العام».

وأوضح في مجال آخر، أنّ وزارة المالية تؤمّن كلّ ما هو مطلوب منها لمؤسسة كهرباء لبنان، ولاحظ أنّ إقرار سلسلة الرتب والرواتب مع الواردات سيُفضي إلى انخفاض العجز المالي للدولة.

أوساط سلام

وقالت أوساط رئيس الحكومة تمام سلام لـ«البناء» إنّ حلّ هذه القضية بيد مجلس الوزراء مشيرة إلى أنّ هذا الموضوع سيُطرح في جلسة يوم الخميس المقبل، وفي ضوء العرض الذي سيقدمه الوزير خليل سيقرّر المجلس الإجراء المطلوب لحلّ هذه الأزمة المستجدة.

«المستقبل» لا يرى مشكلة بصرف الأجور

لكن مصادر نيابية في فريق 14 آذار رأت أنه يمكن لوزير المال صرف الرواتب والأجور وفقاً لقانون المحاسبة العمومية، واعتبرت أنّ التعاطي مع قضية الرواتب على أساس هذا القانون لا يُعتبر مخالفة قانونية لأنها لا تتعلق بإقامة مشاريع أو مصاريف غير ضرورية. ورأت أنّ افتعال مشكلة بخصوص الرواتب هي قضية سياسية في سبيل الضغط على النواب لحضور جلسات التوزيع أو تحميلهم مسؤولية عدم دفع الأجور.

يوسف لـ«البناء»: طريقة وزير المال غير صائبة

وأكد عضو كتلة المستقبل النائب غازي يوسف لـ»البناء» أنّ قانون المحاسبة العمومية يسمح للحكومة بأن تفتح اعتماداً إضافياً وتدفع الرواتب التي ليست بحاجة إلى إصدار قانون من مجلس النواب، واعتبر أنّ للحكومة أيضاً أن تصرف وتدفع نفقات وفقاً للاعتمادات التي لحظت في قانون موازنة عام 2005، لافتاً إلى أنّ الاستدانة باليورو بحاجة إلى قانون من مجلس النواب، وهو ما لم نكن نتقاعس عن الحضور من أجله، مشيراً إلى أنّ الطريقة التي لجأ إليها وزير المال ليست صائبة، وهو أراد دفعنا للحضور إلى المجلس النيابي، لا سيما أننا أعلنا استعدادنا للنزول إلى المجلس والتشريع في الأمور الضرورية والملحة.

ملف الجامعة يواجه عقبات

في سياق متصل أيضاً، تتحدث مصادر عليمة عن أنّ ملف الجامعة اللبنانية بما يتعلق بتعيين العمداء وإقرار تفرّغ الأساتذة المتعاقدين قد لا يأخذ طريقه إلى الإقرار في جلسة يوم الخميس المقبل، وأشارت المصادر إلى أنّ الوفد الكتائبي الذي عقد جلسة مطوّلة بعد ظهر أمس في وزارة التربية، من أجل الاطّلاع على ملفات الأساتذة المقترحين للتفرغ، وضع ملاحظات كثيرة على ملفات عدد كبير من الأساتذة واعتبرها أنها مستوفية الشروط وذكرت مصادر كتائبية في هذا الإطار، أن الملف بكامله يجب إعادة النظر به، خصوصاً أن أعداد الأساتذة المقترحين جرى زيادتها بطريقة عشوائية ولأكثر من أربع مرات، إذ كان العدد في المرحلة الأولى 735 أستاذاً وارتفع في آخر مرة إلى 1075 أستاذاً، واعتبرت المصادر في هذه الزيادات مداخلات سياسية أدت إلى زيادة الأعداد بهذه الكمية الكبيرة.

بو صعب و»الكتائب»…

أما في ما يخصّ ملفي الجامعة اللبنانية فيواصل وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب لقاءاته مع السياسيين للبحث في كيفية إيجاد المخارج المناسبة، وهو سيجتمع اليوم إلى وزير العمل سجعان قزي والنائب سامي الجميّل، علماً أنّ هذا اللقاء يأتي بعدما أنهت لجنة أساتذة الجامعة الكتائبيين، التي زارت بو صعب، من دراسة الأسماء ومعايير التفرّغ.

وتعليقاً على المؤتمر الصحافي الذي عقده وزير المال علي حسن خليل بشأن رواتب الموظفين في القطاع العام أشارت مصادر نيابية في 14 آذار إلى أنّ كلام خليل هو محاولة لحض الكتل النيابية ودفعها إلى الحضور والقبول بالتشريع، خصوصاً الكتل التي تقاطع المجلس باعتباره اليوم هيئة ناخبة.

إلا أنّ المصادر عينها لفتت إلى أنّ الوزير خليل كان إيجابياً وأبقى الأبواب مفتوحة أمام المخارج حين أكد التزامه بما يقرّره مجلس الوزراء مجتمعاً.

ملف النازحين

كذلك فإنّ ملف النازحين السوريين سيُناقش في جلسة مجلس الوزراء، لا سيما طرح إمكانية إقامة مخيمات لهم على الحدود اللبنانية ـ السورية، وهو الملف الذي ستخصص الساعة الأولى من جلسة مجلس الوزراء، على حدّ ما كشفت لـ»البناء» مصادر وزارية مطلعة.

توقيفات للجيش وأحكام ضد إرهابيين

أما على الصعيد الأمني والقضائي، فقد واصلت الأجهزة الأمنية عملياتها الأمنية في عدد من المناطق تحسّباً لقيام الخلايا الإرهابية بأعمال إجرامية لضرب الاستقرار، وتمكنت قوى الجيش أمس من توقيف خمسة عناصر كانوا أقدموا في الأيام الماضية على رمي قنابل يدوية باتجاه مطاعم في المدينة وتهديد مواطنين، بينما استمرّ رمي القنابل على المطاعم التي تقدم خدمتها خلال النهار إذ يقوم مسلحون على دراجات نارية بهذه الأعمال التخريبية.

كما أوقفت تونسي وسوداني لإقامتهما بطريقة غير شرعية وقيامهما بنشاطات مخلّة بالأمن.

وفي الإطار ذاته، طلب مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر الإعدام لـ28 إرهابياً بينهم سبعة موقوفين، كما طلب قاضي التحقيق العسكري فادي صوان عقوبة الإعدام لعنصرين إرهابيين من التابعية السورية، بالإضافة إلى أربعة آخرين فارين ينتمون إلى ما يسمى «كتائب زياد الجراح» الإرهابية.

… والجيش السوري يطهّر المناطق المقابلة للحدود

وفي موازاة إجراءات الجيش اللبناني، يواصل الجيش السوري عملياته العسكرية لتطهير ما تبقّى من جرود ومخابئ تتمركز فيها المجموعات الإرهابية المسلحة على الحدود مع لبنان. وقد تقدمت وحدات الجيش السوري إلى أطراف سهل رنكوس لجهة سبنا ودرة وسط اشتباكات عنيفة مع المسلحين، وتمكن الجيش السوري من قتل أعداد كبيرة من المسلحين في منطقة شمال شرقي سهل رنكوس، فيما استهدفت وحدات أخرى المسلحين في جرود عرسال في القلمون.

القوة الفلسطينية تنتشر اليوم في عين الحلوة

وفي الإطار الأمني أيضاً، يُنتظر أن تبدأ القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة انتشارها اليوم في جميع أنحاء مخيّم عين الحلوة، بما في ذلك حي الطوارئ لضبط الأمن فيه، ومنع أي محاولات من قبل مجموعات متطرفة لاستغلال المخيم بهدف القيام بأعمال مخلّة خارجة. وقالت مصادر فلسطينية: «إن التنسيق تام مع الأجهزة الأمنية اللبنانية لإنجاح عمل القوة، مشيرة إلى أن هناك ارتياحاً فلسطينياً شاملاً داخل المخيم لانتشار القوى مع غطاء سياسي من كل القوى والفصائل الفلسطينية».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى