مبدعون لبنانيون يُكرَّمون خارج الوطن… ندى أبو فرحات نموذجاً
أحمد طيّ
كم نشعر بالفخر والاعتزاز، نحن الصحافيين، عندما نعلم أنّ مبدعين من لبنان، تصل أصداء أعمالهم إلى ما وراء البحار، فينالون التكريم من جهات شتّى، ومهرجانات ولجان. إلا أنّ هذا الشعور سرعان ما يتحول إلى إحساس بالحسرة والألم، خصوصاً عندما نرى الجهات المعنيّة داخل هذا اللبنان، مغشيّاً عليها، لا معلومات لديها عن الحراك الثقافي ـ الفني المزدهر على رغم الأزمات الداخلية والخارجية التي تعصف بلبنان.
من طبيعة عملنا كصحافيين، الاطّلاع اليومي على الحراك الثقافي ـ الفني في لبنان والدول العربية. وإذا أخذنا سورية مثالاً، نرى أنّ وزارة الثقافة السورية تدأب يومياً ـ على رغم الحرب الأليمة الموجعة ـ على اللحاق بركب الفعاليات الثقافية والفنية الحاصلة في سورية. من معارض تشكيلية ونحت، إلى إصدارات أدبية، إلى الأفلام والمسلسلات الدرامية. فنرى وزارة الثقافة في سورية تتلقّف سريعاً أيّ إبداع، وتدفع به كي يتألق أكثر وأكثر.
أما في لبنان، فـ«لا تندهي ما في حدا»، وزارة الثقافة غائبة كلّياً عن النهضة الثقافية ـ الفنية في لبنان. نعم، أسمح لنفسي أن أسميها «نهضة». لأنّ آثار الأزمة المعيشية ـ السياسية ـ الأمنية التي يتخبّط فيها لبنان، لو وصلت إلى الثقافة والفن لشلّتهما.
مبدعون لبنانيون كثر يُكرّمون في الخارج، ويحصدون الجوائز على أعمالهم التي تنافس أعمالاً عربية وغربية عدّة. وإذا سألتموني عن مثال، أقول وكّلي ثقة… تتبّعوا نجاحات الفنانة المبدعة ندى أبو فرحات.
تقدّم ندى أبو فرحات مؤخراً مسرحية عنوانها «أسرار الست بديعة» على خشبة «مترو المدينة» في الحمرا. والحقّ يقال أن العروض كانت ناجحة بامتياز لدرجة أنّ البطاقات بيعت كلّها قبل كلّ عرض. لا بل ارتأت ندى ومخرج المسرحية المبدع جيرار أفيديسيان تمديد العروض حتى نهاية كانون الثاني الحالي. أما المفاجأة، فتكمن في أن بطاقات العروض هذه على قيد النفاد أيضاً!
ليس هذا ما قصدنا الإضاءة عليه. فلقد كُتب عن «أسرار الست بديعة» الكثير، وسيكتب عنها الكثير أيضاً. إنما ما رمينا إليه، يتمثل في تكريم ندى أبو فرحات في مصر… في شرم الشيخ تحديداً… وتبدأ الحكاية على لسان ندى.
«دُعيتُ إلى مهرجان الشباب المسرحي الأول في شرم الشيخ، الذي يرأسه الفنان الشاب مازن الغرباوي، وتديره الفنانة وفاء الحكيم، ويرعاه وزير الثقافة المصري حلمي النمنم، وفي ظنّي أنّني سأكون ضيفةً على المهرجان، خصوصاً أنّ عروضاً مسرحية من مختلف الدول العربية والأوروبية تشارك في المهرجان، ويصل عددها إلى عشرين، وذلك من مجمل 45 عرضاً قامت لجنة المشاهدة باختيارها. لكنني فوجئت لاحقاً أنّ إدارة المهرجان تنوي تكريمي أنا ومجموعة من الفنانين أذكر منهم: أشرف عبد الباقي، سهير المرشدي، أحمد ماهر، ومحمود الحديني من مصر، وعبير عيسي وعلي العليان من الأردن».
ندى أبو فرحات التي ستتسلّم الجائزة يوم الجمعة المقبل تقول لـ«البناء»: «إن هذا التكريم يعني لي الكثير، خصوصاً أنها ليست المرة الأولى التي أكرَّم فيها خارج لبنان، وفي مصر تحديداً دعيت سابقاً للمشاركة في لجنة تحكيم مهرجان للأفلام.
إنّ هذه المبادرة المتمثلة بالمهرجان المسرحي للشباب، تمثّل خطوة مهمة جدّاً لتنمية السياحة من خلال الثقافة، وأشدّ على يد الفنان الشاب والصديق مازن الغرباوي، هذا الفنان المبدع الذي يجترح مهرجاناً مسرحياً وهو في عمر الشباب.
أنا سعيدة جداً بهذا التكريم لأن هناك من ينظر بعين إيجابية إلى ما أقوم به في مهنتي ـ المسرح، لا سيما أن ثمّة أسماء كبيرة في مجال المسرح ستُكرَّم معي.
أما بالنسبة إلى المسرح اللبناني، ومسرحية أسرار الست بديعة، فأقول للجمهور أنّ إيمانهم بالمسرح هو الذي يبقيه حيّاً وصامداً في وجه الأزمات. خصوصاً أنني أراهم يرتادون المسرح بكثافة مشهودة. إنّ مجرّد خروجهم من منازلهم لحضور مسرحية، يشكّل عماً حقيقياً لاستمرارية هذا المسرح. فمن دونهم… لا مسرح في لبنان».
يذكر أنّ مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي، سينطلق يوم الخميس 7 كانون الثاني الجاري، ويستمر حتّى 15 منه. واختيرت الفنانة سميحة أيوب كرئيس شرف له، فيما سيطلق اسم المخرج الراحل هاني مطاوع على دورته الأولى.
أما لجنة التحكيم، فيرأسها الفنان أحمد عبد العزيز، وتضمّ كل من: عايدة علام ووليد يوسف من مصر، فهم السليم وعبد الله العابر من الكويت، فابيو إبراهام من بريطانيا، عبد المجيد شاكر من المغرب، دانييلا جيوري دانو من إيطاليا، وأيمن الشيوي مقرراً، له حق التصويت من مصر.
كما ينظّم المهرجان على هامشه مجموعة من الندوات يشرف عليها كل من ابراهيم الحسيني ورنا عبد القوي، إضافةً إلى مجموعة من ورش العمل، منها ورشة الممثل الشامل لمايكل غوريفوري من روسيا، وورشة محاكاة الذات لأمير هشام الحداد من العراق، وورشة الفعل الجسدي لدى الممثل لنايف البقمي من السعودية. أما العروض فتقام على المسارح التالية: مسرح مدينة «جنينة سيتي»، مسرح «الجافي ريزورت»، والمسرح الروماني بالماركاتو.