على ذمّة الراوي!
يقال إن شاعراً سودانياً «فقد » في أيامه الأخيرة، وأدخِل إلى مستشفى المجانين، أراد أهله أن يعالجوه خارج السودان.
في المطار، رأى امرأةً جميلةً برفقة زوجها، فأطال النظر إليها، والزوج يحاول يمنعه، فأنشد الشاعر يقول:
أعَلى الجمال تغارُ مِنّا
ماذا علينا إذ نظرنا
هي نظرةٌ تُنسي الوَقارَ
وتُسعِدُ الرّوحَ المُعنّى
دنياي أنتِ وفرحتي
ومُنى الفؤاد إذا تَمنّى
أنتِ السماء بَدَت لنا
واستَعصَمت بالبُعدِ عنّا!
وعندما سمع الأديب عباس محمود العقاد هذه الأبيات، سأل عن قائلها فقالوا له: «إنّه الشاعر السودانيّ إدريس جمّاع، وهو الآن في مستشفى المجانين».
فقال العقاد: «هذا مكانه، لأنّ هذا الكلام لا يستطيعه ذوو الفكر!».
وعندما ذهبوا بإدريس جمّاع إلى لندن للعلاج، أعجِب بعيون ممرّضته، وأطال النظر في عينيها. فأخبرت الممرّضة مدير المستشفى بذلك، فأمرها أن تلبس نظّارة سوداء، ففعلت. ولمّا جاءته نظر إليها جمّاً وأنشد:
والسيف في الغمدِ لا تُخشى مضاربُه
وسيفُ عينيكِ في الحالين بتّارُ
وعندما تُرجِم بيت الشعر هذا للممرّضة بكت. وصُنّف هذا البيت الأبلغ في الغزل في العصر الحديث.
إنّه الشاعر إدريس جمّاع، وهو صاحب الأبيات الشهيرة التي يقول فيها:
إنّ حظّي كدقيقٍ فوق شوكٍ نثروه
ثمّ قالوا لِحفاةٍ يومَ ريحٍ اجمعوه
عظُمَ الأمرُ عليهمِ ثُمّ قالوا اتركوه
إنّ مَن أشقاه ربّي كيف أنتم تُسعدوه!