الثامن من تموز… يوم الفداء

طارق خوري

في مثل هذا اليوم من عام 1949 نُفّذ حكم الإعدام بمؤسّس الحزب السوري القومي ا جتماعي، بعد خضوعه لمحاكمة صورية، وبتهمة «خيانة الوطن»!

نفذ حسني الزعيم مؤامرة تسليم الزعيم في ظروف دولية وعربية معروفة، ولقاء مبلغ كبير تسلّمه حسني الزعيم من «الموساد» مباشرة.

المحاكمة بمراحلها كافة استغرقت 20 ساعة فحسب، ومن كلام «الكاهن الذي عرّفه» أنقل الآتي: طلب سعاده أن يقابل زوجته وبناته لتوديعهنّ، ولم يُقبل طلبه، فطلب ورقة ليكتب شيئاً فصرخ به أحد رجال الدرك قائلاً له: «سأمسّ كرامتك»، فأجابه سعاده: «أنت تقدر أن تمسّ كرامتي، ما أعطيَ حدٍ أن يمسّ سواه، ولكن قد يهين المرء نفسه».

و قال أيضاً: «أنا يهمّني كيف أموت بل من أجل ماذا أموت، أعدّ السنين التي عشتها بل ا عمال التي نفذتها…

هذه الليلة سيعدمونني أما أبناء عقيدتي فسينتصرون وسيجيء انتصارهم انتقاماً لموتي، وكلّنا نموت ولكنّ قليلين منّا يظفرون بشرف الموت من أجل عقيدة،

يا خجل هذه الليلة من التاريخ».

وعند تنفيذ الحكم المزوّر بإعدامه وضعوا عصبة على عينيه فطلب منهم نزعها قائلاً: «دعوا عينيّ مفتوحتين رى الرصاص يخترق جسدي»، فقالوا له: القانون ينص على ذلك…»، فردّ سعاده: «إنني احترم القانون»،

وطلب نزع بحصة من تحت ركبته قبل تنفيذ الحكم بدقائق، وبعد سحب تلك البحصة ردّد مرتين: شكراً… شكراً.

كأنّه أراد أن يوصل إلينا الرسالة: أنا ما زلت قوياً، وبكامل الوعي والإدراك، ولن أهاب الموت نه الطريق لانتصار أمتنا وقضيتنا التي تساوي الوجود.

أنطون سعاده الذي قال لنا: إنّ الحياة وقفة عز فقط… طبّق قوله بفعله، وأعدم وهو شامخ كنسر فينيقي، بل إنه شكر جلاّديه منفّذي الحكم به.

يا معلّم… أنت القائل إنّ حزبك باق وهو كذلك… وأنت الذي خاطبت أجيا ً لم تولد بعد، وها هي هذه الأجيال قد ولدت بالفعل لتلبّي النداء ولتسير على طريقك وتفتدي الأمة بالأرواح والمهج والدماء… ولتثبت أنّ فينا قوة لو فعلت لغيّرت وجه التاريخ، وها هي تنهض وتفعل على امتداد ساحات الأمة لتغيّر هذا الواقع القاتم، وتصنع الغد الناصع الزاخر بالكرامة والعزّة.

ا ن فلسطين الغالية على قلبك تنتفض وتثور، ويزهر فيها الربيع الحقيقيّ… لا ذلك الربيع الزائف المزوّر الذي لم يلبث أن تحوّل إلى خريف تتساقط أوراقه الصفراء تباعاً، ويتعرّى أمام حقيقة أمّتنا التي بعثتها من السبات، وأيقظت فيها الإرادة الحرة، وأضأت لها طريق الوحدة والنهضة.

إنّه تموز… شهر الفداء السوري… تموز الذي تحوّل دمه إلى شقائق نعمان تخبرنا بأنّ النصر قادم محالة.

البقاء مّتنا والخلود للشهداء.

عضو في مجلس النوّاب الأردنيّ

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى