دردشة صباحية

يكتبها الياس عشي

يُروى أنّ أحد الحكماء كانت لديه عجمةٌ في اللسان، فلا تستقيم «الراء» عنده إلّا «غاءً». وكي يتجاوز في حضرة الأمير وليِّ نعمته عيبه هذا كان يختار ألفاظاً ليس فيها «راء» واحدة، فأوغر بذكائه صدور الحسّاد، فوسوسوا في أذن الوالي كي يكشف عيبه، عسى أن يطرده من مجلسه.

في اليوم التالي، كما العادة، توافد أهل المعرفة إلى مجلس الأمير، وكلّ منهم في شوق للتفرّج على الحكيم وهو يُطرد من البلاط. دخل الأمير، وما إنِ استوى على كرسيّه حتى طلب من الحكيم، في تحدٍّ واضح، أن يردّد أمامه الألفاظ الرائيّة التالية:

«أمَرَ أمير الأمراء، بحفر بئر في الصحراء، يشرب منها الشارد والوارد».

فابتسم الحكيم، وقال على الفور:

«حكم حكيم الحكماء، بفتح جبّ في البيداء، ينهل منها الذاهب والآتي».

فأدهشت بداهتُه الأميرَ الذي ضاعف جائزته السنويّة، فيما أصيب حسّاده بخيبة أمل.

تُرى هل يأتي وقت، ويستردّ بعض الملوك والأمراء العرب ألفاظهم العربية التي تتحدّث عن الشرف، والوفاء، والمروءة، وإغاثة الملهوف، بعد أن بالغوا في «عبرنة» لسانهم، وسقطوا في امتحان العودة؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى