قالت له
قالت له: أنا صادقة في أمرين: حبّك وشعوري بعدم الرضا. فماذا تقول؟
فقال لها: هذا معناه أنك تحبين بصدق وتبحثين عن مجهول يحقق لك الرضا بصدق. لكنك لا تعلمين عند مجيئه إذا أيقنت بلوغ الرضا، أيكون ذلك على حساب الحب أم لا يكون. لأن الحبّ الثابت هو الذي يتلازم مع فرح ورضا ليسا في محيط تأثيره، بل تحت إشعاعه في كل مناحي الحياة على رغم ضآلة العيش وضعف الحيلة في كثير من الأحيان.
فقالت له: لكنني حاسمة أنني لا أريد خسارتك!
فقال لها: صادقة أنتِ لذلك تريدين معادلة تجمع ما تريدين من رضا مع عدم خسارة بعض من هذا الرضا يوفره الحبّ. والحساب هو متى امتلأت خزائنك بالرضا وصار الحبّ فيها تتمة أو صار موضع تعديل. أما وهو ورضاك الوحيد فليس صالحاً للقياس.
فقالت: لماذا تحوّل تطلعي إلى الحياة وحبّ التقدم إلى نيل من مكانتك عندي؟
فقال لها: لأن الشعور بالانقباض في وجود الحبّ يشبه التواجد في العزاء والتطلع إلى ابن الفقيد، والقول: «مين خلّف ما مات». الفرح في الضعف والفقر هو من بديهيات نتاج الحبّ، وما عداه رفقة غالية وصداقة لا نتخلّى عنها. لأن الحبّ وحده كل الرضا وما عداه بعض الرضا وتطلّب لمجهول مفقود نحتاج إليه ونعدّل كل قديمنا وفقاً لمقاسات الجديد من أسباب الرضا. وما نحرص عليه نتلو عليه رغباتنا ليكون مستعداً لقبول التعديل وهذا ما تفعلين. ألا ترين أنه كلما ضاقت مساحة الأحلام يتمسك الأحبة ببعضهم، وكلّما اتسعت يفترق الكثيرون بداعي أنها الحياة؟ والأمر هو الرضا بعض أو كلّ، أو بعض مجهول منتظر.
فقالت له: أريد وعدك أنه مهما تغيّرت أسباب الرضا فأنت باق لا ترحل، ولن تغضب مهما كانت أحلامي سبباً في تعديلٍ لا يرضيك.
فقال: أنت واثقة من هذا لكنك تريدين التحقق قبل خطوة جديدة. هي الحروب الاستباقية سِمة العصر.
وتبسّم وضمّها وطبع قبلة على جبينها.