سياسة السعودية الاستفزازية تجاه طهران؟
ناديا شحادة
اتسمت العلاقة بين السعودية وإيران بالاحتقان الشديد بسبب الخلافات السياسية والمذهبية على مرّ التاريخ ووصلت إلى قطع العلاقات الدبلوماسية في مناسبات عدة، حيث قطع لأول مرة في العام 1988 بعد مصرع أكثر من 400 شخص معظمهم إيرانيون أثناء أداء فريضة الحج في منى إثر مواجهات مع عناصر الشرطة السعودية وقد تمّ استئنافها في العام 1991، لتقطع مرة أخرى في 3 كانون الثاني إثر اقتحام سفارة الرياض في طهران احتجاجاً على إعدام الشيخ نمر النمر في 1 كانون الثاني..
فالسعودية التي تعتبر إيران المنافس الأول لها، والتي أعلن وزير دفاعها محمد بن سلمان أول من امس 7 كانون الثاني الحالي أن بلاده لن تسمح باندلاع حرب بينها وبين إيران بعد التصعيد الأخير بسبب إعدام الشيخ نمر النمر، افتعلت العديد من الأحداث الكبيرة مع إيران منها حادثة حجاج منى، التي أدت إلى انعكاس الخلاف السعودي الإيراني على شكل تلاسن إعلامي وسياسي متصاعد على خلفية الكارثة التي وقعت وأدت إلى وفاة الآلاف من الحجاج من بينهم 464 إيرانياً. تلك الحادثة التي وجّهت ضربة قوية للمملكة وأسرتها الحاكمة في توقيت حرج للغاية، حيث تخوض حرباً مفتوحة النهايات ضد اليمن ولم تستطع حسمها بعد رغم انخراطها بكل قوة وانتقلت إلى حدودها الجنوبية على شكل حرب استنزاف وكذلك انهيار مشروعها في سورية الرامي إلى إسقاط الدولة السورية.
فالنظام السعودي المكابر والرافض تقبّل الخسائر التي لحقت به واستمرّ في سياسته الاستفزازية تجاه الجمهورية الإسلامية الإيرانية، رغم تورطه في أزمات المنطقة، فبعد كارثة منى جاء إعدام الشيخ نمر النمر. وقد أكد مندوب إيران الدائم في الأمم المتحدة أن سياسة الرياض استفزازية حين بعث برسالة إلى بان كي مون يدين فيها إقدام السعودية على إعدام رجل الدين، واصفاً هذا الإجراء بالاستفزازي.
الشيخ نمر النمر الذي حصر أنشطته في معارضة النظام وممارساته التهميشية لطائفته بالطرق السلمية، أدى إعدامه من قبل السلطات السعودية إلى تصاعد حدة الخلاف بين الرياض وطهران، التي أعلن رئيسها حسن روحاني في 5 كانون الثاني الحالي أن السعودية لا يمكنها إخفاء جريمتها بقطع رأس رجل دين بارز من خلال قطع علاقاتها السياسية مع إيران .
ومع استمرار تداعيات عملية الإعدام، قامت قوات التحالف الذي تقوده السعودية، في 7 كانون الثاني، بشن ضربات جوية على السفارة الإيرانية في صنعاء فأكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أن السعودية تتحمل مسؤولية الأضرار التي لحقت بمبنى السفارة وإصابة بعض العاملين فيها، مشيراً إلى أن هذا الإجراء المتعمّد للحكومة السعودية يُعَدّ انتهاكا للمعاهدات والقوانين الدولية كافة في مجال حماية امن الأماكن الدبلوماسية في الأوضاع كافة.
فمع قيام الحكومة السعودية التي تعيش حالة من القلق والخوف على ضياع رأسمالها الأبرز الذي تدعيه دائماً، وهو الاستقرار الداخلي تلك الأكذوبة التي يسوقها حكام السعودية، والتي جاء إعدام المعارض الشيخ نمر النمر لأسباب داخلية على حسب ادعائها، ولكن الجميع يدرك أنها سياسة استفزازية في المقام الأول لطهران، وليأتي بعده قصف السفارة الإيرانية في اليمن، ليؤكد الخبراء الاستراتيجيون على انه لا بد من أن هناك أهدافاً محددة خلف هذه الخطوات السعودية المفاجئة التي اتسمت سياسة حكامها في الآونة الأخيرة بالارتباك وردود الفعل المتسرعة، ولكن يبقى السؤال ماذا تريد الرياض وما الأهداف التي تسعى لها جراء سياستها الاستفزازية تجاه طهران؟