كورتز: لإيجاد رؤية مشتركة لأزمة اللاجئين باسيل: على المجتمع الدولي الإيفاء بتعهداته
في إطار زيارته للبنان، والتي تستمر حتى يوم غد الأحد، جال وزير الخارجية النمساوي سيباستيان كورتز على المسؤولين اللبنانيين وعرض معهم التطورات والعلاقات الثنائية بالإضافة إلى ملف النازحين السوريين.
والتقى كورتز رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقرّ الرئاسة الثانية في عين التينة ورئيس الحكومة تمام سلام في السراي الحكومية.
وفي قصر بسترس، اجتمع إلى نظيره اللبناني جبران باسيل، في حضور سفيرة النمسا في لبنان أورسولا فهرينغر، ومدير الشؤون السياسية في وزارة الخارجية النمساوية الكسندر مارسشيك، ومدير الشؤون السياسية السفير شربل وهبة. ثم عقد الجانبان مؤتمراً صحافياً استهلّه الوزير باسيل لافتاً إلى أنّ البحث تطرق إلى الأزمة السورية ودور النمسا في «يونيفيل» والانتهاكات «الإسرائيلية».
الأزمة السورية
وقال باسيل: «لقد أصبح من الواضح أنّ الأزمة السورية لا يجب أن تُحل عن طريق الحرب والعنف. إنّ العنف لا يجر سوى المزيد من العنف، وكلما طال أمد الصراع كلما استعصى حلّه. نحن ملتزمون بسورية علمانية موحّدة يعيش فيها جميع السوريين بسلام جنبًاً إلى جنب ويمتلكون حقّ تقرير المستقبل السياسي لبلدهم. تبقى الديبلوماسية والحوار السبيل الوحيد لإحراز التقدم. وعليه، كانت مشاركتنا الصادقة في مسار فيينا. من الأهمية بمكان إيجاد حلّ للأزمة في سورية، ليس فقط لما تسببت به من خسائر فادحة في الأرواح والبنية التحتية والممتلكات والاقتصاد، بل لأنّ إنهاء الحرب يعني كذلك توجيه ضربة قوية للإرهاب، والحدّ من تدفُّق النازحين، والتخفيف قليلاً من حدة التوتر الاستراتيجي في المنطقة. كما ركَّزنا على أزمة الهجرة، فنحن على علم بوجود مجموعة من قواعد القانون الدولي حاليًّا تقوم على المبادئ الأساسية واتفاقية جنيف لعام 1951 التي لسنا طرفًاً فيها . يلتزم لبنان بمعظم أحكام هذه الاتفاقية بشكل طوعي. حاولنا عدم الخروج عن مجموعة القواعد هذه، انطلاقًاً من اعتبارات إنسانية والتزاماً بمبدأ عدم الإعادة القسرية ومراعاةً للروابط التاريخية التي تجمع بين السوريين واللبنانيين».
وأكد «أنّ موقفنا هو أنّ العودة الآمنة للنازحين السوريين، مع الالتزام بمبدأ عدم الإعادة القسرية، هي الحلّ الدائم الوحيد لهذه الأزمة، وأنّ الظروف لمثل هذه العودة الآمنة يمكن أن تسبق التوصل إلى حلّ سياسي للصراع في سورية».
وأضاف: «تشاركنا عزمنا على محاربة انتشار الإرهاب: ينبغي كبح المنافسة الاستراتيجية من خلال محاولة إيجاد حلّ دبلوماسي لهذه الصراعات الدامية التي تعصف بالمنطقة والمؤاتية للإرهابيين. ينبغي تفكيك شبكة التجنيد الإلكترونية تدريجياً، ووضع حدّ لمساوئ الاقتصاد الأسود».
وأكد «أنّ النموذج اللبناني في التعايش والتسامح هو نقيض النموذج المرعب لشرق أوسط غارق في الفوضى أو منقسم على أسس طائفية»، لافتاً إلى «أنّ الحفاظ على النموذج اللبناني الفريد في تقاسم السلطة السياسية القائم على مبدأ «المساواة في التنوع أصبح عاملاً أساسياً في معركتنا المشتركة لصون المنطقة ملاذاً للتنوع وحماية هويتها التعددية».
اللجوء والمساعدات الإنسانية
من جهته، قال الوزير كورتز: «لبنان دولة رئيسية في المنطقة بالنسبة الينا، وقد تشاركنا الآراء لا سيما التحديات في المنطقة، كما ناقشنا أزمة اللاجئين السوريين، ولبنان هو الأكثر تأثّراً بهذا الأمر».
وأضاف: «رغم أنّ الأعداد عندنا لا توازي الأعداد التي تستضيفونها، إلاّ أنّ النمسا تعتبر من أكثر الدول المتضرّرة من دول الإتحاد الأوروبي، وهي تستضيف مئة ألف نازح سوري، وهي الثانية في دول الاتحاد التي تستقبل أكبر عدد من هؤلاء. الموضوع الثاني الذي ناقشناه هو الوضع في الجنوب، وتُشارك النمسا بـ 200 جندي ضمن قوّات يونيفيل، وهي تُساهم بأمن الجنوب، وأنا سعيد للفرصة التي أتيحت لي بلقاء هؤلاء الجنود».
وفي سياق منفصل وردّاً على سؤال حول التوتر السعودي ـ الإيراني، أكد باسيل «أنّ لبنان يقوم على الديمقراطية والحريات العامة ويشجّع عليهما وعلى حرية التعبير ولا يوافق إطلاقاً على أي قمع لها، فكيف الحال بقتل أو بإعدام أي معارض سياسي، إلا أنه في الوقت ذاته، لا يتدخّل بالشؤون الداخلية لأي دولة عملاً برغبته بعدم التدخّل من قبل أحد في شؤونه الداخلية استناداً لميثاق جامعة الدول العربية ومبدأ سيادة الدول وقوانينها على أرضها. وبمعنى آخر، إنّ لبنان يدين ويرفض الاعتداء على أي بعثة دبلوماسية أو قنصلية ويستنكر التعدي على طواقمها ويطالب بأخذ الإجراءات بحقّ المخالفين، إلا أنه في الوقت نفسه، يعتبر أن أموراً كهذه، إذا حصلت من خارج إرادة السلطات المعنية، وتمّ اتخاذ ما يلزم من قبلها، فإنّه يمكن تخطّي الأمر إلى اعتبارات كبرى وهو ما يذكّرنا بما حصل عام 2006 من اعتداء على السفارة النمساوية في لبنان، حيث تمّ تخطي المسألة من خلال التعاون بين الدولتين».
وبالعودة إلى أزمة النازحين، أمل باسيل «أن يلتزم المجتمع الدولي بالتعهّدات التي قام بها»، مؤكداً «أنها مسؤولية مشتركة في تحمّل هذا العبء».
وعقّب الوزير النمساوي على كلام الوزير باسيل فقال: «من الضروري إيجاد رؤية مشتركة جامعة في المنطقة للاجئين السوريين. ونأمل أن تكون المساعدات المالية تؤمّن ذهاب الأولاد إلى المدارس».
بعد ذلك، تمّ التوقيع على إعلان مشترك يتعلّق بتشجيع وتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، والاستفادة الكاملة من خبراتهما.