هكذا قَتَل الجيش السوري زهران علوش…

باريس نضال حمادة

قبل أيام عدة من تمكّن الجيش السوري من قتل زهران علوش نجا الرجل من عملية قصف مماثلة على دوما، وكان قد غادر المكان قبل دقائق من عملية القصف.

كانت هي المرة الرابعة التي ترصد فيها وحدة المهام الخاصة في الجيش العربي السوري مكان وجود زهران علوش، غير أنه في المرات الثلاث السابقة باءت عمليات القصف بالفشل، بسبب روتين الأمر العسكري الذي كان يأخذ وقتاً، ما مكّن زهران علوش في كلّ مرة من مغادرة المكان المرصود.

تقول معلومات من مصادر ميدانية موثوقة: كان يوم الثالث من أيلول من العام الماضي يوماً مفصلياً في حياة زهران علوش الذي اضطر إلى تغيير نظام تنقله واتصالاته بعد غارة جوية سورية استهدفت مبنى كان قد غادره قبل دقائق قليلة، يومها تأكد زهران علوش أنّ هناك قراراً بتصفيته، وأنّ هذا القرار وضع حيّز التنفيذ، فاتخذ إجراءات احترازية اكبر لإخفاء تنقله وأماكن إقامته، في المقابل أيضاً اتخذ قراراً انتحارياً بالخروج من دوما باتجاه ضاحية الأسد وقطع طريق دمشق حمص عبر اوتوستراد حرستا، وهذا ما حصل يوم الثاني عشر من أيلول الماضي، أيّ بعد تسعة أيام من نجاته من القصف، وقد مرّ المسلحون التابعون لجيش الإسلام باتجاه الطريق السريع الواصل بين دمشق وحمص عند حرستا، عبر نفق يُعرَف بنفق مهرّبي الدخان ووصلوا إلى أطراف ضاحية الأسد، وتمكنوا من قطع طريق دمشق حمص عند حرستا، وسيطر المهاجمون لأيام عدة على الكسارات، الإنشاءات، مفرزة الأمن العسكري، شركة البيجو وتلال محيطة بضاحية الاسد ومطلة على الاوتوستراد السريع.

كانت هذه العملية بالنسبة إلى زهران علوش كمن يهرب إلى الأمام، من حتفه المرتقَب حسب المصادر، وأدّت إلى تسريع البحث عنه وقتله. وتضيف المصادر نفسها أنه بعد عملية حرستا والضاحية دخل رجال عديدون من قوة المهام الخاصة في الجيش السوري إلى عمق مناطق الغوطة، كجزء من عملية معقدة ومدروسة للبحث عن زهران علوش، وتقول المصادر أيضاً إنّ دور مجموعة المهام الخاصة كان معرفة تنقلات زهران علوش وتحديد موقع تواجده وإرسال المعلومات إلى جهة معينة أوكلت متابعة هذا الموضوع.

المصادر قالت أيضاً، إنه بعد نجاة علوش من هجوم في الغوطة قبل أيام من مقتله، أنيط إعطاء الأمر لتنفيذ عملية الاغتيال بمكان واحد تتواصل معه مجموعة المهام الخاصة. وهذه الجهة تُعطي الأوامر لطائرة تقوم بقصف الهدف تجنّباً للمرور بروتينات المناصب والأوامر العسكرية التي تأخذ دقائق تكفي لفرار الهدف. المصادر تقول إنه منذ الدخول العسكري الروسي إلى سورية اعتمد الجيش السوري تكتيكاً جديداً في عملياته الجوية، حيث يتمّ تحميل المعلومات عن الهدف من القمر الصناعي ومركز العمليات للطائرة وهي تحلّق في الجوّ ودون أن تعرف الطائرة ماهية الهدف الذي أعطيت الأمر لقصفه.

في عملية زهران علوش التي استخدم فيها هذا التكتيك الجديد كان للطائرات المسيّرة دور كبير أيضاً في مراقبة مناطق محدّدة في الغوطة. أشارت المعلومات إلى وجود علوش فيها، وكانت الطائرات المسيّرة هي وسيلة الاتصال بين مجموعة المهام الخاصة والقائد المسؤول عنها.

كانت المعلومات تشير إلى أنّ زهران علوش استثنى مدينة دوما من تنقلاته وإقامته، وأنه يتنقل ويقيم في القرى والبساتين المحيطة بالمدينة، ما جعل عملية المراقبة والبحث أسهل عملياتياً بسبب استثناء مدينة دوما المكتظة بالسكان، وبذلك يمكن تجنّب وقوع خسائر بشرية في صفوف المدنيين، فضلاً عن سهولة مراقبة القرى والبلدات والمزارع عبر الطائرات المسيّرة مقارنة مع دوما ذات العمارات الكبيرة والشوارع الضيّقة والاكتظاظ السكاني الكبير داخلها.

وحسب المصادر رصد أحد المقرّبين من زهران في مزرعة في إحدى قرى الغوطة الشرقية، حيث عملت طائرة مسيّرة على مراقبة المكان، ورصدت بعد ظهر يوم العملية وصول سيارتين فيها مجموعة من الرجال إلى المزرعة المؤلفة من بيوت عدة، عندها أعطى القائد الأمر بتنفيذ العملية فوراً، وأقلعت طائرة يقودها طيار سوري، وفي الجو تمّ تحميلها بالمعلومات عن الهدف، حسب التكتيك الجديد المتبع، وأطلقت الطائرة ثمانية صواريخ على المزرعة من مسافات بعيدة. ويشير خبراء عسكريون إلى أنّ تصوير عملية القصف تمّ عبر الأقمار الصناعية وليس عبر الطائرة التي يُعتقد أنها من طراز سوخوي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى