محاولتان لاغتيال رياض الصلح

إعداد: لبيب ناصيف

نعلم جميعنا أن الرفقاء: الشهيدان محمد أديب الصلاح وميشال الديك، وأسبيرو وديع، أقدموا في عمان على إنزال حكم الإعدام برياض الصلح لموقفه العدائي ومسؤوليته عن صدور حكم الإعدام بسعاده في المحكمة المهزلة التي حصلت ليل السابع من تموز 1949.

ومعظمنا يعلم أن محاولة لاغتيال رياض الصلح جرت في 9 آذار 1950 نفذها الرفيق توفيق رافع حمدان 1 .

إلا أن قليلين منا يعلمون أن محاولتين لاغتيال رياض الصلح أعدّتا قبل ذلك. هذا ما يتحدث عنه الأمين غسان عزالدين في الجزء الثاني من مؤلفه «حوار مع الذاكرة» والرفيق حسين الشيخ في الصفحتين 31-32 من كتابه «ثلاث رصاصات هزت لبنان» .

عن كتاب الأمين غسان عزالدين الجزء الثاني: صفحة 48

« لست أدري فيما إذا كان أحد من الذين كتبوا مذكراتهم قد أتوا على ذكر محاولة ثانية كانت ستتم بقصد اغتيال رياض الصلح بقيت مكتومة، وما أذكره عن تلك المحاولة التالي:

توفي والد الرفيق المناضل المؤمن النشيط محيي الدين كريديه… وقد شارك بعض رفقاء منطقة رأس النبع، البسطة، الطريق الجديدة في المأتم.

بعد المأتم بمدة جاء الرفيق محيي الدين يخبر المسؤول عنه أن رئيس الحكومة آنذاك رياض الصلح سيحضر الذكرى التي ستقام بمناسبة اسبوع والده. مجرد إعطاء علم وخبر، وكان الرفيقان فؤاد شاوي 2 وذوقان أبو كامل 3 محضّرين للقيام بمحاولة ثانية. فتقرر أن تكون المحاولة خلال تواجد الصلح في الذكرى وكان القرار أن تتم عملية القتل بواسطة الخناجر.

« في اليوم الثالث طُلب منهما التوجه لزيارة منزل الرفيق كريديه تحت ستار تعزيته ودراسة أوضاع المنزل، وتمّ ذلك. تبيّن أن هناك باباً جانبياً يؤدي إلى الشارع الجانبي من المنزل فأضيف اسم الرفيق لويس نصار سائق الزعيم بعد عودته وكانت مهمته أن يوقف سيارته ويبقى داخلها منتظراً في الشارع الخلفي ليؤمن فرار فؤاد وذوقان.

كنت من بين الرفقاء الذين ذهبوا للمشاركة في الذكرى من دون أن تكون لدينا أي فكرة عمّا يُحضّر، وماذا سيحصل… وعندما وصلنا إلى مدخل منزل آل كريديه شاهدنا أكثر من عشرة من رجال الشرطة في لباس خاص، أعتقد أن ارتداءه كان في مناسبات استقبال شخصيات حكومية.

وعندما دخلنا، شاهدنا كرسياً كبيراً مميزاً موضوعاً في الصف الأمامي، وشاهدتُ الرفيقين فؤاد شاوي وذوقان أبو كامل وكنت أعرفهما جيداً وكل منهما يجلس في مكان مواجه للآخر. وخلال وجودي سمعت حديثاً يدور حول تأخر الرئيس في الحضور. عندها عرفت أن الرئيس الصلح سيحضر المناسبة، وبعد حوالي النصف ساعة وصل أمين سرّ رئيس مجلس الوزراء وأعلن عن اعتذار الرئيس عن الحضور لأسباب طارئة، وأنه حضر بتكليف منه لتمثيله.

« انتهى «الأسبوع» وغادر الجميع وتبيّن فيما بعد أن أحد الشخصيات الصديقة لرئيس الحكومة، عندما لاحظ وجود عدد كبير من قوميي المنطقة الذين يعرفهم، في المناسبة، اتصل هاتفياً بالرئيس الصلح قائلاً له، لا تغادر المنزل، مسافة الطريق وأكون عندك. وعندما وصل أخبره بما شاهده في منزل آل كريديه. أصرّ الحضور في منزل رئيس الحكومة عليه بعدم الذهاب لحضور الأسبوع وانتداب من يمثله.

عن كتاب الرفيق حسين الشيخ الصفحتان 31-32

« في أحد الاجتماعات السرّية في منزل الرفيق يوسف أحمد حكيم وشقيقته يسر 4 ، وكان بحضور الرفيق يوسف حداد، حيث أرسلوا بطلبي على اعتبار أن منزلي كان قريباً من منزل الرئيس رياض الصلح، كانت صلة الوصل في ما بيننا الرفيقة يسر التي اتفقنا معها على أن تُحضر قطعة السلاح إلى منزلنا، وأن يأتي الرفيق حكيم إلى شرفة المنزل ليطلق النار على الرئيس الصلح. كان حكيم جسيماً رياضياً، لقد تعارفنا عن طريق الرفيق محيي الدين كريديه 5 ، فكنا نسبح سوية في فصل الشتاء في مسبح الحمام العسكري. كان طويلاً رياضياً، مقداماً شجاعاً، لا يعرف الخوف أبداً.

« المهم أنني انتظرتُ شقيقته يسر على أن تأتي ومعها قطعة السلاح، حسب الاتفاق، ولكنها لم تحضر. بعد أن انتظرتها طيلة النهار، سارعتُ في اليوم التالي إلى منزلها لأعرف سبب التأخير، طرقتُ الباب، تفاجأت ثم قالت من خلف الباب: حسين لا تدخل ولا تأتي إلى منزلنا، فقد تمّ إلقاء القبض على أخي.

في اليوم التالي، أتى رجال أمن الدولة الى البناية المجاورة لبنايتنا، ففتشوها طابقاً طابقاً، وبدّقة ملفتة. لم يكن باستطاعتنا السؤال عن السبب. إذ كان من الصعب علينا الدخول إلى المنطقة المحيطة إلا بعد التفتيش، وبعد إغلاق كل من منافذها ومنع التجول فيها بالسيارات. خصوصاً بعد استشهاد الزعيم. لقد أخذ الصلح كل الاحتياطات اللازمة التي أقلقت أهالي المنطقة بكاملها. من صيدلية الشعار إلى آخر شارع عمر بن الخطاب، وكانت بنايتنا في هذا المحيط.

« كنا، يضيف الرفيق حسين، أحياناً نلتقي سراً، كما كنا نضع بعض المراقبين بعيداً من مكان الاجتماع، وقريباً من مدخل البناية لإعطاء الخبر قبل وصول الدرك أو الأمن، كما كنا نرفق اجتماعاتنا بأنواع من الدربكات وآلات الطرب الشعبية التي نتناوب على الدقّ عليها لإيهام من يراقبنا أو من يودّ دخول البيت بأننا نحيي مناسبة اجتماعية سعيدة، بقصد التمويه».

هوامش:

1. توفيق رافع حمدان: من «عين عنوب». من أبطال الحزب. عممنا بتاريخ 24/11/2015 النبذة عن محاولته اغتيال رياض الصلح، لمزيد من الاطلاع الدخول إلى موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info.

2. فؤاد الشاوي: من طرابلس. تولى مسؤوليات وكان من الناشطين حزبياً، شقيقه الأمين اسكندر شاوي.

3. ذوقان بو كامل: من بعقلين ومن أبطال الحزب، سنحكي عنه لاحقاً

4. يوسف ويسر الحكيم. نشطا حزبياً في خمسينات القرن الماضي. من أبناء العاصمة بيروت.

5. محيي الدين كريدية: من بيروت، ومن أبطال الحزب. أتينا على ذكره في أكثر من مناسبة. مراجعة الموقع المذكور آنفاً.

أحد أعلام مدينة حمص الرفيق الدكتور سامي سحلول

عن أحد أعلام مدينة حمص، وواحد من مناضلي الحزب فيها، نقدّم نبذة عن الرفيق الدكتور الراحل سامي سحلول آملين أن تهتم منفذية حمص لاحقاً بإغناء تلك النبذة وفاءً لرفيق كان له حضوره المتقدّم.

بتاريخ 5/10/1999 نشرت جريدة «العروبة» الصادرة في حمص مقالاً عن الرفيق د. سحلول تحت عنوان «من أعلام حمص الدكتور سامي سحلول» ننشر أبرز ما جاء فيه.

يعتبر الدكتور سامي شرف الدين سحلول من الشخصيات الاجتماعية ومن المختصين في طب العيون وجراحتها، له مساهمات جادة في الوسط الثقافي تؤهله لأن يكون واحداً من أعلام المدينة في العصر الحديث.

ولد الدكتور سامي شرف الدين سحلول في مدينة حمص عام 1924 وفيها تلقى علومه الابتدائية والإعدادية والثانوية، انتسب إلى الجامعة الأميركية لدراسة اللغة الإنكليزية.

بعد سنة من دراسة الإنكليزية عاد إلى دمشق وانتسب إلى الجامعة السورية كلية الطب وبعد أن أمضى فيها ثلاث سنوات، انتقل إلى جامعة مونبلييه في فرنسا ليتابع دراسة الطب فيها.

وفي عام 1949 أسس أول رابطة للطلاب العرب في فرنسا كان من أهم أهدافها، عدم التدخل في السياسة الفرنسية، إنما تعميق الصلات بين الطلاب العرب، وحصل على برنامج في الإذاعة المحلية عرّف من خلالها الفرنسيين بأهداف هذه الرابطة وبنشاطاتها القومية.

اضطر إلى الانتقال إلى جامعة باريس لمتابعة دراسة الطبّ واختص في طبّ العيون وجراحتها، بالوقت الذي كان يعمل فيها مراسلاً في هيئة الأمم المتحدة.

وفي عام 1954 عاد إلى الوطن ليؤدي خدمة العلم طبيباً مجنداً في كلية ضباط الاحتياط بحلب. لما كانت مدينته تفتقر الى أطباء عيون مختصين، غادر حلب إلى حمص بطلب من وزارة الصحة، فافتتح فيها عيادة بالإضافة إلى رئاسة الشعبة العينية في مديرية الصحة، مع تعاقد مع القوات المسلحة لمعالجة الجنود المرضى.

كان طبيب العيون المختص الوحيد في المنطقة الوسطى، ولذلك وقعت عليه أعباء إنسانية كبيرة، حيث كانت عيادته تغصّ بالمراجعين من مدنيين وعسكريين فلا يردّ واحداً منهم.

كان يعرف باسم طبيب الفقراء، إذ لم يكن يكتفي بإعفاء مرضاه من الرسوم، إنما كان أيضاً يقدم لهم الدواء مجاناً. وفي عام 1969 ترك خدمة الجيش وانفرد بعيادته الخاصة وبرئاسة الشعبة العينية. ترشح لانتخابات مجلس نقابة الأطباء ثلاث مرات فاز بجميعها وشغل أمانة السرّ فيها فترة من الزمن.

عيّن الدكتور سحلول بمرسوم عضواً في المجلس البلدي، وعندما صدر مرسوم إحداث الإدارة المحلية رشح نفسه ونجح في دورتين متتاليتين. مارس دوره عضواً للمكتب التنفيذي لشؤون الثقافة والسياحة والآثار، وبالتعاون مع عضو المكتب التنفيذي لشؤون الثقافة في مجلس المحافظة وبدعم من مكتب الإعداد الفرعي تأسس مهرجان حمص الثقافي الفني عام 1981 وما يزال المهرجان يتألق عاماً بعد عام.

إلى جانب اهتمام الدكتور سامي سحلول بالأنشطة الثقافية، كان له نشاط اجتماعي وإنساني متميز في جمعية الهلال السوري والجمعية السورية لمكافحة السل، بالإضافة إلى عدد من الأبحاث الطبية والمحاضرات الثقافية والمشاركة في عدد من المؤتمرات الطبية، منها:

بحث في الديدان الصينية

بحث في مرض ظهر لأول مرة في سورية في منطقة الغاب بعنوان «خطر فيروس بورد يوم سبيري» الذي لا يظهر في الأدبيات الطبية إلا في المناطق الاستوائية.

بحث في علاقة العين بالأمراض الباطنية ألقاه في مؤتمر الجمعية السورية لأمراض العين التي أسهم في تأسيسها عام 1967.

«تولى الرفيق الدكتور سامي سحلول رئاسة فرع جمعية العاديات في حمص، التي كانت تأسست في حلب وأوجدت فروعاً لها في عدد من المدن الشامية، وله العديد من الأبحاث والمحاضرات، منها:

محاضرة بعنوان «جغرافية اللغة العربية» ألقاها أكثر من مرة.

محاضرة بعنوان «التاريخ بين المدونات والمكتشفات الأثرية» ألقاها في نقابة الأطباء وفي المركز الثقافي.

ليبرز من خلال هذه الأنشطة واحداً من الشخصيات الحمصية التي أثبتت حضورها في الساحة الثقافية المعاصرة على مختلف المستويات الثقافية والصحية والاجتماعية.

وما تكريم مجلس مدينة حمص للدكتور سامي سحلول ضمن فعاليات المهرجان الثقافي الفني الثامن عشر إلا عربون محبة ووفاء من مدينة لا تنسى أعلامها ومبدعيها.

انتمى الرفيق سحلول في أوائل الأربعينات وتولى مسؤولية منفذ عام حمص.

سجن في» المزة « عقب اغتيال العقيد عدنان المالكي، واستمر على إيمانه القومي الاجتماعي وثباته على العقيدة.

خاض الانتخابات النيابية منفرداً عام 1954، ونال 17000 صوتاً في مواجهة لائحتين قويتين: أولى مدعومة من الدولة، والثانية من الإقطاع.

الرفيق أنور فهد من رفقاء مدينة حمص، وكان نشط حزبياً في الوطن والخارج، وقاتل في صفوف الجيش الشامي، ثم في صفوف الحزب، وقد ذكرناه في كثير من المناسبات مراجعة قسم أرشيف تاريخ الحزب على الموقع التالي: www.ssnp.info منه هذه الشهادة في رفيقه الدكتور سامي سحلول:

«التقيت الرفيق الفقيد منذ عام 1938 في مرحلة الدراسة الابتدائية في الحي الذي نقيم فيه، إلى أن التقينا بمدرسة الحياة في الحزب السوري القومي الاجتماعي. كنت على صلة دائمة به خلال مدة وجوده في فرنسا لدراسة طبّ العيون.

لم يقتصر نشاطه على الشأنين الحزبي والطبّي بل كان له جولات في الميدان الثقافي وقد نال عدة شهادات تقديرية. التقيته في سجن المزة وفي المحكمة العسكرية إثر اغتيال العقيد عدنان المالكي. بعد اطلاق سراحه كانت لي اتصالات مستمرة معه. كان آخر لقاء لي معه لدى زيارتي إلى ربوع الوطن إذ فيما كنت متوجهاً لزيارته، إذ بصوته يناديني: رفيق أنور… ويعانقني مهنئاً إياي بسلامة الوصول ومعتذراً مني اذ كان مضطراً لمتابعة طريقه كي يتسلم راتبه التقاعدي، ثم علمت عن مرضه، من شقيقه الرفيق فرحان، فتتالت زياراتي له في منزله، كان يتمتع بمعنويات عالية ويعتزّ ويفخر بزيارات رفقائه له.

الرفيق جورج ديراني

كنا بتاريخ 18/12/2013 عممنا نبذة نضيء بها على الرفيق المصارع جورج ديراني.

في كتابه «الماضي المجهول» يروي الرفيق متى اسعد في الصفحتين 161-162، التالي:

«بعد انتهاء السهرة مع الرفيق أمين معوض 1 ، قابلت في اليوم التالي عميد الدفاع فضل الله ابو منصور 2 الذي سلّمني مسؤولية اللاسلكي وأعطاني أجهزة حديثة وطلب مني تدريب فرقة من القوميين على المخابرات الهاتفية، وهكذا جمعت عدداً من الرفقاء منهم: عفيف الجوهري 3 ، نديم أحوش، دياب ديّوب 4 ، سجيع حبش، إنطانيوس قنيزح، عادل طبري 5 ، إبراهيم سليمان 6 ، وبدأت بتدريبهم إلى أن أتقنوا أسرار التخاطب والتخابر الهاتفي. وكان لهذه الفرقة دور مهم في المعارك التي خاضها الحزب في تلك المرحلة.

اقترحت على عميد الدفاع استئجار المنزل المقابل لعمدة الدفاع، وهو الطابق العلوي من منزل الرفيق أمين معوّض، الذي لم يكن مسكوناً فقدّمه لنا مجاناً، لكن الحزب لم يقبل بذلك فدفع له الايجار. نصبت خيمة على السطح، حيث صرت أدرّب الرفقاء فيها.

وهنا أريد أن أذكر هذا الحادث الطريف الذي حصل معنا في البوشرية.

في أحد الأيام نزلت من بيت الشعار مع الرفيقين محمود نعمة 7 والرفيق المصارع جورج ديراني إلى سد البوشرية بدعوة على فنجان قهوة من الرفيق جميل حدّو اللاطي. وعند وصولنا إلى كنيسة مار مخايل، كان علينا أن نسلك طريقاً ضيقة نسبياً وكان الرفيق ديراني يقود السيارة ببطء غير أن سيارة قادمة من الجهة الجنوبية بسرعة فائقة صدمت سيارتنا وأنزلت إطارها الأمامي في خندق المياه الشتوية وكسر ضوء سيارتنا إثر الصدمة، فتوقفنا ونزل صاحب السيارة المسرعة وجاء إلينا مهدّداً… « العمى في عيونكم مش شايفين قدامكم». هنا تحفّز الرفيق جورج للنزول إليه فقال له الرفيق محمود: «جورج قعود عاقل»، وراح الرفيق محمود يهدىء الأمور، غير أن صاحب السيارة التي صدمتنا راح يصرخ بأعلى صوته: « بدكم تدفعوا تصليح السيارة وإجركم فوق رقبتكم ومدّ يده إلينا مهدّداً «، هنا قال الرفيق محمود للرفيق جورج ديراني: «جورج إنزل»، نزل جورج وأمسك بالرجل ورماه على شجرة أبو صفير داخل بستان مسوّر بالشريط الشائك فحطّ الرجل على أعلى الشجرة وراح يتدحرج نحو الأرض ببطء، غير أن هذا الرجل كان له أهل وأقرباء وبيتهم قريب من الحادث وهنا بدأت الصرخة وهجم الرجال، هذا بالعصا وذاك بالسكين ولم يكد يصل الرجل الأول حتى لحق برفيقه على الشجرة وراح يتدحرج. وأخذ الرفيق جورج شكل النسر المستعد للقتال، وعندما رأى القادمون ما حلّ برفيقهما! تراجعوا راكضين ونزل الرفيق جورج إلى خندق المياه الشتوية ورفع السيارة بمفرده وتابعنا سيرنا»..

هوامش:

1. أمين معوض: رفيق مناضل. تعاطى مع الرفيق متى أسعد ضمن أخلاق النهضة، والد زوجة الرفيق متى.

2. فضل الله أبو منصور: تحدثنا عنه ضمن النبذة بعنوان «وبعد 37 يوماً تمّ إعدام الخائن حسني الزعيم»، لمراجعة قسم أرشيف الحزب على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info .

3. عفيف جوهري: رفيق مناضل في الشام ولبنان. شارك في معركة شملان. غادر إلى كوماسي متولياً مسؤوليات محلية. عاد الى بيروت نهائياً وكان يملك محلاً بجوار مكتبة بيسان في رأس بيروت.

4. دياب ديوب: عرفته مسؤولاً في منفذية ليبيريا، منها مسؤولية ناموس منفذية، وكان ناشطاً حزبياً. ما زلت أذكر خطه البديع بالعربية، والترتيب الرائع للتقارير التي كان يرفعها.

5. عادل طبري: شارك في الثورة الانقلابية. خرج مع العفو في شباط 1969. تولى مسؤوليات حزبية في الشام ولبنان. منح رتبة الأمانة، وانتخب عضواً في هيئة منح رتبة الأمانة. مقيم في ضواحي الشام حالياً.

6. ابراهيم سليمان: من الكيان الشامي. كان انتقل إلى لبنان مستقراً في الكورة. تولى فيها مسؤولية منفذ عام. منح رتبة الأمانة

7. محمود نعمة: الضابط في الجيش الشامي. البطل الشهيد.

مواقف الرجال… نقلاً عن كتاب – مذكرات للأمين علي المير ملحم 1

وصلنا سالمين مع الأسير 2 إلى ديك المحدي، الذي انضم إلى مجموعة الضباط المعتقلين وعلى رأسهم قائد الأركان العقيد شميط وقائد الأمن العام العقيد جلبوط وغيرهم كثير.

وكان الرئيس الأمين عبدالله سعادة مضطرباً وهائجاً كالنمر الجريح، وكذلك الأمين أسد الأشقر، وشرحت لهما الموقف العسكري في وزارة الدفاع.

وعند انبلاج الفجر اصطحبنا الأسرى إلى دير مار سمعان في بسكنتا مقابل جبل صنين.

هناك طلب منا الرئيس عبدالله سعادة بصفتنا شوام مغادرة لبنان لأننا مستهدفون حتى الموت… وبعد المذاكرة معه اقترحنا عليه مرافقتنا إلى دمشق وهناك يعلن اللجوء السياسي. وافق على الطرح، فركبنا السيارة قاصدين الشام صبيحة اليوم الأول من كانون الثاني 1962، وفجأة نزل من السيارة وقال لنا: «اذهبوا إلى الشام لأنكم مستهدفون هنا، أما أنا فسأبقى أناضل مع رفقائي حتى ألقى مصيري».

حاولنا ثنيه كثيراً عن ذلك لكنه أصرّ على موقفه، عندئذٍ دمعت عيناي إجلالاً وحباً وإكباراً لهذا الرجل ولهذا الموقف القومي البطولي المؤمن بصحة العقيدة.

كان الرئيس عبدالله سعادة يحمل حقيبة صغيرة وسأل كلاً منا عن المبلغ الذي يحمله، وكنت أحمل في جيبي عشر ليرات لبنانية فقط، فأعطاني مبلغ 400 ليرة لبنانية لأستعين بها في الشام.

ركبنا سيارة أحد الرفقاء، من نوع فيات Fiat إلى الحدود اللبنانية- الشامية المصطنعة وكان معنا الرفيق محمود نعمة، ولما هممنا بالانطلاق ترجل الرفيق محمود من السيارة قائلاً: إنني ذاهب إلى وزارة الدفاع، ولما قلت له إني آتٍ من هناك وقد انتهى كل شيء ولكنه أصر بعناد قائلاً: إن هناك وقائع جديدة تجهلها، مما أدى إلى تأخره واختبائه في زحلة حتى اكتُشف أمره وقتل بعد اعتقاله كما هو معروف .

بعدئذٍ امتطينا السيارة: الرفيق الشاعر الأمين كمال خيربك من القرداحة ، الرفيق اسماعيل جمعة 3 ، الرفيق صبحي عبدالرحمن 4 .

هوامش:

1. علي المير ملحم، من مصياف تولى مسؤوليات محلية ومركزية منها مسؤولية وكيل عميد الدفاع.

2. أحد الضباط المعتقلين في المحاولة الانقلابية .

3. اسماعيل جمعة، من مدينة حماه، نشط حزبياً قبل الثورة الانقلابية، أمكنه الوصول إلى عمان فمغادرتها إلى نيجيريا، حيث نجح فيها كرجل أعمال.

4. صبحي عبدالرحمن، من مدينة بانياس، له مواقف بطولية مميزة ، غادر بعد الثورة الانقلابية إلى أفريقيا مستقراً في غانا، شقيقه الأمين عبدالكريم عبدالرحمن. نعمل على إعداد نبذة تعريفية عنه.

الأمين القديس

كانوا يدعونه «قديس الحزب» لما عُرف عنه من مزايا الصدق والاستقامة والتفاني والتضحية. هو الأمين الشهيد نسيب عازار.

عنه سيحكى الكثير اذ نباشر باعداد النبذات عن الرفقاء الشهداء الذين سقطوا في سنوات الحرب اللبنانية. وهذا الأمر يتطلب جهداً غير قليل.

من مذكرات الأمين علي المير ملحم هذه الشهادة.

« في خريف عام 1961، خطط الحزب للقيام بثورة مسلحة لقلب نظام حكم اللواء شهاب وتقرر ذلك على أعلى المستويات في الحزب. لكي يؤمن الحزب الأموال اللازمة للحركة دعا القوميين الاجتماعيين للتبرع، وبالطبع لم يفصح عن السبب الحقيقي بل وضع القوميين بصورة عاطفية معلناً حاجة الحزب القصوى لتغطية المصاريف اللازمة لاستمرار مسيرة الحزب.

تمّت دعوة الميسورين من القوميين الاجتماعيين الى اجتماع في مركز الحزب برأس بيروت، وفي الاجتماع ألقى رئيس الحزب الأمين عبدالله سعادة خطاباً عاطفياً حماسياً شارحاً وضع الحزب المالي وطلب من الحضور المساهمة بالدعم المالي.

كُلفت في هذا الاجتماع مع رفقاء آخرين بتسجيل المبالغ التي تعهد الرفقاء بدفعها وباستلام الشيكات الفورية من بعضهم.

ومن جملة من استلمنا شيكاً منه «الأمين القديس الشهيد نسيب عازار»، وعندما عرضنا على حضرة الرئيس الشيكات وحصيلة التبرعات قال: ما هذا؟ شيك من الأمين نسيب عازار بمبلغ 50 ألف جنيه، إني أجزم بأن هذا كل رصيده في البنك، ثم دعاه إلى مقابلته وقال له: إني أرفض هذا المبلغ لأنه مرهق لك، انما أصرّ الأمين نسيب على ما تبرع به، وحصل جدال حول هذا الموضوع بينهما.

« وخلال الجدال قال رئيس الحزب: إني أرفض استلام هذا الشيك، عندئذٍ أجابه الأمين الشهيد نسيب عازار قائلاً: « في حال إصرارك على الرفض سأقدم شكوى بحقك إلى المجلس الأعلى في الحزب بدعوى أنك تثبط من عزيمة القوميين الاجتماعيين».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى