سلمان: سعاده اغتيل لأنه أمتلك المعرفة وتمسّك بالحق والصراع
شهد مكتب مديرية جرمانا التابعة لمنفذية ريف دمشق في الحزب السوري القومي الاجتماعي ندوة حول كتاب «قبرص حصن سورية في البحر» لمؤلفه عضو المجلس الأعلى في الحزب سيمون حاجوج، وذلك بدعوة من مؤسسة رعاية أسر الشهداء في الحزب.
حضر الندوة إلى جانب حاجوج، العميد بشار يازجي، عضو المجلس الأعلى د. صفوان سلمان، وكيل عميد الإذاعة والإعلام منفذ عام ريف دمشق سمير حاماتي، وعدد من المسؤولين وقوميين ومهتمين.
سلمان
وألقى سلمان كلمة أكد فيها على أهمية كتاب «قبرص حصن سورية في البحر» الذي يغني المكتبة القومية. وحثّ القوميين على قراءة هذا الكتاب وضرورة السعى إلى المعرفة من خلال القراءة، فالكتاب بشكل عام قيمة معرفية تخدم القضية القومية.
وإشار سلمان إلى تزامن الندوة مع ذكرى استشهاد باعث النهضة السورية القومية الاجتماعي، وقال: «لقد اغتيل باعث النهضة الزعيم أنطون سعاده لأنه أمتلك المعرفة وتمسك بالحق والصراع».
حاماتي
ثم تحدث حاماتي، فقال: «في حومة الحرب البشعة يثبت العقل السوري والإرادة السورية، مجدّداً، قدرتهما على الإنتاج الفكري، إلى جانب الإنجازات الميدانية التي يحققها جيشنا ومقاتلونا. ولعل كتاب «قبرص حصن سورية في البحر» الذي بين أيدينا اليوم، هو أحد أشكال هذا الإنتاج الفكري، الذي اعتاد العقل السوري على تقديمه، حتى في أحلك الظروف والأحوال.
ولفت إلى أن الكتاب يشكل محاولة لإيضاح جوانب المسألة القبرصية بوصفها واحدة من المسائل القومية الداخلية، ويلقي الضوء على أبعادها المختلفة، لترسيخها في وعي القراء، سواء كانوا من المؤمنين بالقضية السورية القومية الاجتماعية والعاملين لها، أو من المهتمين بها وبالمسائل المتفرعة عنها.
أضاف: «كما يأتي الكتاب يأتي في ظل غياب عمل مستقل يتناول المسألة القبرصية، باستثناء بعض الدراسات والمقالات المتفرقة هنا وهناك، والتي تتطلب، من أجل الإطلاع عليها، مزيداً من عناء البحث والاستقصاء للوقوف على موقف العقيدة السورية القومية الاجتماعية منها».
حاجوج
وأخيراً، ألقى المؤلف حاجوج كلمة قال فيها: «تعتبر المسألة القبرصية إحدى المسائل الداخلة في إطار القضية القومية السورية التي أطلقها الزعيم أنطون سعاده منذ ما يزيد عن ثمانين سنة، إلا أن هذه المسألة لم تنل ما تستحقه من الاهتمام والدرس كغيرها من المسائل الأخرى على مدى هذه الفترة. وهذا ما دفعني إلى القيام بهذه المحاولة علّها تساهم في إيضاح ما يمكن إيضاحه من جوانب هذه المسألة الهامة، التي كادت تضيع في طيات السنين، خلال الفترة الماضية من عمر قضيتنا القومية.
إن طرح المسألة القبرصية في الظروف الراهنة لا يكون غريباً بقدر غرابة أن تغيب هذه المسألة عن وعي واهتمام بعض السوريين لعقود طويلة، على رغم أن أحداثها كانت ولا تزال تجري في جزيرة قريبة من البر السوري وتكاد تلتصق به.
وعلى ذلك، فإن التقصي عن أسباب هذا الغياب ودرسها يغدوان ضرورةً وواجباً، إلا أنه يحتاج إلى بحث منفرد لن نخوض فيه الآن، بل سنكتفي باستعراض مختصر لثلاثة من هذه الأسباب فقط:
السبب الأول: يعود إلى أن بعض السوريين لم تتسن لهم في ما مضى، فرصة الإطلاع على العقيدة السورية القومية الاجتماعية التي كشفت حقيقة أن قبرص تقع ضمن حدود البيئة الطبيعية التي نشأت فيها الأمة السورية، وأن موقعها الجغرافي يلعب دوراً هاماً في هذه الأمن الاستراتيجي لسوريا الطبيعية في وحدتها الجيوسياسية.
والسبب الثاني: يتعلق بدور النخب السياسية والثقافية في دولنا السورية، أفراداً وأحزاباً وجمعيات ونوادٍ وغيرها، سواء في مرحلة النضال التحرري، أو في عهد الاستقلال، لجهة قصور هذه النخب أو تقصيرها في إبراز أهمية قبرص بالنسبة لسوريا الطبيعية، خصوصاً إذا علمنا أن مرحلة النضال التحرري في الدول السورية قد تزامنت وترافقت مع تطورات المسألة القبرصية قبل الحرب العالمية الثانية وبعدها، وبالتالي فإن الفرصة كانت سانحة أمام تلك النخب كي تعمل على دمج النضال التحرري في قبرص ضمن إطار النضال القومي السوري العام، في حركة تحرر واحدة ترى في قبرص موقعاً استراتيجياً يجب في الحد الأدنى، الاحتفاظ به، إن لم تكن قادرة أو راغبة في النظر إليها كقطعة من الوطن السوري لا يجوز التنازل عنه.
أما السبب الثالث، فيرجع إلى السياسات التعليمية والثقافية والإعلامية التي كانت تنتهجها حكوماتنا الوطنية المتعاقبة، في عهود الاستقلال، تجاه تطورات الأحداث في قبرص، إذ لم تكن تولي هذه المسألة ما تستحقه من الاهتمام الكافي لترسيخها في وعي واهتمام السوريين، بل كانت تتعامل معها بشيء من السلبية واللامبالاة، كأيّ مسألة لا تعنيها في أيّ بقعة من العالم، فتكتفي في أفضل الحالات بإعلان موقف سياسي خجول أو متعاطف لا أكثر. في وقت كان من الممكن لهذه الحكومات، إعارة المسألة قدراً أكبر من الاهتمام يتناسب مع سخونة أحداثها التي تجري في حيّز جغرافيّ قريب جداً من البرّ السوري».
وأضاف حاجوج: لا يخفى على المراقب المتبصر أيضاً أن هناك ذهنية إلغائية إقصائية تحكمت في أواسط القرن الماضي بالحركات السياسية التي كانت أقرب ما تكون إلى الذهنية القبلية، وهذه الذهنية تصب في خدمة الحرب الاستباقية التي تشنها قوى الاستعمار والرجعة على أمتنا للحد من حركة ونمو الوعي القومي فيها، لعلم هذه القوى بالخطر الذي يشكله هذا الوعي على مصالحها وأطماعها في بلادنا.
من هنا فإن استدراك ما فاتنا بخصوص قبرص يغدو عملية لا بد منها، وحاجة ضرورية للإبقاء على حقنا في قبرص حياً في عقلنا ووجدان الأمة بأجيالها المتعاقبة، فلا تخبو شعلة هذا الحق في النفوس، ولا نغرق في تداعيات الأحداث الجارية فننسى حقوقنا القومية الأخرى».
وسأل حاجوج: «كيف السبيل إلى استدراك ما فاتنا؟ ورأى أن الإجابة عن هذا السؤال في مشروع مجلس التعاون المشرقي الذي أطلقه الحزب السوري القومي الاجتماعي في الآونة الأخيرة، فهو السبيل الأكثر ملاءمة بهذه العملية، انطلاقاً من أن هذا المجلس:
أولاً: يشكل برنامجاً قومياً يهدف إلى الحد من مظاهر لاختلاف والتباين بين الدول السورية، وإلى رفع مستوى التنسيق والتكامل الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي بينها على طريق تحقيق الوحدة القومية.
ثانياً: يشكل مشروعاً تعبويا يسهم في دعم قدرة الدول السورية على مواجهة الهجمة الاستعمارية الجديدة على أمتنا، والتي تهدف إلى تنفيذ سايكس بيكو جديدة تقوم هذه المرة على التفتيت المذهبي والديني خدمة للمشروع الصهيوني.
ثالثاً: يشكل مشروعاً استراتيجياً يتيح للأمة السورية، بما هي كتلة جيو سياسية واحدة، وبما تمتلكه من موقع استراتيجي ممتاز، وإماكيانيات طبيعية وبشرية، فرصة لعب دور فعال، سواء في إطار النظام الإقليمي، أو في إطار النظام العالمي الجديد متعدد الأقطاب، والذي تدل كل المؤشرات على أنه بات في طور التشكل والولادة في المستقبل القريب.
رابعاً: يشكل الخيار الأكثر عملية وواقعية في الظروف الحالية الناشئة عن تداعي مشروع العروبة الوهمية، وأفول دور الجامعة العربية التي تمثله، وبالتالي بروز الحاجة إلى إنشاء جامعة عربية جديدة قوامها أربع أمم عربية، تتمثل فيها الأمة السورية، مرحلياً بمكلس التعاون المشرقي، ومستقبلاً بأية مؤسسة قومية متقدمة قد تنبثق عن هذا المجلس.
وفي هذا الإطار فإن توجيه الدعوة إلى قبرص ـ أو على الأقل إلى القوى الحية الفاعلة فيها ـ للانضمام إلى مشروع مجلس تعاون مشرقي ومشاركتها في فعالياته وأنشطته، قد يكون الخطوة الأولى في عملية إعادة النظر في سياساتنا نحو قبرص، ومثالاً يحتذى لحكومات الدول السورية كافة.
واختتم حفل التوقيع بعددٍ من المداخلات وطرح الأسئلة من قبل الحضور، وتولى المؤلف الإجابة على الأسئلة.