«سيناريو مضايا»… كذبة الكيماوي تتجدّد
يوسف الصايغ
يبدو أنّ سيناريو حصار مضايا المزعوم واتهام المقاومة بالوقوف خلفه لم يأت من عدم، خصوصاً عندما نجد أنّ جهات في لبنان كـ»هيئة علماء المسلمين» و«الجماعة الإسلامية» التي تدور في فلك آل سعود والوسائل الإعلامية الفتنوية التابعة لهم كـ»العربية» وآل ثاني كـ»الجزيرة» و«العربي الجديد» وبعض الوسائل اللبنانية، وما إلى هناك من جهات تعمل على بث السموم الإعلامية والأحقاد الطائفية تتفرّغ كلياً للحديث عن حصار مضايا وتحميل المقاومة والقوات السورية المسؤولية عن ذلك.
لكن وبعد الكشف عن زيف الحملة الإعلامية التي تمّ العمل على ترويجها عبر الفضائيات والمواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي المشار إليها سابقاً، ما يعني أننا أمام فشل إعلامي جديد لتلك الوسائل والجهات المحرّضة على المقاومة ومحاولة التشويش على الدور الذي تقوم به الى جانب القوات السورية المسلحة في التصدّي للإرهاب واقتلاعه، في وقت تتجاهل هذه الوسائل الإعلامية المجازر التي ترتكبها المجموعات الإرهابية من «داعش» و«نصرة» وغيرها بحق الشعب السوري، فلماذا التركيز على مضايا وفي هذا التوقيت بالذات، بينما لم يأت أحد على ذكر الفوعة وكفريا المحاصرتين منذ أكثر من ثلاث سنوات، أو ليس هؤلاء مواطنين سوريين مسلمين، أم أنّ ولاءهم للدولة السورية يُعدّ سبباً كافياً لعدم الإضاءة على معاناة أبناء الفوعة وكفريا، وغيرها من المناطق؟
مما لا شك فيه أنّ السعودية باتت في موقف لا تحسد عليه بعد جريمة إعدام الشيخ نمر النمر والانتقادات التي طالتها، وعليه يبدو أنّ آل سعود ربما ظنّوا أنهم ينجحون من خلال الترويج لحصار مضايا المزعوم واتهام المقاومة منفذاً لهم للتغطية وصرف الأنظار عن فعلتهم البربرية، بحسب توصيف صحيفة «نيويورك تايمز» لجريمة إعدام الشيخ النمر، وتناسى هؤلاء أنّ مضايا تدخلها المساعدات الغذائية منذ أكثر من شهرين، لكن الجماعات المسلحة التي تدور في فلك السعودية وفي مقدّمها «جبهة النصرة» و«أحرار الشام» التي تقوم بابتزاز الأهالي من خلال عرض المواد الغذائية للبيع بأسعار خيالية، فعلى سبيل المثال يتمّ بيع كيلو القمح بـ80 دولاراً، مع العلم أنّ هذه المساعدات أوصلتها جهات دولية بالتنسيق مع الحكومة السورية، فمن يكون المجرم والمسؤول عن تجويع أهل مضايا وأطفالها، مع الإشارة الى أنّ الصليب الأحمر الدولي، وهو منظمة إنسانية محايدة، أكد إخلاء جميع الحالات الطبية الحرجة من مضايا وكفريا والفوعة، كما نفى حدوث مجاعة في مضايا، ما يدحض بالتالي مزاعم الجماعات المسلحة التي تتلقى السلاح من السعودية وتركيا وقطر، فكيف يدخل السلاح الى الإرهابيين في مضايا ولا يدخل الغذاء؟
يعيد «سيناريو مضايا» الى الأذهان ما تمّ ترويجه عن قيام القوات السورية باستخدام الأسلحة الكيماوية في الغوطة في محاولة لاستجلاب تدخل عسكري غربي في سورية، لكن سرعان ما تبدّدت تلك الأوهام وظهرت حقيقة الأكاذيب التي تمّ ترويجها آنذاك، أما الآن وبعد الكشف عن زيف الاتهامات ضدّ المقاومة والقوات السورية بات واضحاً أنّ آل سعود، وبعد فشلهم العسكري في سورية من خلال جماعاتهم المسلحة، ها هم يفشلون إعلامياً في فبركة سيناريو مجاعة مضايا للتغطية على جريمة إعدام الشيخ النمر من جهة، ومن جهة أخرى لاستجلاب التدخل العسكري الأجنبي في سورية على غرار ما حصل بُعيْد «كذبة الكيماوي» قبل عامين في محاولة جديدة لإحباط المساعي المبذولة لحلّ الأزمة السورية.