على ذمّة الراوي!
يُروى أنّه في عام 2003، عندما كانت أجواء الحرب في البصرة قد بدأت بين القوّات العراقية وقوات الاحتلال الأميركي وحلفائه دخلت قوّة عسكرية عراقية لتنصب مضادّات للطائرات فوق مبنى مكتبة البصرة المركزية. وكان محافظ البصرة حينذاك قد استعمل مبنى مكتبة البصرة المركزية مقرّاً له ولأفراد حمايته.
كانت مكتبة البصرة المركزية تضمّ كتباً ثمينة ومخطوطاتٍ نادرة، لكن القوّة العسكرية العراقية لم تبالِ بذلك!
خشيت أمينة المكتبة وتُدعى «عالية محمد» من نسف التراث العراقي الموجود في المكتبة وحرقه. فطلبت من السلطة العراقية نقل الكتب والمخطوطات النادرة إلى بيتها. لكن طلبها قد رفض!
عندئذ، جازفت عالية بشجاعةٍ، وقامت بتهريب الكتب والمخطوطات ليلاً إلى منزلها، وبمساعدة بعض أهالي المنطقة، كان منهم صاحب مطعمٍ وخبّاز لا يجيدان القراءة والكتابة.
تمكّنت عالية ومن معها من تهريب أكثر من ثلاثين ألف كتاب مهمّ ومخطوطاتٍ نادرة، وذلك بنقلها في صناديق إلى مطعمٍ مجاور للمكتبة ثم إلى منازلهم.
وفي غضون أيامٍ معدودة من بدءِ الحرب والقصف الأميركي ـ البريطاني للمنطقة، احترقت المكتبة كاملةً، لكن الكتب المهمّة والمخطوطات النادرة كانت بأمان في بيت عالية.
ورغم الجهود البطولية للعاملين في المكتبة للمحافظة على الكتب والمخطوطات إلا أنّه قد احترق ما يزيد على خمسين ألف كتاب حين احترق مبنى المكتبة.
بعد انتهاءِ الحرب، أُعيد بناء مكتبة البصرة المركزية التي دمّرتها الحرب. فأعادت عالية محمد الكتب والمخطوطات إلى مكانها في المكتبة.
أشادت السلطة العراقيّة بدور عالية وشجاعتها فعيّنتها مديرة لمكتبة البصرة المركزية. وعندما علمت الكاتبة الأميركية جينيت وينتر بشجاعة هذه السيّدة العراقية، كتبت كتاباً للأطفال يشيد بشجاعة عالية محمد ووطنيتها لتكون قدوةً ومثالاً لأطفال أميركا والعالم أجمع!
طُبع الكتاب ونُشِر تحت مسمّى «موظفة مكتبة البصرة» ليقرأه أطفال العالم، وليكون حافزاً لهم على الإخلاص والمثابرة. كما ألّف رسام الكاريكاتير ومؤلّف الكتب الأميركي مارك آلان ستاماتي، كتاباً عن عالية محمد سمّاه «مهمة عالية».