تصعيد سعودي خطير وتفهّم إيراني لافت
تتصدّر السعودية المجموعة المؤلفة من تركيا و«إسرائيل» في قائمة رفع الاعتراضات للبيت الأبيض، في محاولة لإظهار انّ القرار الأميركي بالخضوع لإيران في تسويتها النووية هو قرار غير مرغوب فيه حتى الساعة من قبل جوارها كله، وانه زاد الوضع سوءاً بدلاً من أن يمهّد لتسويات ويسهّل القضايا والحلول، بدليل ما فتحته السعودية من حرب مع اليمن وشعبه في محاولة لبث الغبار ليلة التوقيع على الاتفاق بين إيران والدول الغربية، وكلّ متابع يتذكّر مفاجأة الحرب اليمنية التي لم تستطع حتى الساعة تحقيق شيء من مبتغاها.
السعودية التي تبدو أنها لم تستفق من كابوس التوقيع النووي مع إيران، ليست لوحدها، وهي لا تريد ان تتقبّل الواقع الجديد الذي يعني بكلام او بآخر انها ستتحجّم من موقع الخاضع للمتغيّرات وليس صانعه أو صانع الحدث، وهنا يلفت النظر انّ كلّ هذا المسار يصبّ في نهاية المطاف في خانة لفت نظر الأميركي بشكل مباشر، وهنا جمعت المملكة العربية السعودية وزراء خارجية الدول العربية بشكل طارئ من أجل تسجيل اعتراض على تدخل إيران في شؤون دول المنطقة، وكأنه تدخل أجنبي في شؤون دول عربية كلها تماسك وحرص على حفظ الكرامة، مسجلة اعتراضها على حرق السفارة السعودية في إيران، مستغلة في الوقت عينه التصويب على حزب الله وهو حليف إيران الأبرز.
السعودية التي تريد تمديد الوقت قبل ان يحين موعد قطار التسويات تعرف انّ العودة الى الوراء مستحيلة، لكنها في الوقت عينه تعرف أنّ أيّ تسوية على حسابها هي دمار لنظامها وبداية عدّه العكسي، من هنا فإنّ أيّ تفاؤل بخضوع سعودي في تمرير حلول جدية هو حتى الساعة مستبعد، بدليل ان نواياها في الحلّ خاصة في اليمن لم تكن جدية على الإطلاق، فهي تجتمع مع خصومها في سويسرا من دون ان تقدم ايّ جديد او متغيّر، وكانت قد أعلنت منذ الشهر الأول عن نهاية عمليتها العسكرية، وغذ بها تمدّها لعشرة شهور أخرى، وبالتالي فإنها غير جادّة لا في سورية ولا في اليمن ولا في العراق، لأنّ أيّ إقدام من هذا النوع هو بدء العدّ العكسي لنظامها الذي سيعتبر انه قد هزم هزيمة نكراء فاتحة الباب امام ايّ خضة داخلية.
أما إيران فتبدو أنها تتفهّم بشكل كبير وواع جداً قيمة ما جرى بالنسبة للمملكة، ولهذا السبب فإنها تتلقف كلّ الخضات التي تسبّبها المملكة لإيران ولحلفائها في المنطقة، تماماً كما فعلت بعد حادثة منى، حيث بدت إيران الأكثر تعقلاً في السلوك، حتى ولو صدرت مواقف غاضبة قليلاً، وهذا طبيعي في مواجهة خسارة بشرية كبيرة كالتي ألمّت بها، لكنها ما لبثت أن اتجهت نحو تهدئة الأوضاع والنفوس، والأمر نفسه هو الذي حدث مع إعدام الشيخ نمر النمر الذي تدرك إيران انّ كلّ ما تبتغيه السعودية من إعدامه ليس إلا فتح نافذة جديدة او ملف جديد من التعقيد لتهرب من الحلول، حتى ولو كانت اخطرها على الإطلاق، من خلال اللعب بالملف الطائفي والمذهبي.
السعودية تنازع وايران تتفهّم وقع الهزيمة السعودية أمامها بحكمة وثبات مع توقّعها الأسوأ من مملكة مستعدّة هذه المرة للقيام بكلّ شيء يثبّت أرجل نظامها.
«توب نيوز»