أردوغان يستقوي بتفجير «داعش» لمهاجمة موسكو وطهران… و 9 قتلى ألمان رفع العقوبات عن إيران واحتجازها أميركيّين… والجيش السوري قرب حدود تركيا

كتب المحرر السياسي

تحوّلت اسطنبول إلى محور الحدث الإقليمي مع تفجيرات «داعش» التي استهدفت مناطق تجمع سياحية وأودت بأكثر من عشرة قتلى، بينهم تسعة من الجنسية الألمانية، ليقف الرئيس التركي رجب أردوغان من موقع المستهدَف من الإرهاب ويشنّ هجوماً عنيفاً على كلّ من روسيا وإيران، متهماً موسكو بالسعي إلى إقامة دويلة نفوذ لها حول اللاذقية في سورية وموجهاً إلى إيران تهمة تصعيد التوتر المذهبي في المنطقة، بصورة بدا أنّ التوظيف التركي المستعجل للتفجير الذي تبنّاه تنظيم «داعش»، محاولة لتحسين صورة تركيا التي تطالها أسئلة وعلامات استفهام حول علاقتها بـ«داعش» من جهة، ولمساعدة الحكومة التركية التي فشلت في تقديم مبرّر لبقاء قواتها في العراق، رغم رفض الحكومة العراقية من جهة أخرى، بامتلاك ذريعة تتصل بالحاجة إلى مراقبة حدودها، في ظلّ عجز القوات العراقية من بلوغ هذه الحدود، بسبب الحاجز الذي يشكله احتلال «داعش» للموصل بين الجيش العراقي والحدود التركية.

رسالة «داعش» الدموية في اسطنبول صارت فجأة رسالة، إلى روسيا وإيران وسورية والعراق وألمانيا، والرسالة إلى ألمانيا أنّ كلفة استضافة اللاجئين في تركيا بدلاً من رحيلهم نحو أوروبا لهامستلزمات تفوق الثلاثة مليارات يورو التي تلقتها تركيا من الاتحاد الأوروبي لهذا الغرض، وإلا فالكلفة الدموية ستشمل الجميع، والرسالة إلى روسيا وإيران وعبرهما إلى سورية والعراق، أنّ تركيا المستهدفة تحتاج إلى نشر قواتها في نقاط داخل الأراضي السورية والعراقية، لتضمن مراقبة أفضل لحدودها.

تسارُع الحركة التركية لتوظيف التفجير في اتجاهات عدّة، تزامن مع سرعة إيقاع التطوّرات المحيطة، فالعقوبات التي فرضت على إيران بتصاعد خلال ثلاثة عقود بدأت العمليات القانونية لرفعها في أوروبا وأميركا مع صدور التقارير الدولية الخاصة بتطبيقها لموجباتها المنصوص عليها في التفاهم حول ملفها النووي، خصوصاً ترحيل أحد عشر طناً من اليورانيوم المخصّب إلى روسيا، وإنهاء صبّ الإسمنت في قلب المفاعل النووي العامل بالمياه الثقيلة في آراك، وقد أعلن حاكم المصرف المركزي الإيراني ولي الله سيف، أنّ ثلاثين مليار دولار، هي أصول الأرصدة الإيرانية المجمّدة سيتمّ الإفراج عنها في أيام قليلة، وسيسمح معها للمصارف الإيرانية بممارسة أنشطة تعامل طبيعية في الأسواق العالمية.

لم يعطّل مسار رفع العقوبات الاحتجاج الأميركي على التجارب الصاروخية الإيرانية التي أدّت إلى سقوط أحد هذه الصواريخ قرب مدمّرات أميركية في الخليج، ولا الإعلان الأميركي ليل أمس عن احتجاز إيران قاربين عسكريّين أميركيّين، واكتفت وزارة الدفاع الأميركية بالحديث عن اتصالات أسفرت عن وعد إيراني بالإفراج عن طواقم القاربين.

وبالتوازي مع تثبيت مكانة إيران والاعتراف المتزايد بمكانة روسيا، وما يفرضه ذلك من إيقاع إقليمي مختلف يفرض نفسه على اللاعبين الإقليميين، من تركيا إلى السعودية و«إسرائيل» خصوصاً، كان الميدان السوري يحمل المزيد من الإنجازات النوعية للجيش السوري ومزيداً من الارتباك في صفوف المعارضة.

أبرز تطوّرات الميدان العسكري السوري كان على جبهة ريف اللاذقية، بتحوّل نوعي تمثل في نجاح الجيش السوري باستعادة مدينة سلمى والتلال المحيطة بها، في ظلّ معارك على التلال القريبة من الحدود التركية في كلّ من جبل التركمان وجبل الأكراد، وسرعة الإنجاز ونوعيته الجغرافية، تفسّر القلق التركي المتصاعد سواء لما يظهر من تآكل يصيب أجسام الجماعات المسلحة وقدرتها على الصمود، أو لجهة الحسم الروسي السوري بتطهير الجغرافيا السورية حتى الحدود التركية من أيّ وجود تابع لتركيا أو خاضع لنفوذها.

سياسياً ظهرت في المقابل علامة الإعياء على قيادة الائتلاف، الذي حاول إخفاء مأزقه مع اقتراب موعد انعقاد حوار جنيف واعتمد طريق المزايدة على الحكومة السورية بالتظاهر بالارتياح للتطورات، مبدياً ترحيباً بالمسار السياسي وموحياً بالسيطرة على الأمور، ليضطر إلى العودة لمربع المراوحة والتعثر والارتباك، فقد أعلن منسق التفاوض رياض حجاب أنّ المشاركة في الحوار صعبة على المعارضة، وأنّ أميركا باعت الحرب في سورية لروسيا، منهياً بالقول إنّ التاريخ لن يغفر للرئيس الأميركي باراك أوباما الذي خذل المراهنين عليه.

مساعي تأجيل جنيف الخاص بسورية، ربما تستفيد من الإعلان عن تأجيل موعد حوار جنيف الخاص باليمن، على لسان المبعوث الأممي إسماعيل ولد شيخ أحمد.

لبنان المزدحم بالحوارات ومواعيدها ووعودها الثنائية والجماعية، يعيش خلط أوراق استثنائياً، وانتظارات بلا مواعيد ووعود، فالاستحقاق الرئاسي يدخل منطقة الخطر بين ثنائيتين تراوح كلّ منهما في مأزق، ثنائية يحاول كلّ من الرئيس سعد الحريري والنائب سليمان فرنجية منحها المزيد من الزخم، وإبقاءها في التداول، وثنائية مقابلة تنبئ في حال حدوثها بدخول الاستحقاق الرئاسي عنق الزجاجة تتمثل بالتبشير بقرب إعلان رئيس حزب القوات سمير جعجع عن ترشيح العماد ميشال عون للرئاسة، والمخاطرة بطرح الأمور من بوابة استقطاب إسلامي مسيحي، تعيد لبنان إلى مناخات ما قبل اتفاق الطائف دون أن تتمكن من إحداث اختراق رئاسي، لأنّ ما ستكسبه لحساب ترشيح عون من جهة، ستفقده كما يبدو من جهات، ليصير السؤال مشروعاً، عن سبب تفكير جعجع، أو مَن وراء جعجع بالسير بترشيح عون مع ضمان عدم وصوله، بطريقة تقدّم جواباً ضمنياً عن سرّ سير الحريري ومَن وراءه بترشيح فرنجية دون ضمان وصوله، كأنّ المقصود حرق جميع الأوراق، ولكن من ضمن تفتيت الجبهة المحيطة بالمقاومة مسيحياً، تمهيداً لعزلها، لمواكبة تحوّلات وتحضيرات تجري في المنطقة والعالم، منذ لقاء رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو مع الرئيس الأميركي باراك أوباما والإعلان عن اعتبار الحرب على المقاومة التي يمثل حزب الله عصبها الرئيس وقوّتها المركزية، هدفاً للآتي من الأيام، وهذا ما يفسّر الكثير الكثير من التطويق والحصار والتضييق، تمهيداً لما يُعَدّ مع حصاد انتصارات لمحور المقاومة، لحرمان قيمتها المضافة التي يمثلها حزب الله من أن يكون شريكاً في النصر.

يصير السؤال اللبناني الطبيعي عن الحكومة والحاجة إلى تفعيل أدائها وقيامها بواجباتها بحجم المرحلة التي ليس فيها إلا الانتظارات القاتلة.

إحياء المبادرة الرئاسية

تمكّن الحوار الثنائي بين حزب الله وتيار المستقبل والحوار الوطني، أول من أمس، من تجاوز تداعيات ما بعد خطاب الأمين العام لحزب الله، والتمهيد لجلسة مجلس الوزراء يوم غد من خلال تزخيم الجهود لمشاركة الجميع. وفي الشأن الرئاسي، تحدثت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن زيارة رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية باريس للقاء الرئيس سعد الحريري، محاولة لإحياء المبادرة الرئاسية والبحث في إطلاقها من قبل الرئيس الحريري». ولفتت المصادر إلى «أن إطلاق الحريري للمبادرة يعني أنها لا تزال غير سالكة».

ولم ينفِ النائب سمير الجسر في حديث لـ«المركزية» «المعلومات التي تحدّثت عن حصول لقاء ثانٍ بين الرئيس الحريري والنائب فرنجية في باريس»، لافتاً إلى «أن المستجدات الأخيرة على الساحة الداخلية حتّمت حصوله». وأشار إلى «أننا تطرّقنا في جلسة الحوار الثنائي إلى الملف الرئاسي من زاوية الخطوة التي يُمكن أن يُقدم عليها رئيس حزب القوات سمير جعجع بتبنّي ترشيـح رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، إذ طرح ممثلو حـزب الله في الحوار تساؤلات حـول توقيت الطرح، وما إذا كان ردّة فعـل على طـرح الرئيس الحريري بتبنّي ترشيح رئيس تيار المردة أم أنـه طرح قديـم بفضل الحوار القائم بين «القوات» و«التيار الوطني الحر»؟

حزب الله على بيّنة من اتصالات القوات التيار الوطني

وأكدت مصادر المجتمعين لـ«البناء» «أن الحوار الثنائي بين تيار المستقبل وحزب الله لا يتضمّن جدول أعمال، وهو نوع من حوار شامل يتحدّد في قلب النقاش». ولفتت المصادر إلى «أنه بحكم العلاقة التي تنشأ بين المتحاورين تطرح الكثير من المواضيع من خارج سياقها في إطار الدردشة والنقاش». واعتبرت المصادر «أن حزب الله ليس بحاجة إلى الاستفسار عن ترشيح الجنرال عون من أحد، فحزب الله على تواصل يومي مع الجنرال ومع المحيطين به، وقنوات الاتصالات مفتوحة دائماً»، مشددة على «أن حزب الله في أجواء ورقة النيات وهو على بينة بما توصلت إليه اللقاءات الأخيرة التي حصلت بين التيار الوطني الحر والقوات»، مؤكدة «أن حزب الله يدعم الجنرال عون في ترشيحه للرئاسة ويتفهم خلفيات ما يحصل».

القرار الإقليمي والدولي غير متوفر

ومن معراب، أكد وزير الداخلية نهاد المشنوق بعد لقائه رئيس حزب القوات أن «النقاش دار حول ترشيح جعجع للنائب العماد ميشال عون، لهذا قلت إننا نمر في مرحلة عواصف سياسية تحتاج إلى مداراة إذ لسنا بحاجة إلى مزيد من المواجهة».

وشدّد المشنوق على «أن انتخاب رئيس للبنان هو قرار إقليمي ودولي غير متوفر الآن، والفرصة غير سانحة في الوقت الراهن، والحوارات الداخلية لن تؤدي إلى انتخاب رئيس جديد إلا في حال ترافقت مع قرار إقليمي ودولي».

وتحدّثت مصادر نيابية في فريق 14 آذار لـ«البناء» عن نية جدية قواتية في ترشيح الجنرال عون»، مشيرة إلى «أننا سنكون أمام تطور جديد ستظهر نتائجه قريباً، بخاصة أن الجنرال عون والدكتور جعجع يبحثان في package كاملة»، مشيرة إلى «أن زيارة فرنجية إلى باريس للبحث في خطوة جعجع، بخاصة أن رئيس تيار المردة لا يمكن أن يستمر في ترشحه، إذا حصل الجنرال عون على تأييد القوات».

معراب بيضة القبّان؟!

ولفتت مصادر مطلعة لـ«البناء» «أن جعجع تأخر في ترشيح الجنرال، لأنه كان ينتظر ضمانات خارجية، لكنه لم يحصل عليها»، مشيرة إلى «أن السعودية دخلت على خط القطريين لعدم إعطاء جعجع ضمانات تمكّنه من الانطلاق بعيداً وشقّ 14 آذار». ورأت المصادر «أن الضمانات الداخلية تم التوافق عليها، بأن يكون حزب القوات هو الحزب الثاني الذي له الأولوية بالرعاية من قبل رئيس الجمهورية». ولفتت المصادر إلى «أن تيار المستقبل يتخوّف مما يمكن أن يُقدم عليه جعجع بخاصة إذا تصرّف بطريقة انتقامية». وتساءلت ممازحة «هل ستصبح معراب بيضة القبان بدلاً من المختارة»؟!

إنعاش قناة التواصل

وعلمت «البناء» من مصادر قواتية «أن زيارة المشنوق لمعراب على غرار الزيارات التي تقوم بها قيادات في المستقبل لمنع حدوث القطيعة، بعد أن وصلت الأمور بين الطرفين إلى طريق مسدود، في ظل الحديث عن نية ترشيح الدكتور جعجع للعماد عون لرئاسة الجمهورية». واعتبرت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن «زيارة المشنوق إلى معراب والرابية تأتي في سياق إنعاش قناة التواصل مع بيت الوسط والتطمين، حيث يجب». وأشارت المصادر إلى «أن الجنرال عون أكد للمشنوق خلال اللقاء ضرورة إجراء التعيينات العسكرية»، مشيرة إلى «أن جواب وزير الداخلية كان أن الوقت غير مناسب ومن الصعوبة التوصل إلى اتفاق حول هذا الموضوع».

التعيينات العسكرية

إلى ذلك يعقد مجلس الوزراء جلسة عند العاشرة من صباح الغد، برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام للبحث في جدول أعمال من 140 بنداً. وجددت مصادر في التيار الوطني الحر لـ«البناء» إصرارها إدراج بند التعيينات العسكرية بنداً أول على جدول الأعمال»، مشيرة إلى «أن المتحاورين في جلسة الحوار أول من أمس، أجمعوا على تذليل العقد من أمام مشاركة التيار الوطني الحر وضرورة تفعيل عمل الحكومة».

أكد الوزير الأسبق سليم جريصاتي أن مشاركة تكتل التغيير والإصلاح أو عدمها في الجلسة الحكومية المقبلة مرهون بمساعي ما قبل الجلسة. وأشار جريصاتي بعد اجتماع التكتل الأسبوعي إلى أنه «لم يتم التوصل إلى حل بعد في مسألة التعيينات الأمنية في المواقع القيادية»، وقال: «هناك مسعى في هذا الإطار عسى أن يؤدي إلى اتفاق».

وأكد وزير العمل سجعان قزي لـ«البناء» «أن الاتصالات لتذليل العقد المتعلقة بالتيار الوطني من خلال إجراء التعيينات في المراكز الثلاثة الشاغرة في المجلس العسكري لم تتوصّل إلى نتيجة بعد». ولفت إلى «أن عدم الاتفاق لن يؤثر على جلسة الخميس سواء تغيّب وزيرا التيار الوطني الحر أو حضرا، برغم أننا نتمنى أن يشارك الجميع في الجلسة، لأن المهم هو تفعيل عمل مجلس الوزراء، والبنود التي لا تقر في جلسة الخميس يمكن أن تقر في الجلسات اللاحقة ، فلا يجوز أن نشترط وضع كل الملفات في الجلسة الأولى بعد أربعة أشهر من التعطيل».

سلام ليس طرفاً

وأكد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ«البناء» «أن جلسة الخميس ستعقد بجدول الأعمال الذي وزّعه رئيس الحكومة ويضم 140 بنداً». وتحدّث درباس عن «اتصالات تجري لتذليل العقد أمام مشاركة التيار الوطني الحر الذي يشترط إجراء التعيينات العسكرية»، متمنياً أن تصل إلى نتيجة، ولفت إلى أن «رئيس الحكومة تمّام سلام رفض أن يكون طرفاً في هذه الاتصالات من منطلق أنه ليس على خلاف مع أحد»، مشيراً إلى «أن الرئيس سلام وضع منذ اليوم الأول لعمل مجلس الوزراء الأمور الخلافية جانباً وأكد على التوافق».

لجنة الانتخاب.. مكانك راوح

وينتهي تفويض لجنة دراسة قانون الانتخاب نهاية الشهر الحالي. وأكدت مصادر نيابية مشاركة في الاجتماعات لـ«البناء» أن «النقاش لا يزال مكانك راوح». ولفتت المصادر إلى «أن الأفكار التي تُطرح ستبقى معلقة بانتظار التسوية المتكاملة».

إلى ذلك استكملت كتلة المستقبل هجومها على وزير الخارجية جبران باسيل على خلفية موقفه في اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة، واعتبرت أن عدم التزام لبنان بسياسة الإجماع العربي هو خطوة باتجاه رهن سياسة لبنان لمصلحة النظام السوري والمحور الإيراني الذي يعمل على تحقيق أطماعه في السيطرة والتحكم في المنطقة.

في المقابل اعتبر تكتل التغيير والإصلاح عقب اجتماعه الأسبوعي «أن الموقف اللبناني في اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة يشرِّف لبنان في الحفاظ على المصلحة اللبنانية العليا، من دون «أن يمسّ بما يسمّى التناغم أو التجانس أو الإجماع العربي».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى