سماحة طليقاً بإجماع «التمييز العسكرية»: سأتابع العمل السياسي
بات الوزير السابق ميشال سماحة ليلته أمس بين عائلته في منزله بالأشرفية وهي الأولى منذ توقيفه العام 2012 ثم الحكم بسجنه العام 2015، على خلفية قضية أثارت جدلاً سياسياً وقاونياً حول مدى قانونيتها، ولا سيّما أنّها استندت إلى أقوال واتصالات و مقابلات أجراها المُخبر لدى فرع المعلومات ميلاد كفوري الذي أُخفي لاحقاً وحُجب عن المحكمة العسكرية الدائمة التي نظرت بالقضية.
فقد قرّرت محكمة التمييز العسكرية، برئاسة القاضي طاني لطوف، وبإجماع أعضائها، إخلاء سبيل سماحة بكفالة مالية مقدارها 150 مليون ليرة لبنانية، 10 ملايين ضمانة للرسوم و140 صمانة للحضور، معتبرة أنّه قضى فترة محكوميته السابقة، وأنّ عليه حضور الجلسات المقبلة. وذلك بعدما كان أوقف في 8 آب العام 2012، بناءً على إشارة المحامي العام التمييزي القاضي سمير حمود بعد تنفيذ مداهمة مزدوجة لمنزليه في بيروت وفي بلدته الجوار المتنية على خلفية اتّهامه بنقل متفجرات من سورية إلى لبنان، و التحضير للقيام بأعمال إرهابية.
واشترطت المحكمة على سماحة حضور كل الجلسات، ومنعته من السفر مدة سنة تبدأ من تاريخ إطلاق سراحه ومن الإدلاء بأي أحاديث صحافية أو عبر مواقع التواصل يتناول ملف القضية، تحت طائلة إصدار مذكرة جديدة بتوقيفه.
وإذ رفضت النيابة العامة التمييزية بشخص القاضي سمير حمود قرار تخلية سبيل سماحة، اعتبرت أنّ القرار النهائي يعود إلى المحكمة العسكرية التي كانت أصدرت في أيار الفائت حكماً قضى بسجن سماحة 4 سنوات ونصف وجرّدته من حقوقه المدنية، ما أثار اعتراضات سياسية على الحكم ولا سيّما من جانب وزير العدل أشرف ريفي وفريق 14 آذار، ما دفع مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر إلى تمييز الحكم، ما أدّى إلى إعادة المحاكمة.
وفي هذا الإطار أكّد وكيل سماحة المحامي صخر الهاشم، أنّ قرار تخلية سبيل سماحة «غير قابل للطعن بأيّة طريقة، وأنّ موكله سينام اليوم أمس في منزله».
بدوره، أوضح أحد أعضاء فريق الدفاع عن سماحة المحامي معن الأسعد، أنّ إخلاء سبيل موكّله سيتمّ بعد تأمين الكفالة المالية المطلوبة، مشيراً إلى أنّ مدّة التوقيف فاقت المدة المطلوبة بكل المعايير، مؤكّداً أنّ قرار محكمة التمييز واقع في مكانه القانوني الصريح، وهو معلّل ومفسّر، رافضاً التصويب على القضاء اللبناني الذي يبقى سلطة مستقلة.
وبعد قرار «العسكرية»، توجّه وكلاء الدفاع وعائلة سماحة إلى سجن الريحانية، حيث دفعوا قيمة الكفالة وأنجزوا كل المعاملات لإطلاق سراحه واصطحبوا سماحة إلى منزله في الأشرفية.
وفي أوّل تصريح له بعد إخلاء سبيله، قال سماحة من منزله: «سأتابع العمل السياسي، فأنا لا أزال جزءاً من هذا العمل».
وردّاً على سؤال عن التصريحات المعارضة لخبر إخلاء سبيله، قال: «هذا الكلام لا يهمّني».
وتوجّه إلى مندوب تلفزيون «ام.تي.في»، بالقول: «أنت ومحطّتك بالذات، لن أردّ على أسئلتكما».
ردود فعل
وفور شيوع خبر تخلية سماحة، شنّت قوى 14 آذار حملة هستيرية على المحكمة العسكرية، فيما علّق رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد على هذه الحملة قائلاً: «التصريحات الصاخبة والمبرمجة التي تعترض اليوم على قرار القضاء اللبناني بإخلاء سبيل الوزير السابق ميشال سماحة، ليست إلّا تعبيراً عن النكد والكيدية والاستنسابية التي ما انفكّ فريق المصرّحين اليوم يمارسها في السلطة وفي التعاطي مع القضاء والإدارة والمال العام، من دون أن يرفّ له جفن لأصوات المعترضين على الظلم والفساد والهدر، وسوء الاستخدام للنفوذ والحكم».
وأشار إلى أنّ «موقف هذا الفريق من القضاء العسكري ومحكمة التمييز العليا فيه هو موقف مزاجي متقلّب بحسب القرارات والأحكام التي قد تُناسب مصالحه أحياناً أو تتعارض معها أحياناً أخرى، وليس مستنداً أبداً للقوانين التي ترتكز عليها تلك القرارات أو الأحكام».
أضاف: «بالأمس كان القضاء مرضيّاً عنه حين أخلى سبيل ضالعين في الإرهاب وفي إثارة الفتن، أو حين أخرج من السجون عملاء للعدو الإسرائيلي. أمّا اليوم فقد أصبح مغضوباً عليه من قِبل هؤلاء حين أخلى سبيل الوزير السابق ميشال سماحة، بعدما أكمل تنفيذ الحكم الصادر بحقه ولم يعد هناك من مسوّغ قانوني لاستمرار توقيفه».
وأكّد رعد، أنّ «العدالة تقتضي إعادة النظر بالقوانين المعتمدة والتي كان لأصحاب التصريحات اليوم باع طويل في إقرارها، وبدل الطعن المبتذل ضدّ قضاة وضباط يحكمون ضمن صلاحياتهم بموجب القوانين المرعية الإجراء والتي هي من صنائع أصحاب التصريحات السياسية الصاخبة اليوم».
وكان الرئيس سعد الحريري إعتبر في تغريدة على» تويتر» أنه: «مهما كانت أوجه التعليل لقرار محكمة التمييز العسكرية بإطلاق ميشال سماحة، فإنّه قرار بإطلاق مجرم متورّط بواحدة من أقذر الجرائم بحق لبنان».
ورأى أنّ «إجماع الضباط في المحكمة على القرار، هو إجماع على تقديم مكافأة مجانية للمجرم باسم القانون، وانتهاك لمشاعر معظم اللبنانيين، وهو عار ومشبوه ومكافأة للمجرم ولن أسكت عنه».
وتابع: «نشعر في هذا اليوم بالقرف من عدالة منقوصة، وبالخوف على أمن اللبنانيين ما دامت الأبواب مفتوحة للمجرمين للهروب من الحكم العادل».
وقال رئيس كتلة «المستقبل» النيابية الرئيس فؤاد السنيورة: «بغض النظر عن أية مبررات قضائية شكلية، فإن هذا القرارالصادر عن المحكمة العسكرية يضرب بعرض الحائط كل القوانين والأسس القضائية التي يفترض انها تحقق العدالة».
بدوره قال وزير العدل أشرف ريفي: «مرة جديدة أجد نفسي مضطراً لأن أنعي المحكمة العسكرية إلى الشعب اللبناني».
أضاف: «يتحمّل كل من شارك في قرارات هذه المنظومة مسؤوليته الوطنية. وأنا على ثقة أنّ اللبنانيين الشرفاء الوطنيين يُدينون هذه القرارات المشبوهة. لقد أنجزنا في وزارة العدل المشروع البديل لهذه المنظومة واقترحنا إبدال المحكمة بكافة درجاتها بمنظومة قضائية متكاملة تقوم على التخصص».
ودان وزير الداخلية نهاد المشنوق، القرار متوعداً بأنّه «سيكون لنا، كتيّار سياسيّ، موقف من الذين ما زالوا يتصرّفون على قاعدة إلغاء الوطن لصالح القَتَلَة أمثالهم».
من جهته، رأى رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط أنّ قرار المحكمة العسكرية «هو استباحة لشعور الناس».
وغرّد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع عبر «تويتر» قائلاً: «ولو لم أكن خبيراً بالقانون، فإطلاق سراح ميشال سماحة مرفوض بكل المقاييس».
وختم: «بئس هذا الزمن، لكننا لن نرضخ، وإنّنا كل شيء فاعلون حتى الخروج منه إلى زمنٍ أفضل».
و أعلنت «المنظمات الشبابية في قوى 14 آذار» عن تنفيذ وقفة احتجاجية رفضاً لإطلاق سماحة، وذلك أمام منزله في الأشرفية عند السابعة من مساء اليوم الجمعة، في حين قطع عدد من الشبان ليل أمس طريقي البربير وقصقص احتجاجاً على تخلية سماحة.
ردّ السيِّد على ريفي وجعجع
وردّ المدير العام السابق للأمن العام اللواء الركن جميل السيِّد على تغريدة جعجع وقال: «إنّ جعجع هو آخر من يحق له التعليق على الحكم القضائي للمحكمة العسكرية كون سماحة كان مشروع جريمة لم تكتمل، بينما جعجع كان مجرماً كامل المقاييس وجرى الإفراج عنه بقانون عفو سياسي».
واعتبر أنّ «اتّهام ما يُسمّى بوزير العدل أشرف ريفي لضباط وقضاة محكمة التمييز العسكرية بالتآمر في الإفراج عن ميشال سماحة، لا ينطبق مطلقاً على هذا الحكم القضائي، بل أكثر ما ينطبق على ريفي نفسه الذي تآمر مع وسام الحسن والقاضي السابق سعيد ميرزا وغيرهم من الضباط والقضاة، على التحقيق في جريمة اغتيال رفيق الحريري واستقدموا الشهود الزور للتغطية على المجرمين الحقيقيين، وإلصاق التهمة زوراً بسورية والضباط الأربعة».
وعقّب السيِّد على تهديد ريفي لقضاة وضباط المحكمة العسكرية من «أنّه سيقوم بواجبه الوطني حيالهم»، بالقول: «على ريفي أن يقوم بواجبه الوطني بتسليم نفسه إلى المحكمة العسكرية بناءً لإفادات العديد من الموقوفين الإسلاميين الذين جاهروا بأنّ ريفي وغيره كانوا وراء زجّهم بمعارك طرابلس وجبل محسن قبل التضحية بهم وزجّهم في السجون مقابل توزير ريفي وغيره في الحكومة الجديدة».
من جهته، اعتبر النائب السابق جهاد الصمد في بيان، أنّه «بغضّ النظر عن رأينا في الحكم البدائي الذي أصدرته محكمة التمييز العسكرية بحق ميشال سماحة، فإنّ هذا الأخير قد أمضى عقوبته، وبالتالي يتوجّب قانوناً إخلاء سبيله طالما لم يصدر بحقه حكم مبرم».
ورأى الصمد أنّ انتقاد ريفي لأحكام السلطة القضائية «سابقة خطيرة يكرّرها للمرة الثالثة»، مشيراً إلى أنّه «على مجلس القضاء الأعلى رفع الصوت عالياً حفاظاً على استقلالية السلطة القضائية، ودفاعاً عن هيبة القضاء».