أوباما رضخ للأسد وبوتين…

مصطفى العراقي

أعلنت الأمم المتحدة إصرارها على عقد جولة المحادثات السورية المقررة في موعدها المحدد في الخامس والعشرين من الشهر الحالي بجنيف.. وأشار الناطق باسم المنظمة الدولية إلى أن المبعوث الدولي ستيفان دي مستورا، أنهى جولة في المنطقة، وعاد إلى جنيف لاستكمال التحضيرات لجولة المفاوضات المقبلة.

مدينة جنيف تشهد حراكاً سياسياً مكثفاً في هذه الأيام بين روسيا والولايات المتحدة على مستوى مساعدي وزراء الخارجية لوضع اللمسات التحضيرية الأخيرة لمؤتمر «جنيف 3» الخاص بالأزمة السورية.. نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف الذي سيمثّل بلاده في مشاورات جنيف الثلاثية التي ستعقد بين المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا وممثلي القوى الكبرى بشأن الحل السياسي في سورية قال إن الإشكالات ما زالت قائمة بشأن لائحة المنظمات الإرهابية في سورية وإنه تجب مواصلة العمل المشترك لحلّها.. غاتيلوف أشار إلى أنه سيُعقد لقاء في جنيف يوم الخميس مع ممثلي المعارضة السورية الذين لم يحضروا اجتماع الرياض.. كما نفى المسؤول الروسي أن تكون بلاده بصدد البحث مع أحد في إدراج «حزب الله» و«حماس» على لائحة الإرهاب.

أولى العقبات التي تواجه المجتمعين ضمان انعقاد المؤتمر في موعده مع بقاء نقاط هامة في الملف السوري من دون حل، ويتطلّب الأمر إيجاد صيغة مشتركة بين العاصمتين قبيل عقد المؤتمر، وإذا ما فشل المساعدان في التوصل إلى تفاهم، فإن اجتماعاً سيُعقد على مستوى الوزيرين سيرغي لافروف وجون كيري في وقت ما من هذا الشهر في ظل سعي أميركي روسي لضمان الوصول لحل سياسي قبل نهاية شهر أيار المقبل…

العقدة الأبرز التي تواجه المجتمعين هي الوفد التفاوضي للمعارضة إلى جنيف والذي يعكس مصالح السعودية وتركيا وقطر، ويستبعد قوى سياسية أخرى، وهو ما رفضته موسكو بشكل كبير ودعت الخارجية الروسية في أكثر من مرة إلى ضرورة توسيع الوفد التفاوضي للمعارضة… كما تشير جميع المعطيات إلى أنه سيتمّ التوصل إلى تفاهم يضمن دخول المكون الكردي في الوفد المعارض، خصوصاً بعد تشكيل مجلس سورية الديمقراطية الذي يضم قوات «سورية الديمقراطية» وتيار «قمح» وحزب «الاتحاد الديمقراطي»، وجاء تشكيل هذا المجلس ليكون بمثابة قوة سياسية وعسكرية لها وزن في الساحة السورية، بحيث لن يكون من المجدي تجاهله، خصوصاً أن يحظى بدعم أميركي ـ روسي مشترك. ويعقد «مجلس سوريا الديمقراطية» اجتماعات في جنيف لترتيب أوراقه الداخلية قبيل لقائه مع المبعوث الأممي الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا خلال اليومين المقبلين لمناقشة دخول المجلس إلى وفد المعارضة. خصوصاً مع التصريحات الأخيرة لرئيس تيار «قمح» هيثم مناع الذي أكد «مجلس سوريا الديمقراطية» لا يريد أن يكون جزءاً من هيئة الرياض المؤلفة من جماعات المعارضة، لأن بعض عناصر الهيئة تعارض التوصل إلى حل سياسي في سورية، وهو ما يعكس حجم الخلاف بين الجانبين. كما تشكل مسألة الفصائل المسلحة أيضاً أحد أهم الخلافات، حيث يرفض المجلس اعتبار «أحرار الشام» و«جيش الإسلام» من مكوّنات المعارضة في موقف قريب من موقف الحكومة السورية، في حين تعتبر الهيئة أن الفصيلين مكونان رئيسيان في المعارضة، فضلاً عن الخلاف حول طبيعة المرحلة الانتقالية وحدود صلاحية هيئة الحكم الانتقالية، وحول الدستور ومصير الرئيس الأسد، الذي تمّ حسمه بتوافق دولي بأن مصير الرئيس يحدد من صناديق الاقتراع.. موقف الدولة السورية كان ولا يزال مؤيداً للذهاب إلى جنيف، بشرط معرفة الوفد المعارض قبل الذهاب، حيث جدّد وزير الخارجية السوري وليد المعلّم الاستعداد لحضور اجتماعات جنيف، مؤكداً ضرورة الاطلاع على أسماء وفد المعارضة، لأن وفد الحكومة السورية لن يذهب إلى الحوار مع أشباح.

وأوضح خلال لقاء مع نظيرته الهندية سوشما سواراج في نيودلهي أنّ للشعب السوري وحده الحق في تقرير مستقبله، مؤكداً أن بلاده لن تسمح للإرهابيين الذين فشلوا في تحقيق أهدافهم بالقوة بأن يحقّقوا ما يريدون بالمحادثات السياسية… جميع المعطيات توحي بأن الجانب الأميركي أصبح متلهفاً للحل السياسي أكثر من أي وقت مضى وبدا يتسابق طردياً مع تقدم الجيش العربي السوري وحلفائه في الميدان لأن الأميركي فقد كل أوراق المناورة للوصول إلى نتيجة مفادها إسقاط الرئيس الأسد… أما حلفاء الولايات المتحدة فهم في موقف لا يُحسَدون عليه. فالسعودية دخلت في اليمن ولم تتمكن من تحقيق أي انتصار حتى وصل بها الحال الى عدم امتلاكها جنوداً ليحموا حدودها.. أما تركيا فداعش التي حماها اردوغان لسنوات ضربت اسطنبول بتفجيرات عديدة ما جعل الإمبراطور الحالم في حيرة من أمره، خصوصاً بعد خروجه من الملف السوري بشكل كامل بعد اسقاط الطائرة الروسية التي انقلبت وبالاً على الحكومة التركية من جميع الجوانب.. آخر الحلفاء الذين حاولوا التأثير بشكل كبير لإسقاط الدولة السورية هو الكيان الصهيوني الذي نفذ غارات عدة في الداخل السوري وأراد جعل النصرة بمثابة جيش لحد في لبنان. وهذا ما فشل أيضاً بوصول الجيش السوري وحزب الله إلى مناطق قريبة جداً من الجولان المحتل الذي أصبح جبهة مفتوحة بقرار حلف المقاومة…. جميع هذه المعطيات أجبرت الولايات المتحدة بالقبول بخيار اللجوء إلى مقياس الانتخابات لتحديد هوية الرئيس السوري… وجعلت أوباما بنظر المعارضة السورية التي دعمها لسنوات متراجعاً في مواقفه من الأزمة السورية ومستسلماً لنظيره الروسي بوتين وهذا ما أكده منسق معارضة الرياض رياض حجاب.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى