مجلس الأمن يمهّد الطريق لجنيف وموسكو تُعلن بدء العملية العسكرية بدير الزور الأحد تعلن دول الـ 5 + 1 التحقق من الالتزام وفكّ العقوبات عن إيران في 28

كتب المحرر السياسي

أظهرت مناقشات مجلس الأمن الدولي التي استمرت إلى ما بعد منتصف ليل أمس، حول الوضع الإنساني في سورية وحالات الحصار التي يعيشها المدنيون، توازناً متناسقاً في مداخلات الأعضاء، حيث شمل الحديث مضايا وفوعة وكفريا بالتوازي من جهة، وجرى تأكيد ربط الحلول الإنسانية بالحلّ السياسي من جهة مقابلة، وكان موقف موسكو وواشنطن المنسّق هو السقف المشترك الذي أدّى إلى تحوّل الجلسة لتمهيد سياسي نحو لقاءات جنيف المتوقعة بعد عشرة أيام بين وفدي الحكومة والمعارضة، وبقي التمايز الأميركي الروسي قائماً في اللهجة والخطاب لجهة التركيز الأميركي على مسؤولية الحكومة السورية، وتركيز الوفد الروسي على القلق من حالات الحصار التي يقوم بها الإرهابيّون على المدنيّين السوريّين، والمبادرة للإعلان عن عملية مزدوجة تقوم بها موسكو بالتعاون مع دمشق لتأمين المواد الإغاثية إلى دير الزور المحاصَرة، وعملية عسكرية لاستهداف الجماعات الإرهابية فيها.

على ضفة موازية، تنتظر كلّ من فيينا وزوريخ لقاءات هامة الأسبوع المقبل، حيث يتفرّغ وزير الخارجية الأميركي جون كيري لجولات تفاوضية مع كلّ من إيران وروسيا، يتوّجها في لقاء جامع يوم غد الأحد مع دول الخمسة زائداً واحداً بإيران لمراجعة بنود التفاهم النووي، وتقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وصولاً إلى الإعلان عن التحقق من التزام إيران بموجباتها وبدء رفع العقوبات، الذي قالت مصادر أوروبية إنه سيتمّ رسمياً في الثامن والعشرين من كانون الثاني الحالي بعد اكتمال الإجراءات اللازمة لذلك، بينما ينتقل كيري إلى زوريخ الأربعاء ليلتقي بنظيره الروسي سيرغي لافروف في مراجعة موازية للتفاهمات حول سورية، ومسار التفاوض المرتقب في جنيف، وعلى جدول الأعمال قضية وفد المعارضة الذي تصرّ موسكو أن يضمّ إضافة إلى الائتلاف الذي شارك في مؤتمر الرياض، كلاً من قدري جميل وهيثم منّاع وصالح مسلّم، كما تصرّ على استثناء كلّ من يمثل جماعات تمّت إلى «جيش الإسلام» و«أحرار الشام» بصلة، وتقول المعلومات الواردة من مصادر متابعة لتشكيل وفد المعارضة إنّ واشنطن توافق على ضمّ صالح مسلّم كممثل للأكراد، لكنها لا ترى ضرورة لفرض حضور قدري جميل وتقترح استبدال هيثم منّاع برئيس هيئة التنسيق الوطنية حسن عبد العظيم.

لبنان الذي تسبّبت المؤشرات المتضاربة عن الاتجاهات الدولية والإقليمية بتجميد مبادرات الملفّ الرئاسي، رغم استمرار تداعياتها وتفاعلاتها، لتبقى قضية الحملة على المحكمة العسكرية تحت غطاء الاحتجاج على إخلاء سبيل الوزير السابق ميشال سماحة، وتنكشف أهداف الحملة بما هو لا صلة له بالقضية المثارة، فقد ظهرت قضية الموقوفين الإسلاميين إلى الواجهة تحت عنوان الإفراج عنهم بالجملة، وبينهم مَن تصيبهم مظلومية الإهمال، وفي المقابل مَن يتهم بجرائم موصوفة، ليصير جمعهم في ملف واحد تحت شعار الإفراج تهرّباً من مسؤولية وزارة العدل بتوفير مستلزمات تسريع المحاكمة التي مضت على المطالبة بها سنوات، ما يرسم علامات استفهام حول وجود نيات مبيتة لإطلاق عشرات الإرهابيّين بغطاء قضية محقة لمئات الموقوفين الذين يتوقف إطلاق سراحهم على توفير بعض الاحتياجات الإدارية لتسريع محاكماتهم، وهذه مسؤولية وزير العدل شخصياً، الذي يتصدّر الواقفين وراء الحملة التي عاش لبنان تحت وطأتها أمس.

قضية سماحة تتفاعل

تفاعلت قضية الوزير السابق ميشال سماحة وطغى قرار المحكمة العسكرية بإطلاق سراحه على الساحة الداخلية، لتضاف إلى سلسلة الملفات التي تشكل انقساماً بين اللبنانيين، ما يؤشر إلى معركة جديدة ستكون ساحتها القضاء العسكري الذي تعرّض عبر المحكمة العسكرية لحملة عنيفة من فريق 14 آذار لم تبقَ في إطار التصاريح المطالبة بإلغاء المحكمة فحسب، بل ترجمت أمنياً عبر قطع منظم للطرقات الحساسة.

ونظمت المنظمات الشبابية في قوى 14 آذار و«الحزب الاشتراكي» أمس، اعتصاماً في الأشرفية بساحة ساسين، احتجاجاً على قرار المحكمة. كما استكمل مسلسل قطع الطرق في أحياء العاصمة وبعض المناطق، فعمد شبان إلى قطع طريق قصقص – أمام مسجد الخاشقجي، قبل أن يُعاد فتحها بعد الظهر. كما قطع آخرون الطريق في منطقة الكولا، بالإطارات المشتعلة ومستوعبات النفايات، فيما عمد عدد من نساء أهالي الموقوفين الإسلاميين، إلى قطع الأوتوستراد أمام سراي طرابلس، مطالبين بـ«محاكمة أبنائهنّ الذين مر على توقيفهم عشرات السنوات من دون محاكمة». وفي سجن رومية واصل عدد من السجناء الإسلاميين منذ منتصف ليل الخميس، إضراباً عن الطعام والماء والدواء، احتجاجاً واتخذت القوى الأمنية الاحتياطات كافة.

وعلمت «البناء» من مصادر أمنية أن «مسلسل قطع الطرقات كان بأمر عمليات من قيادة تيار المستقبل التي حددت للمناصرين الطرقات التي يجب قطعها والتجمع فيها بحشود كبيرة، وفي أماكن تشكل استفزازاً للطرف الآخر، كطريقَي قصقص وخلدة، لكن استخبارات الجيش عملت بشكلٍ حكيم على حصرها في مكانها وحالت دون حصول ردات فعل واشتباك أمني مع جهات أخرى».

ورئاسة الحكومة تستوضح…

على المستوى الرسمي، استوضح رئيس مجلس الوزراء تمّام سلام من المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود، طبيعة القرار بتخلية سبيل سماحة. وطلب سلام من رئاسة مجلس القضاء الأعلى القيام بما يلزم لتسريع المحاكمة أمام محكمة التمييز العسكرية تمهيداً لإصدار حكمها النهائي في هذه الدعوى، إحقاقاً للحقّ ونظراً لأهمية الملف وحساسيته باعتباره يتعلق بقضية تمس الأمن القومي. وأكد سلام أنّه «يتطلع دائماً مثل جميع اللبنانيين، إلى سلطة قضائية لا تنحني إلا لقوة الحقّ ولا تعمل إلا لخدمة العدالة ولا تسخّر القانون إلا لحماية الفرد والمجتمع».

وريفي طلب الإحالة للمجلس العدلي

وأكد وزير العدل أشرف ريفي، أنه أعطى تعليماته لتحضير طلب إحالة ملف الوزير سماحة على المجلس العدلي لطرحه على أول جلسة لمجلس الوزراء.

جونز قلق على الوضع الأمني

ومع تزايد القلق من احتمال عودة مسلسل التفجيرات والاغتيالات، سجّل موقف لافت للقائم بالأعمال الأميركي السفير ريتشارد جونز عقب زيارته وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، حيث أعرب فيه عن القلق على الوضع الأمني في لبنان، لافتاً إلى مخاوف على الأمن أينما كان في العالم. إلا أن مصادر مطلعة طمأنت إلى أن «الوضع الأمني في لبنان تحت السيطرة وأن ما حصل في اليومين الماضيين على خلفية إطلاق سراح سماحة مجرد تمثيلية لاستعراض القوة، لإظهار أن الشارع ممسوك من تيار المستقبل، لكن أظهرت أنها تحركات فوضوية ولم تحقق غاياتها التي أرادتها قيادة المستقبل».

بو صعب: بري الضمانة

حكومياً، لا شيء جديد، بحسب مصادر وزارية، التي قالت لـ«البناء» إن جلسة مجلس الوزراء المقبلة معلقة على استكمال الاتصالات والجهود التي يقودها رئيس المجلس النيابي نبيه بري للتوفيق بين الأطراف المعنية في ملف التعيينات في المجلس العسكري، وبالتالي حضور وزراء التيار الوطني الحر وحزب الله جلسة مجلس الوزراء المقبلة وبتّ هذا الملف والتفرّغ لملفات أخرى».

وأكد وزير التربية والتعليم العالي الياس بوصعب أن «التعيينات الأمنية إذا سارت، كما كنا متفقين عليها لا شيء يمنع أن ننجز هذا الأمر». محذراً من أنه «إذا حصل أي تراجعات وقرّر البعض النكث بالوعود يكون يريد العرقلة في العمل الحكومي»، مشيراً إلى أن «رئيس مجلس النواب نبيه بري هو الضمانة لانعقاد الجلسة الحكومية المقبلة، وبحال تمت العرقلة عليه أن يخرج ويعلن مَن هو المعطل».

الحراك إلى التصعيد

على صعيد الحراك المدني الذي يتّجه إلى التصعيد اعتراضاً على قرار الحكومة ترحيل النفايات إلى الخارج، دعا الحراك إلى وقفة رمزية في الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم «لرسم طريق الحل في ملف النفايات»، وسأل في مؤتمر صحافي عقده بعد ظهر أمس عمّن يموّل خطة الترحيل؟ وما مصادر هذا التمويل وما الكلفة الحقيقية؟ ولماذا السرية وغياب المناقصات؟

فرنجية لا يزال مرشَّحاً

على صعيد الملف الرئاسي، أكد وزير الثقافة ريمون عريجي من السراي الحكومي خلال لقائه الرئيس سلام، أن «النائب سليمان فرنجية لا يزال مرشحاً لرئاسة الجمهورية وإن كانت بعض الأمور بحاجة إلى وقت».

وإذ رفضت مصادر في تيار المستقبل التعليق على اللقاء الذي قيل إنه عقد بين الرئيس الحريري والوزير فرنجية في باريس، كشفت لـ«البناء» أن «الحريري مصمّم على الاستمرار في المبادرة التي يجري العمل على تزخيمها بهدف إنهاء الفراغ الرئاسي وأن لا بديل عنها في هذه المرحلة»، ورأت أن «الحريري اختار مرشحاً من صلب فريق 8 آذار والصديق الشخصي للرئيس بشار الأسد لأسباب عدة على رأسها إعلان فرنجية أنه متمسك باتفاق الطائف وبانتخابه يمكن التواصل والانفتاح على الطرف الآخر».

وشددت المصادر على أن «الحريري كان ينتظر موافقة فريق 8 آذار على ترشيح فرنجية ليعلنه مرشحاً رسمياً، إلا أن التوتر والتصعيد بين إيران والمملكة العربية السعودية هو الذي عرقل الأمر».

واستبعدت المصادر أن يذهب رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع بعيداً في علاقته مع رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون إلى حد ترشيحه للرئاسة، «لأن جعجع لديه من الحكمة والتروي ما يثنيه عن هذا الأمر فضلاً عن أنه حريص على وحدة فريق 14 آذار، كحرص المستقبل وخصوصاً التحالف مع جعجع».

موقوف جديد في خلية برج البراجنة

في إطار متابعة نشاطات المجموعات الإرهابية ورصدها، ولا سيما تلك التي نَفذت عمليات انتحارية وتفجيرات والخلايا النائمة التابعة لها، سجل الأمن العام إنجازاً جديداً وأوقف أمس لبنانياً متورطاً بعملية التفجير الانتحاري المزدوج في برج البراجنة، واعترف الموقوف بنشاطه في مجال بيع المواد المتفجرة ومتمماتها وشرائها وقيامه بتسليم كمية من المواد المتفجرة والصواعق التي استخدمت في التفجير.

تحركات عسكرية «إسرائيلية» جنوباً

أمنياً أيضاً، وعلى الحدود الجنوبية، وبالإضافة إلى الحركة العسكرية اللافتة لدوريات العدو «الإسرائيلي» المؤللة على امتداد الحدود الدولية الجنوبية جنوباً في مواجهة الأراضي اللبنانية من مستعمرة المطلة غرباً حتى مزارع شبعا ومرتفعات الجولان السورية المحتلة شرقاً، أفاد مندوب «البناء» في الجنوب سعيد معلاوي أنّ «حركة ناشطة لوحظت لسيارات الجيب العسكرية التي تقل ضباط الاستخبارات الإسرائيلية، بشكل معتاد عند السياج التقني الممتد من بلدة الغجر السورية المحتلة غرباً حتى مستعمرة دان عند الطرف الجنوبي للمزارع شرقاً، وتزامناً مع هذه الحركة الميدانية خرقت طائرات حربية معادية الأجواء اللبنانية قبل ظهر أمس، وتوغّلت على علو مرتفع فوق مناطق العرقوب وحاصبيا وصولاً حتى أجواء البقاع ولأكثر من مرة».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى