زيارة المعلم الهند…مقدّمات ودلالات
محمد شريف الجيوسي
أكد نائب رئيس الوزراء العربي السوري، وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم، من العاصمة الهندية نيودلهي، استعداد سورية لحضور اجتماعات الحوار السوري السوري في جنيف، أواخر شهر كانون ثاني الحالي 2016، وفق ما هو مقرّر، ومبيّناً ضرورة أن تعرف الحكومة السورية أسماء وفد المعارضة الذي ستحاوره في جنيف، لأنّ وفدنا لن يذهب إلى الحوار مع أشباح.
وأكد المعلم… أنّ المبعوث الخاص للأمين العام ستيفان دي ميستورا كان مرتاحاً لنتائج زيارته الأخيرة إلى دمشق.
وأضاف مهندس الدبلوماسية السورية المعلم ـ الذي يمتاز بالهدوء الذي يفلق الخصم والعدو ودقة المفردات وإيجازها الشديد وقوة المقصود ووضوحه، والقدرة على أن لا يُستفز عند توجيه سهامه النافذة بمنتهى الذكاء في قلب وعقل الخصم ـ أنه سمع خلال لقاءاته في الهند دعماً للحكومة السورية والرئيس بشار الأسد، وأنّ الهند تلعب دوراً فاعلاً في مكافحة الإرهاب وفي مسار حلّ الأزمة في سورية.
ومعرباً عن سعادته بنتائج المحادثات مع وزيرة الخارجية الهندية سواراج، واتفاق الجانبين على تعزيز العلاقات بينهما وتعميقها في مجالات النفط والغاز والكهرباء والصناعة والزراعة والتعاون الفني والأكاديمي، وحلّ العقبات التي تحول دون ذلك وعقد اجتماع للجنة المشتركة السورية الهندية قريباً.
وأشار المعلم إلى معاناة الهند من الإرهاب التكفيري وبقلقها من انتشار الإرهاب، وما أبدته وزيرة الخارجية الهندية من دعم لسورية، مبيّناً استعداد بلاده للتعاون الأمني مع الهند، لحماية أمني البلدين والاستقرار العالمي.
وأوضح المعلم أنّ السعودية وتركيا تواصلان سياسة عدم احترام قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وبمواصلتهما تقديم الدعم للإرهابيين، مبيّناً أنّ الجزء الأكبر من الأزمة ينتهي باحترام تركيا والسعودية وبقية داعمي الإرهاب لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
مشدّداً على أنّ للشعب السوري وحده الحق في تقرير مستقبله ولن تسمح سورية للإرهابيين الذين فشلوا في تحقيق أهدافهم بالقوة أن يحققوها بالمحادثات السياسية.
وجدّدت سواراج ترحيبها بالتنسيق السوري الروسي في محاربته، ودعمها للجهود السورية في مساري الحل السياسي ومحاربة الإرهاب معاً.
وشملت محادثات المعلم «الهندية» التباحث مع مستشار الأمن القومي اجيت دوفال، حول ذات الأمور.
ومن الواضح أنّ إصرار الحكومة السورية، على معرفة أسماء وفد المعارضة، لم يأت من فراغ، فاجتماع الرياض اختار وفداً من حوالى 26 شخصاً ما لبث أن ارتفع عدده الى 34، لاسترضاء إرهابيي ما يسمى جيش الإسلام وحركة أحرار الشام الإرهابيتين، ثم أعلن لاحقاً عن وفد آخر لقي رفضاً من الذين ظنوا أنفسهم في المقدمة، أمثال ميشيل كيلو وجورج صبرا وبرهان غليون وعبدالباسط سيدا وأحمد معاذ الخطيب وأحمد الجربا وأسماء أخرى، كانت متبناة من عواصم طامعة بسورية، وتخلت عنهم.
ومن هنا تأتي تصريحات الخائب الفار رياض حجاب، العرمرمية، بأن التاريخ لن يغفر للرئيس الأميركي أوباما ولإدارته خذلانه لما وصفه سفاهةً الثورة السورية حيث سخر أوباما من هذه المعارضة التي يقود وفدها الفار رياض حجاب، ويُمثلها أشخاص هم أطباء أسنان ومزارعون وأكاديميون .
وتأتي زيارة المعلم، للهند بعد زيارتين قام بهما لروسيا والصين الشهر الماضي، واستباقاً لزيارة سيقوم بها الرئيس الهندي ووزيرة خارجيته للمنطقة، كذلك استباقاً لحوارات جنيف السورية السورية، وتعزيزاً لموقف دول البريكس من سورية، وفي آن تعزيز علاقات سورية مع دولة كبيرة كالهند التي ينتشر الإرهاب على حوافيها، ويمكن أن يهدد أمنها القومي واستقلالية قرارها السياسي والاقتصادي المزدهر.
وتدل الزيارة على فشل الغرب وأتباعه بقيادة أميركا في التحكم بمسارات السياسة سواء في منطقة الشرق الأوسط أوالعالم… وانتقاله على نحو مختلف من الهيمنة والسياسات العدوانية والفتن وشنّ الحروب، إلى التعاون والتنسيق والتشاور والمصالح المشتركة مع القوى العالمية الجديدة وهو ما مثلته محادثات المعلم الناجحة في الهند.
وقد ساهم صمود سورية على مدى سنوات الحرب الدولية عليها، في خلق معادلات ومحاور ومفاهيم جديدة، وليس فقط إفشال المشاريع الأميركية في المنطقة، رغم كل ما أحدثته الحرب عليها من دمار في البنى التحتية وضحايا، إلا أن ذلك عزز وكرّس في المقابل العلمانية كنهج حياة ورفضٍ للتعصب والفكر التكفيري والوهابية والإخونية والمذهبية والطائفية، ما يحصن المجتمع السوري والمجتمعات المثيلة من أمراض التشدد غير الوطنية والممارسات الإرهابية الشبيهة، وبما قدّم للآخرين من دروس دموية معاشة مكلفة.
لقد قاد فشل الغرب في تحقيق مخططه الإجرامي في سورية والعراق واليمن ومصر وليبيا والجزائر وتونس… رغم كل الخسائر التي تكبدتها الأمة إلى خلق معادلات جديدة إقليمية ودولية، جعلت الغرب مضطراً، وعبر مناورات من التمنع والتحوير والمماطلة الى العمل المشوب بالأكاذيب لحفظ ماء الوجه بأقل الخسائر التي أصبحت أمراً واقعاً، ضد العصابات الإرهابية التي لطالما خلقها الغرب ومن يليه وموّلها ودربها وسلحها ودعمها بكل أشكال الدعم.
ومن المعادلات الجديدة، اضطرار الغرب عقد الاتفاق النووي مع إيران، وتكريس مجموعات دولية صاعدة من بينها مجموعة دول البريكس، ودول أميركا اللاتينية، فيما يعيش الغرب أزمات اقتصادية مستفحلة وتتجه دول فيه إلى الانقسام بريطانيا ـ فرنسا ـ اسبانيا ـ البرتعال وتسود فيه حكومات بالية فاسدة، ويعيش الكيان الصهيوني الذي زرعه الغرب في الجسد العربي، هزائم متكررة وأسوأ حالاته منذ نشوئه.
وباتت الكيانات العربية الموالية للغرب، تعيش أزمات وورطات وضعت نفسها فيها باختيار العاجز عن مواجهة الضغوط والتبعية، وقصر النظر حد العمى، وما تنطوي عليه من تخلف بنيوي، فأصبح مستحيلاً خلاصها من دون تعرضها للإرهاب، وانقضاض جماعات مضطهدة فيها عليها.
بكلمات: تعيش المنطقة العربية مرحلة ولادة جديدة… في أعقاب سنوات الربيع الأميركي المخلق قسراً من حملٍ سفاحٍ شارك فيه غرب دموي، طامع دوماً لما بين يدي الآخر من خيرات ومزايا، ساعدته في هذا الحمل القذر رجعية عربية وتركية وجماعات مذهبية متطرفة وهابية تكفيرية وإخونية وبعض يسارية عميلة غبية… ولا بد أن الولادة ستنظف الجسد والعقل العربي مما لصق به من بثور وأمراض ودمامل وسرطانات وممارسات غير حضارية.
m.sh.jayousi hotmail.co.uk