استمرار هجمة «14 آذار» على القضاء
استمرّت هجمة «فريق 14 آذار» على المؤسسة القضائية، ولا سيّما المحكمة العسكرية على خلفية إخلاء سبيل الوزير السابق ميشال سماحة، حيث نفّذ مناصرو الفريق المذكور سلسلة اعتصامات في عدد من المناطق، فضلاً عن إطلاق المواقف المندّدة بقرار إطلاق سماحة.
إلّا أنّ رئيس محكمة التمييز العسكرية السابقة وزيرة شؤون المهجّرين أليس شبطيني، أوضحت أنّ «إخلاء السبيل لا يعني البراءة، علماً أنّ ميشال سماحة ليس بريئاً، وتمّت محاكمته في تهمة معيّنة أمام المحكمة الدائمة، حُكم بموجبها لمدة أربع سنوات ونصف السنة، و بُرّئ من التّهمة الثانية، وتمّ تمييز هذه البراءة. قُبل التمييز في التّهمة الثانية التي بُرّئ منها . أمّا في إطار التّهمة التي حُكم بها، ثبت الحكم أنّه نقل سلاحاً، وقضى بسجنه أربع سنوات ونصف السنة. وينصّ القانون العسكري، في إحدى مواده، على أنّه، إن بُرّئ المدّعى عليه، يُحاكَم حراً، حتى لو تمّ التمييز وقُبِل. ما يعني أنّ القاضي لم يفعل شيئاً خارجاً على القانون، والمحاكمة لم تنتهِ بعد. علماً أنّه كان من المفترض الإسراع في المحاكمة في إطار التّهمة الثانية لتفادي المشكلة الحاصلة اليوم في البلاد».
وأشارت شبطيني، إلى أنّ «سماحة حُكم أربع سنوات ونصف السنة لنقله المتفجرات فقط لا غير. ولم يصدر حكم بعد في شأن الجناية التي يحاكَم بها اليوم. ذلك أنّ حُكماً بالبراءة صدر في درجة البداية، قبل أن يبطل ويُعتبر غير موجود، وهو اليوم يُحاكَم بما هو متّهم به. ويحقّ للمحكمة، خلال المحاكمة، أن تُصدر قراراً بتوقيفه».
وعمّا يُحكى عن مساعٍ إلى إلغاء القضاء العسكري، شدّدت على أنّه «لا يُلغى القضاء العسكري، خصوصاً في أيامنا هذه، حيث نواجه الإرهاب والسلاح. كل ما نحتاج إليه هو تعديل القوانين».
من جهته، أعرب إمام «مسجد الغفران» في صيدا الشيخ حسام العيلاني، في بيان، عن أسفه لأن «يعمل البعض على استغلال قرار المحكمة العسكرية إطلاق الوزير السابق ميشال سماحة، لتصفية حساباته ومواصلة هجومه على محور المقاومة».
واعتبر أمين عام «جبهة البناء اللبناني» زهير الخطيب، أنّ إطلاق سراح سماحة مع استمرار محاكمته «أعطى النظام السعودي فرصة للردّ بعنوان شعبي من النافذة اللبنانية على المواقف الاحتجاجية الحزبية التي برزت في لبنان بعد قتلها للشيخ نمر باقر النمر».
وحذّر الخطيب من أنّ «العودة لقطع الطرق غبّ الطلب في الأحياء السنّية، وترافقه مع تصريحات لسياسيين سنّة ملتحقين بـ «14 آذار» إشارة إلى عدم توبة وتعلّم هؤلاء من دروس الماضي، وباستهتارهم بأمن و استقرار المجتمعات السنّية في لبنان»، لافتاً إلى أنّ «هذا التحرك بتنظيمه وتزامنه وجغرافيّته يكشف استمراراً فاعلاً للخلايا المحرِّكة للغوغاء والفتنة من خارج سيطرة وضبط الدولة اللبنانية أو بإيحاء وغطاء من بعد مكوّناتها، وهو بذلك يشكّل اليوم فرصةً وامتحاناً للأجهزة الأمنية التي تدّعي حيادها عن الحزبية والفئوية الطائفية».
ونبّه الخطيب إلى أنّ «التصريحات والتحليلات عن مسلسل الاغتيالات وربطها بإطلاق سراح سماحة من قِبل بعض سياسيي «14 آذار» في سعيها لنبش مدفونات صراع أجهزة المخابرات الدولية على الساحة اللبنانية، يعرّضها، ومعها أمن لبنان، لأخطار متجدّدة في حال شعرت هذه الأجهزة بضرورة كنس نفايات الماضي بوسائلها الدموية».
ورأى الأمين العام للتيار الأسعدي معن الأسعد، أنّ تظاهرات ومواقف قوى الرابع عشر من آذار من إخلاء سبيل سماحة «هي استجابة لأمر عمليات خارجية وفي سياق الصراع السعودي -الإيراني»، محذّراً من «زجّ لبنان في هذا الصراع الذي ستكون تداعياته كارثية بسبب الانقسامات السياسية والطائفية والمذهبية».
واعتبر «أنّ الحملة الإعلامية الممنهجة والمقصودة التي ترافق النزول إلى الشارع وتتّهم القضاء العسكري بالانحياز، هدفها صرف النظر عن تقصير وعجز بعض القوى من تحقيق أجندة مشاريعها السياسية والطائفية».
إلى ذلك، رأى نقيب المحامين في بيروت أنطوان الهاشم، أنّ «البحث في تعديل أو إلغاء أو تقليص عمل المحاكم الاستثنائية، ولا سيّما المحاكم العسكرية منها، لا يمكن أن يكون من باب ردّ الفعل، بل هو من مسؤولية السلطة التشريعية، وسيكون لنقابة المحامين في بيروت موقف تفصيلي بهذا الشأن ينسجم مع مواقفها السابقة التي تعود إلى خمسينات القرن الماضي، لجهة المطالبة بتقليص عمل المحاكم العسكرية، وذلك تجسيداً وتأكيداً لمواقف جميع النّقباء السابقين والمجالس المتعاقبة».