عبقرية زياد الرحباني في صالات السينما تحاكي غموض الغد في «بالنسبة لبكرا شو»
تحقيق: ريما يوسف
«كم بكرا مرق من وقتا… وما عرفنا بالنسبة لبكرا شو»؟، كانوا يعرفون أنه أمر مستحيل ففعلوه، وحسناً فعلوا. بعد 17 سنة، وبعد مخاض عسير، دقت ساعة الصفر وتجمهر سياسيون وفنانون وإعلاميون بشغف واضح لمشاهدة العرض الأوّل المخصّص للإعلاميين من المسرحية السينمائية «بالنسبة لبكرا شو» للمبدع زياد الرحباني في صالة «سينما سيتي» في أسواق بيروت.
فالعبقري وحده هو من يمكنه القيام بالأمور على طريقته، وهذا ما فعله زياد، كان يرفض منذ البداية تصوير مسرحياته، إلا أن لعبة القدر دفعته إلى الموافقة على تصوير مسرحيتَي «بالنسبة لبكرا شو» و«فيلم أميركي طويل» انطلاقاً من مبدأ مراقبة الأداء كونه مشاركاً في التمثيل، وفي ظلّ غياب مخرج يتولّى مراقبة العرض وتدوين الملاحظات. فقام بتصوير بـ«النسبة لبكرا شو» على مراحل قبل أكثر من 35 سنة، بهدف مساعدة المخرج والممثلين خلال التمارين، وكذلك الحال لـ«فيلم أميركي طويل». إلا أنّ التقنيات أفضل بقليل بسبب تطوّر الكاميرات.
العرض الأول كان مثيراً من النواحي كافة، فما تعودنا على سماعه وحفظه قلباً وقالباً سنشاهده، والكلمات والجمل التي ألفناها واعتادت آذاننا على سماعها وشفاهنا على تردادها سنراها بأمّ العين ولو بصورة غير واضحة ونقية كنقاء التكنولوجيا الحديثة ـ كما دأب القيّمون على العمل بالاعتذار في بداية العرض عن الصورة الرديئة ـ إلا أن نقاء التمثيل في ذلك الوقت وبساطة النصوص والحبكة التي تصلح لكلّ زمان ومكان، أوصلت رسالة زياد الرحباني إلى الحضور من دون ملاحظة سوء التصوير.
فزكريا زياد الرحباني قال الكثير ورقص بخفة على أنغام «ع هدير البوسطة»، وقفز إلى نافذة المطبخ كطائر بجناحين، وحرص على إرسال نظرات الزوج الغيّور والفاقد كرامته لزوجته نبيلة زيتوني من دون أن ينطق ببنت شفة. وثمّة مشاهد عدّة جعلتك تحب المسرحية عن طريق السمع فكيف إذا اجتمعت الحواس الأخرى؟!
أمّا ثريا نبيلة زيتوني ، فكانت جميلة وأنيقة في أدائها وفي شخصيتها وفي صوتها الذي لطالما حلم المستمع إلى المسرحية بمشاهدتها، ولم تستطع زيتوني حضور العرض الأول لوجودها خارج لبنان.
ورامز جوزف صقر وهو الغائب الأكبر عن العرض وعن الفنّ ككل، فبدا بسيطاً بلباسه وبقبعته الجبلية الأصيلة، وعظيماً بسلاسته وبابتسامته التي دخلت إلى الأعماق وبخفته بالرقص الشرقي الذي قام به خلال ترداده الأغاني التي حين بدأ بها علا التصفيق والغناء في الصالات الأربع.
وموسيو أنطوان بطرس فرح فقد أجاد بتمثيل هوسه بمراقبة المصاريف والرواتب وبدا شغوفاً بنظراته في إحصائه الأموال.
أما نجيب طباخ الحانة رفيق نجم العصبي، فكان ينظر إلى ثريا نظرة تؤنّبها على عدم موافقته لتصرفها، واعتبر أنه سعيد بمشاهدة نفسه في التمثيل، خصوصاً بعد أكثر من 35 سنة، عندما كان شاباً وهو اليوم أصبح جدّاً. مشيراً إلى أنّ التمثيل مع زياد الرحباني متعة كبيرة.
أسامة فايق حميصي عاش حالة الشاعر المتسكع جيداً بلباسه وشعره ووصوليته تجاه رجال الأعمال العرب.
رضا سامي حواط كان في بداياته، فكان صبيّ الحانة المطيع لزكريا والمطالب بحقوقه من خلاله.
أما الخواجة عدنان غازاروس ألطونيان فكان الرأسمالي الوصولي الباحث عن الهدف من دون الدخول في التفاصيل، وهو من جهته اعتبر أن الزمن أعاده إلى الوراء، علماً أن المسرحية ما زالت تجسد الحالة التي نعيشها اليوم.
مدير البرامج في شركة «أم ميديا» مو حمزة أوضح أن «الفكرة بدأت منذ علمنا بوجود أفلام، إلا أنّ إقناع زياد أخذ وقتاً بعد موافقته بسبب سوء الصورة، وبعد 17 سنة من المناقشات تمت الموافقة فأرسلت الاشرطة إلى لوس آنجلوس حيث استغرق ترميمها ستة أشهر قبل أن تستقر في هامبورغ لمدة سنتين لمعالجة الصوت، وعادت بعدئذٍ إلى بيروت لإنجاز المونتاج ووضع اللمسات الأخيرة. وكان عملاً شاقاً ومثيراً، والأهم ممتعاً. وحرصنا في هذه المغامرة على إنجاز المهام كما يجب، واخترنا منها ما نعتقد أنه يعود على العملين بأفضل نتيجة ممكنة ولاحظنا التغييرات المفاجئة في ملابس الممثلين والاقتطاع الطفيف الذي طاول بعض المشاهد وغيرها من العوائق التقنية التي فرضتها طبيعة الأشرطة الأصلية، وقد استغرق العمل على ذلك ثلاث سنوات».
وعن «فيلم أميركي طويل» قال: «إن الصورة أفضل لأن الكاميرات أصبحت متطورة أكثر، ويعمل عليه لعرضه لاحقاً».
واعتبر حمزة أنّ المسرحية هي باكورة عمل شركة الانتاج، وسيعرض الفيلم في صالات السينما اللبنانية كلها، متوقعاً أن تطول فترة عرضه وأن يشهد إقبالاً قوياً.
من جهتها، اعتبرت النجمة كارمن لبّس أنها شاهدت المسرحية للمرّة الأولى وتتمنّى لو شاهدتها من قبل، «إلا أنني أشعر أنني عدت إلى الزمان والمكان نفسهما، أي منذ 38 سنة، والاجمل ان هناك عدداً من الناس ضدّ أن تعاد أو تعرض، إلا انه من المضحك المبكي أننا نشعر انه ليس هناك أي تقدم في لبنان والوضع ما زال على حاله». وختمت معتبرة ان الاجمل، ان المسرحية تعرض بعناصرها الأصلية الأساسية.
اللبنانيون مستعدّون ومتأهبون لمشاهدة المسرحية ـ السينمائية المنتظرة، ويقال إن أكثر من 100.000 بطاقة دخول قد بيعت.
الوكالة الوطنية للإعلام