مؤتمر الرياض المعارض إلى تفكّك

حسن بركات

عقد مؤتمر الرياض كنتيجة لمؤتمر فيينا، وكان من أهم نتائجه رفض مؤتمر فيينا. وفي ظلّ متناقضات واختلاف سياسات المصنّعين للخروج بمنتج يمكن تسويقه في «ماركت» السياسة الدولية، لا يبدو أن هذا المنتج سيحوز على رضا المستهلك.

مؤتمر الرياض الذي تمخّض عن تشكيل هيئة تفاوض برئاسة رياض حجاب، مهمتها بدء مفاوضات سياسية مع الحكومة السورية بإشراف الأمم المتحدة تشترط تأسيس نظام سياسي جديد من دون الرئيس الأسد وأركان الحكومة الحالية، وألا يكون للرئيس أيّ دور في المرحلة الانتقالية وما بعدها، وأن تكون مقررات جنيف، لا فيينا والقرار 2118 الذي يشدّد على أن الحل الوحيد للأزمة الحالية في الجمهورية العربية السورية، يأتي فقط عبر عملية سياسية شاملة وبقيادة سورية تقوم على أساس إعلان جنيف الصادر في 30 حزيران 2012.

اصطدم هذا المؤتمر بانسحابات أعضاء، واتهامات واعتبارات لأطراف لا تملك القدرة أصلاً لصنع موقف بعيداً عن أطراف دولية وإقليمية تواجدت بقوة في المقررات النهائية للمؤتمر.

فتركيا ترفض أيّ حلّ سياسي من دون حسم مصير الرئاسة السورية مسبقاً. ويبدو جلياً للعيان أنّ هناك حرباً باردة سعودية ـ قطرية للهيمنة على قوى «المعارضة السورية» التي تحاول روسيا جاهدة إعادة تشكيلها.

وبعد كل ذلك، قالت «جبهة النصرة» كلمتها برفض مقررات المؤتمر مهما كانت.

فهل ورّطت السعودية وتركيا «المعارضة السورية» بسقف لا يمكن بلوغه؟

روسيا المتحكمة بمفاصل الأمور على الأرض تقود عملية منتظمة لتنفيذ قرار مجلس الأمن 2254. فبعد مطالبة «المعارضة» تنفيذ بند تشكيل وفد للتفاوض مع الحكومة السورية، بدأت بفرض تنفيذ البندين 12 و13 من القرار ذاته، القاضيين بإدخال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة، بدءاً بكفريا والفوعة ومضايا ووصولاً إلى دير الزور.

هي رسالة روسية واضحة، مفادها أنها متمسكة بهذا القرار حتى نقطة الحبر الأخيرة مع ما ينصّ عليه من تشكيل حكومة انتقالية في ظل الرئاسة الحالية تليها انتخابات حرّة.

وعلى ضفة الوفد «المعارض»، تتالت الصدمات لجماعة الرياض. فالسعودية لا تنجح في حماية السقف السياسي ولا في حماية حصرية التمثيل. وكذلك، لا تنجح في حماية الشركاء المسلحين من تصنيفهم على لائحة الإرهاب بدءاً من «النصرة» وصولاً إلى «جيش الإسلام» و«أحرار الشام»، بغضّ النظر عن القائمة الأردنية للمنظمات الإرهابية التي ما زال الأردن يخشى الكشف عنها ويخشى ظهور مشاريع قوائم مشابهة إقليمية.

متغيّرات ستحوّل مؤتمر الرياض إلى ثلاثة أقسام، قسم يلتحق بـ«النصرة» والجماعات المسلحة المصنّفة إرهابية، وقسم يشارك ولا يهمه الحجم والدور، وقسم ينسحب ويتقاعد ويتنعّم بما سرق من الأموال.

والنتيجة: المهمة انتهت، وانتهت صلاحية المُنتَج!

كاتب سوري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى