العالم الأعشى يتواطأ مع مجازر أردوغان!؟
نظام مارديني
يعتصر الألم قلب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الآن وهو يشاهد كيف تنحسر شيئاً فشيئاً مواقع سيطرة «دواعشه»، بالقرب من الحدود مع سورية، وآجلاً وعاجلاً سيلتفت العالم إلى صدى المجازر التي يرتكبها بحق الأكراد بحجة دعمهم لحزب العمال الكردستاني.
الحوادث المتسارعة التي يشهدها الداخل التركي والمواجهات بين الكرد من جهة والشرطة والجيش التركيين من جهة أخرى، تعيد إلى الواجهة ذكريات مؤلمة لسنوات الحرب الدموية التي ظنّ الكثيرون أنها ذهبت دون عودة تلك الحرب التي راح ضحيتها أكثر من خمسة وأربعين ألف من الجانبين، وأحرقت أكثر من أربعة آلاف قرية كردية وشردت مئات الآلاف عن ديارهم، وذهب الآلاف ضحية قتل مجهول الهوية، كما أكدت السنوات الثلاثين من الصراع إلى خسائر اقتصادية لأكثر من 500 مليار دولار.
الذكريات المرة للحرب تبرز من جديد في ظل تصعيد الموقف التركي تجاه الحزب وفي ظل تنامي التطرف الديني المتمثل بـ «داعش» المدعوم من أنقرة، ومن ثم بدء انحسار هذا التطرف، الذي يستهدف المنطقة برمتها وفي المقدمة منها الكرد.
ولكن هذا التصعيد التركي الإجرامي ضد الأكراد لن يمنع من النظر إلى الصمت المريب لرئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني، كما لصمت الغرب تجاه هذه المجازر، وهو صمت يتجاوز الموقف السياسي إلى الأخلاقي، ويثير الكثير من علامات الاستفهام والريبة حول المستفيد من ذلك!؟
صحيح أن البرزاني الذي اكتفى بالقلق والدعوة إلى وقف المناوشات، لم ينزلق بعد إلى الاصطفاف بجانب أي طرف من أطراف المواجهة، غير أن هذا التوجّه بعينه يدينه بقوة قبل غيره، بسبب تحالفاته المشبوهة التي شددت الخناق على رقبته، وهو سيدرك قريباً أن شهر العسل الطويل والمثمر بين أنقرة و«دولة الخلافة» سينتهي على فصل مأساوي مع سقوط مشروع أردوغان الداعشي.
لا يختلف وضع البرزاني في هذه المواجهة الدموية، بين الـ bkk والجيش التركي عن الدول الإقليمية كافّة، تلك الدول أيّدت المجازر بحق أكراد تركيا سواءٌ أميركا، قطر أم السعودية، بل بات رئيس الإقليم كـ«بالع الموسى»، فلا يستطيع نصرة أبناء جلدته والوقوف إلى جانبهم مباشرة في إطار الاستراتيجية التي يسعى من خلالها لتكريس نفسه كبطل قومي وأب روحي للأكراد، كذلك لا يستطيع أن يفكّ تحالفه عن الحكومة التركية التي يرتبط معها بعلاقات نفطية وسياسية تخدمه في تكريس طموحه الاستقلالي الذي يعاني هو أيضاً من اهتزازات بنيوية داخلية.
نقول لأردوغان: لا تجرّب على الإطلاق، حظك العاثر في السباق، فطعم الهزيمة مُرّ المَذاق والدروس المستقاة من تجربة «النوم على سرير واحد» مع جماعات إرهابية أثمانها باهظة جداً وتشير إلى أن حلمك السلطاني في قصر الخلافة المنيف ورهانك على حبال الأوهام لن يطولا.