جعجع يرشّح عون: كلّ الطرق تمرّ من دمشق

عامر نعيم الياس

رشّح رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع العماد ميشال عون لشغل منصب رئاسة الجمهورية اللبنانية الشاغر منذ عشرين شهراً. كلام جعجع جاء في مؤتمر صحافي مشترك مع عون في معراب التي شهدت حضوراً كبيراً من قياديّي القوات اللبنانية وآخرين من التيار الوطني الحر. وقال جعجع إنّ «ما عزّز الاقتناع بهذه الخطوة هو تطوّر العلاقات بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحرّ، لا سيما بعد ورقة إعلان النيات التي وقعت في حزيران 2015»، واصفاً الأمر بأنه «عملية إنقاذ» في ظل الفراغ الرئاسي.

يقلب رئيس القوات اللبنانية الطاولة على رأس فريق الرابع عشر من آذار، ورغم أنّ خطوته هذه كانت متوقعة، وأدّت إلى تدخل السفير الفرنسي في بيروت شخصياً بين الحريري وجعجع لرأب الصدع بينهما، إلا أنها اليوم أضحت أمراً واقعاً على الفرقاء السياسيين في لبنان التأقلم معه، فالخطوة الجريئة تخلط الأوراق، وتضرب في الصميم الطبقة السياسية التقليدية الحاكمة في لبنان أو الترويكا التي أرساها رفيق الحريري والتي تضمّ إضافةً إليه كلاً من نبيه بري، ووليد جنبلاط. هذا الأخير الذي لا يزال يملك صوتاً مرجّحاً في اللعبة السياسية اللبنانية، فيما يبقى خلاف بري مع فريق الثامن من آذار غير خاضعٍ للنقاش العلني وغير مصحوبٍ بموقف معيّن يعادي خيار ترشيح عون للرئاسة اللبنانية، مع أنّ بري يدعم فرنجية الذي بات اليوم محسوباً على الطبقة الكلاسيكية الحاكمة في لبنان من أبناء العائلات.

نحن اليوم أمام مشهد يمسّ الثامن من آذار كما يمسّ الرابع عشر من آذار، مع أنّ الفريق الأخير اضمحلّ وتقلّصت قوّته مسيحياً إلى حدّ كبير، فنحن اليوم أمام مشهد يقول إنّ عون بات يحظى بدعم أكثر من 75 من الكتلة المسيحية الناخبة في لبنان، وهو، أيّ عون، مرشح الثامن من آذار، وبهذا المعنى بات جعجع أقرب في الملف الرئاسي إلى موقف قوى محور المقاومة، ولكن ردّ فعل النائب سليمان فرنجية يهدّد بضرب هذا التطوّر النوعي عرض الحائط ويتطلّب دخول دمشق على خط تكريس ترشيح النائب عون، وضبط صفوف قوى الثامن من آذار، فسليمان بك لا يزال الحليف الأقرب والأوفى لقصر المهاجرين في صفوف المسيحية السياسية في لبنان، وهذا أمر لا يستطيع أحد إنكاره.

كلّ الطرق تمرّ من دمشق والنائب فرنجية الذي أعلن بُعَيْد إعلان جعجع دعمه ترشيح عون للرئاسة، أنه «لا يزال مرشحاً ومن يُردْني يعرفْ طريق منزلي»، يعي انه وبيده وحده سيخرج فريق الثامن من آذار منتصراً بشكلٍ لا لبس فيه من معركة الرئاسة اللبنانية، فيما سيكون تيار المستقبل الخاسر الأكبر من الفخ الذي أراد إيقاع قوى الثامن من آذار فيه، لكنه انقلب عليه اليوم جزئياً.

كلّ الطرق تمرّ من دمشق، والتسليم ببقاء الأسد في قصر المهاجرين، لا يمكن له أن يمرّ مرور الكرام في قصر بعبدا، فالصدى واحد والمرشح وإنْ كان مسلّماً أنه سيكون من فريق الثامن من آذار، إلا أنّ تداعيات صمود دمشق ستغيّر المعادلة الداخلية في لبنان، فاليوم نحن أمام مشهد سيغيّر الخارطة السياسية اللبنانية برمّتها، ويعادل في دراماتيكيته ما جرى عند لحظة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري.

كاتب ومترجم سوري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى