رنيم بركات: دمج الغناء الأوبرالي بالثقافة السورية يساعد في انتشاره

محمد سمير طحّان

تجتهد طالبة الغناء الكلاسيكي رنيم بركات من أجل صقل إمكانياتها الصوتية، لتكون من بين الصف الأول في الغناء الأوبرالي، وذلك من خلال التدريب المستمر والاستفادة من الخبرات الأكاديمية في هذا المجال، سواء في المعهد العالي للموسيقى أو خارج المعهد.

وعن طموحها في الغناء الأوبرالي، تقول المغنية الأوبرالية الشابة رنيم بركات: أرغب بعد التخرّج من المعهد العالي للموسيقى بإتمام دراستي في الخارج والعودة إلى بلدي كي استطيع ردّ جزء بسيط مما قدمه لي. مشيرة إلى العقبات التي يعاني منها معظم شباب جيلها من المتخصّصين في الموسيقى في السفر بقصد إتمام الدراسة في الخارج، وإن كانت هذه المسألة لا يتوقف عليها مستقبلهم الموسيقي بشكل كامل.

وترى بركات أن هناك آفاقاً واعدة لشركات الإنتاج الفني للاستثمار في مجال الموسيقى الكلاسيكية والغناء الأوبرالي. لافتة إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي تغلّبت في الآونة الأخيرة على شركات الإنتاج في تقديم فرصة وصول الفنان إلى الناس، لأنها دخلت إلى كل بيت وبطريقة جميلة واقتصادية. مؤكدة أن هذه الوسائل لا يمكن أن تلغي دور شركات الانتاج ووسائل الإعلام التقليدية من تلفزيون وإذاعة.

وتؤكد بركات أن سورية رائدة في مجال الغناء الأوبرالي مقارنة بباقي البلاد العربية، كما أنها صدّرت للعالم نخبة من المغنّين الذين رفعوا اسمها عالياً، بدءاً بآراكس تشيكيجيان ولبانة قنطار وتالار دكرمنجيان، وصولاً إلى سوزان حداد ورازق بيطار. مشيرةً إلى أن تعاونها مع الأستاذة تشيكيجيان زرع ونمّى حبّ هذا الفنّ في داخلها.

وقالت طالبة الغناء الأوبرالي: إن الموسيقى الكلاسيكية والغناء الأوبرالي غير منتشرَين على نطاق واسع في بلدنا. ومع ذلك استطاعت تشيكيجيان وبقليل من الإمكانيات التي أتيحت لها وبظروف لا تعتبر مثالية، تأسيس مدرسة غناء أوبرالي في سورية، والتي فتحت الباب أمام كثيرين للتعرف إلى هذا الفنّ والنهل من نبعه ودراسته بشكل أكاديمي ومحترف.

وتشير بركات إلى أن الأزمة أثّرت على دراستها وتدريباتها كطالبة غناء أوبرالي كونها تدرس اختصاص الصيدلة في محافظة أخرى، وما يواجهها من عقبات للتنسيق بين الاختصاصيين. موضحة أن عدداً من الأساتذة في معهد الموسيقى الذين غادروا إلى الخارج بحثاً عن فرص عمل تضمن لهم الاستمرار في العمل الموسيقي، أثروا سلباً على المستوى التدريسي في المعهد وعلى المستوى الفني في الساحة الموسيقية السورية بشكل عام.

ولا تجد بركات أن ترافق بداية مشوارها الفني مع احتدام الأزمة في البلد أمراً سلبياً أو يدعو إلى التشاؤم أو الاستسلام وقالت: جيلنا استفاد من هذه الأزمة بتعلّم كيفية التعامل مع كافة الظروف ما أدّى إلى تقويتنا تجاه عدد من المصاعب، وزاد من حسّنا الفني ودعانا إلى إدراك مدى حبّنا لما نفعل وما ندرس وكم يستحق هذه التضحيات.

وترى بركات أن واقع الغناء الأوبرالي في سورية حالياً ليس في قمة ازدهاره، ولكننا ما زلنا نرى حفلات صولو أوبرالية لمغنّين سوريين ظلّوا في وطنهم، وهؤلاء يستحقون التقدير والتحية مبيّنة أن الأعمال الموسيقية بشكل عام ما زالت مستمرة بوجود أساتذة وموسيقيين استمروا بالعمل لإيمانهم بما بنوه طوال سنوات أمثال ميساك باغبودريان ورعد خلف وغيرهما.

ولانتشار الغناء الأوبرالي في سورية بشكل أكبر، تدعو بركات إلى إخراجه من نطاق دار الأوبرا والعمل على دمجه بالثقافة السورية، كونه فناً دخيلاً لا يمكن تقبله من الجمهور السوري دون اقترابه من الفنون المعروفة لدينا.

وعن برامج المواهب على الفضائيات العربية تقول بركات: لا نستطيع إنكار أن هذه البرامج ساعدت أصواتاً كثيرة في أن تجد جمهوراً لها، لكنّني أرفض المشاركة في مثل هذه البرامج لأن هذه الأضواء زائفة وتأتي بغرض تجاري في معظم الأحيان، بعيداً عن الحقل الموسيقي الأكاديمي الذي أنهل منه معارفي لأبني موهبتي. ولن يضيف لي أي معرفة موسيقية. لافتة إلى أن هناك الكثير من المواهب التي شاركت في مثل هذه البرامج لكن لم يظهر لها أي نتاج فني ما يثبت أن هذه البرامج هي حرق للمواهب.

وتشير بركات إلى أن المعهد العالي للموسيقى أهم مؤسسة موسيقية في سورية وهو الأهم في العالم العربي مع معاهد مصر وتونس، لافتة إلى أن المعهد، ورغم الأزمة، ما زال يقدّم بجهود إدارته ومعلميه، كلّ ما يستطيع لطلابه وبكامل الطاقات والإمكانيات المتاحة. فهو كان وما زال طُموحاً لعدد من الشباب الذين يريدون الدخول في معترك الموسيقى.

لا تبالغ بركات بالتفاؤل حيال واقع الموسيقى في سورية، وتدعو من أتمّ دراسته في الخارج إلى مساعدة الطلاب الدارسين في سورية بأيّ وسيلة متاحة. مؤكدة أن عودة أبناء سورية إليها حتمية، وعندئذ سنتمكن من النهضة والإعمار من جديد بما نملك من مقومات تؤهلنا للمنافسة على مستوى العالم بالغناء الأوبرالي.

والميتزو سوبرانو رنيم بركات طالبة في السنة الثالثة في المعهد العالي للموسيقى قسم الغناء الأوبرالي وفي السنة الخامسة في جامعة القلمون اختصاص صيدلة، تتلمذت في الغناء الأوبرالي على يد آراكس تشيكيجيان من عمر 16 سنة وحتى دخولها إلى المعهد العالي للموسيقى، حيث أشرفت على دراستها مغنية الأوبرا غادة حرب مع الدكتور نبيل الأسود. وشاركت في عدد من الحفلات داخل سورية، وكانت لها مشاركات صولو في عدد منها، إضافة إلى مشاركتها في تقديم سيمفونية السلام مع أوركسترا بوتشيني تورو ديل لاغو بقيادة المايسترو ناهل الحلبي في دبي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى