ماذا بعد رفع العقوبات عن إيران؟
أفردت الصحف الأميركية الصادرة أمس الثلاثاء مساحات واسعة في صفحاتها لتناول الاتفاق النووي مع إيران بعد دخوله حيّز التنفيذ قبل ثلاثة أيام. واختلفت زوايا التناول باختلاف مواقف تلك الصحف من إدارة الرئيس باراك أوباما.
فقد اعتبر نيكولاس بيرنز نائب وزير الخارجية الأميركي السابق، في مقال نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» المؤيدة لأوباما، هذا التطور في الأحداث بمثابة نقطة تحول في تاريخ الشرق الأوسط الحديث، واصفاً بدء تنفيذ الاتفاق بأنه «يوم نادر وواعد» بالنسبة إلى واشنطن وطهران. غير أنه مع ذلك رأى أن إيران تظل «خصماً قوياً» لأميركا في صراعات الشرق الأوسط كافة.
وقال إن الاتفاق النووي ستكون له تبعات متعدّدة، فإيران بعد رفع العقوبات عنها ستصبح لاعباً رئيساً في أسواق الطاقة العالمية. ولن تكون دولة منبوذة سياسياً في نظر معظم دول العالم.
والأهم من ذلك ـ برأي بيرنز ـ أن هذا الاتفاق يُجنّب الشرق الأوسط احتمال نشوب حرب كبرى ثالثة، وأن مساعي إيران للحصول على أسلحة نووية قد أُحبطت على الأقل في الوقت الراهن.
وأشاد الكاتب بنهج أوباما في التعامل مع الملف النووي الإيراني، معتبراً اللجوء إلى الدبلوماسية كأداة مفضلة في الاستراتيجية الأميركية، من أفضل النتائج الواعدة للاتفاق. وقال إن تشديد أوباما على أهمية الدبلوماسية في أعقاب تدخلات واشنطن في أفغانستان والعراق، يجعله يعتقد أنه بذلك يعيد النظر في مفهوم الريادة الأميركية في العالم بشكل بنّاء وواقعي أكثر من ذي قبل.
وعلى النقيض، شنّت صحيفة «واشنطن تايمز» المعروفة بميولها اليمينية المناصرة للحزب الجمهوري، هجوماً عنيفاً على الاتفاق.
فتَحْتَ عنوان «رئيس لطيف مع إيران»، كتب دان بيرتون في الصحيفة قائلاً: «منذ الوهلة الأولى في عهد الإدارة الحالية بدا لي أن الرئيس أوباما ومستشاريه قد استبدّ بهم هاجس خطير تمثّل في نظرتهم إلى العالم كما يريد أوباما لا كما هو عليه في الواقع، والنتيجة ـ كما هو متوقع ـ جاءت كارثية للولايات المتحدة وحلفائها».
وأضاف: «البعض يقولون إن أوباما رجل ضعيف وغير حاسم، لكنني أعتقد أنه يعرف بالضبط ما يفعله». وأوضح أن التحدي الأكبر الوحيد الذي يواجه العالم اليوم ـ بما فيه الولايات المتحدة ـ يتمثل في الإرهاب الإسلامي المتطرّف، مشيراً إلى أن الرئيس يرفض الاشتباك معه داخل أميركا.
ووصف بيرتون في مقاله السياسة الخارجية لأوباما ـ من أوكرانيا إلى كوريا الشمالية ـ بأنها كارثة. وقال إن ميل الرئيس لدفن رأسه في الرمال وإنكاره حتى وجود أنظمة إسلامية متطرّفة أمر مثير للقلق جدّاً.
وفي مقال نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال»، كتب بريت ستيفنس أن السياسة الخارجية الليبرالية اليوم مبنيّة على الاسترضاء المغلف بدثار من الواقعية داخل إطار من المساواة الأخلاقية.
وعندما يتعلق الأمر بسياسة أميركا تجاه إيران، «فإنها تعني الاعتقاد بأننا ارتكبنا من الأخطاء بقدر ما ارتكبه الإيرانيون بحقنا، وأن مصالح أمننا القومي تتطلب منّا التوصل إلى تفاهمات مع الإيرانيين، وأن أفضل وسيلة لتبديد الشكوك وتقليص نفوذ المتشددين الإيرانيين بمرور الزمن تكمن في استقطاب المعتدلين أكثر وأكثر، وإبداء مرونة دبلوماسية أكبر وأكبر».
لكن ستيفنس يرى أن ذلك لا يعدو أن يكون محض نظرية ثبت خطؤها بالتجربة عند كل منعطف. وخلص إلى القول إن إيران ستصبح دولة طبيعية فقط إذا ما كفّت عن أن تكون جمهورية إسلامية. مضيفاً أن السؤال الوحيد هو: ما مدى استعدادنا لإذلال أنفسنا في سعينا لتطبيع العلاقة» مع إيران؟».
وأبرزت صحيفة «لوس آنجلوس تايمز» تقريراً إخبارياً كشف عن أن الجنود الإيرانيين انتزعوا شريحتين إلكترونيتين من جهازَي هاتف نقال يعملان عبر الأقمار الصناعية كانتا بحوزة البحارة الأميركيين العشرة الذين احتجزتهم طهران قبل أن تطلق سراحهم الأسبوع الماضي.
ونقلت الصحيفة عن وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون أن الإيرانيين احتفظوا بالشريحتين لكنهم أعادوا كل قطع السلاح والذخيرة والمعدّات عند الإفراج عن البحارة.
وقالت إن أول تقرير علني يصدر عن القيادة المركزية الأميركية حول تفاصيل حادثة احتجاز البحارة بعد دخول الزورقين الحربيين اللذين كانا يقلانهم إلى مياه إيران الإقليمية، لم يُجب عن السؤال المهم المتعلق بسبب انحراف طاقمَي الزورقين عن مسارهما في الخليج.