تقرير
تطرّقت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الروسية إلى دعوة رئيس الحكومة اليابانية إلى الحوار مع موسكو في شأن المسائل الدولية، مشيرة إلى استعداده لزيارة موسكو أو لدعوة بوتين كي يزور طوكيو.
وجاء في المقال: دعا رئيس الحكومة اليابانية شينزو آبي إلى انخراط روسيا ـ إلى جانب «مجموعة G7» ـ في تسوية النزاع في الشرق الأوسط. وهنا أعلن عن استعداده لزيارة روسيا أو لدعوة الرئيس بوتين كي يزور اليابان لمناقشة مسائل الحدود المعلقة. ورغم أن اليابان لا تدعو إلى إعادة العضوية لروسيا في مجموعة الدول المتقدمة، إلا أنّ مبادرة آبي قد تزعج واشنطن. فاليابان، بحسب رأي الخبراء، تريد استعراض استقلاليتها في المحافل الدولية.
يستخدم الكاتب البريطاني المشهور جون لي كاريه في تسمية إحدى رواياته عن الجاسوسية كلمات «العودة من البرد». وهذا التعبير استخدمته صحيفتا «فايننشال تايمز» البريطانية و«نيكي» اليابانية اللتان أجرتا مقابلة مع آبي، في وصفهما المبادرة الدبلوماسية لرئيس الحكومة اليابانية في شأن التعاون مع روسيا.
ماذا اقترحت اليابان يا ترى؟ بما أن اليابان تترأس هذه السنة «مجموعة G7» فإن آبي ينوي التوجه إلى موسكو أو دعوة الرئيس الروسي إلى طوكيو، مشيراً إلى أن مناقشة توتر العلاقات بين إيران والمملكة السعودية والنزاع السوري وتهديدات الإسلام الراديكالي «تستدعي منّا تعاوناً بنّاءً مع روسيا».
فبحسب «فايننشال تايمز»، علّقت «مجموعة G8» عضوية روسيا بعد انضمام شبه جزيرة القرم إليها والمشاكل في جنوب شرق أوكرانيا. وقد انضمت اليابان إلى العقوبات الاقتصادية المفروضة ضدّ روسيا. ولكن آبي قال بوضوح إنه يريد العمل مع بوتين، وأضاف: «باعتباري رئيساً لمجموعة G7، يجب عليّ إيجاد حلول لكلّ ما يتعلق باستقرار المنطقة والعالم»، مشيراً إلى المشاكل الحدودية المعلقة مع روسيا بسبب جزر الكوريل، وإلى أن الحوار مع روسيا والرئيس بوتين مهم جدّاً.
من جانبها نشرت «نيكي» النصّ الكامل للمقابلة مشدّدة على قول آبي: «على الرغم من مضيّ 70 سنة على نهاية الحرب، لم توقّع روسيا واليابان حتى الآن معاهدة سلام. وهذا ليس طبيعياً. الرئيس بوتين يتفق معي في هذا. أنا أريد إجراء محادثات معه لتسوية مسألة الحدود وتوقيع اتفاق سلام».
هل هذه التصريحات تشير إلى تغيّر في الموقف الياباني في شأن العلاقة مع روسيا؟
يجيب عن هذا السؤال رئيس مركز الدراسات اليابانية في معهد الشرق الأقصى فاليري كيستانوف بالقول: «يمكن اعتبار هذا نوعاً من تحوّل نحو روسيا على خلفية العقوبات وعلى خلفية الإبعاد التي ينتهجها زعماء الغرب ضدّ بوتين. ولكن وراء كل هذا تكمن رغبة آبي في تسوية مشكلة الحدود. إنه يراهن على بوتين. فقد أعلن آبي مراراً أنه يريد تسوية هذه المشكلة ما دام يشغل منصب رئيس الحكومة. ولكن الموقف الياباني لم يتغير جوهرياً. يجب على روسيا إعادة الأراضي الشمالية، عند ذلك فقط يتم توقيع معاهدة السلام وفتح صفحة جديدة في العلاقات بينهما».
الخبراء يحللون تصريح بوتين بضرورة التوصل إلى تعادل: هل يعني إعادة جزيرتين وفق إعلان 1956، أم تقسيم مساحة الجزر الأربع مناصفة؟
يضيف كيستانوف إن لآبي تصورات عدّة في شأن ضرورة التعاون مع روسيا. لأنه شخصياً يعاني من عزلة في منطقة شمال ـ شرق آسيا. كما أن له مشاكل حدودية جدّية مع الصين وكوريا الجنوبية، وكلتاهما لا ترغبان حتى في التحدث عن هذا الموضوع. ولكن روسيا مستعدّة للحوار. ويقول: «آبي بهذا يقول للصين وكوريا الجنوبية: انظرا، نحن نناقش مع روسيا هذه المشكلة المعقدة. لماذا أنتما متشدّدتان بهذا الشكل؟».
وبحسب كيستانوف، تنتشر من جانب آخر في اليابان أحاديث عن الخطر الصيني بسبب قوة جيش الصين وتطوّره. لذلك يبدو اليابانيون قلقين من التقارب الصيني ـ الروسي ليس فقط في مجال الاقتصاد والسياسة، إنما في المجال العسكري. ومن المحتمل أن يكون التحوّل نحو بوتين هدفه فصل روسيا عن الصين بعض الشيء.
إضافة إلى هذا، هناك دوافع أهم لآبي. فقد أعلن أن على اليابان أن تصبح زعيمة الدبلوماسية العالمية عام 2016. أي أنه هنا يحاول كسب النقاط في مجال التوسّط بين روسيا والغرب.