دول الجوار السوري مغناطيس جاذب للإرهاب… وكسب هي «قرم سورية»

محمد أحمد الروسان

في آخر كلام لمساعدة وزير الخارجية الأميركية، السيدة آن باترسون، تحدثت وهرفت حول أولويات السياسة الخارجية الأميركية في سورية حاليّاً، بمكافحة الإرهاب ومنع المدن السورية التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة من الانهيار وبحسب قولها، مع تزويد المعارضة السورية المسلّحة الأسلحة غير الفتّاكة والنوعية الموجودة في إحدى دول الجوار السوري الآن، ولم يظهر بعد الضوء الأخضر الأميركي لإدخال الجزء الأكبر منها ربما بعد زيارة أوباما الأخيرة الى السعودية يضاء الضوء الأخضر لإدخال جلّها ، أيضاً في إنهاء خطر أسلحة سورية الكيماوية ودعم دول الجوار السوري من الحلفاء والأصدقاء، مع المساهمة بسخاء في المساعدات الإنسانية رغم وجود فائض إنساني على الحدود السورية مع الأردن ولبنان فوق طاقة البنية التحتية لكلا البلدين، ودعم المعارضة السياسية على نحو مباشر من خلال مجموعة لندن، أيضاً بحسب ما قالت المساعدة أو هرفت.


تعليقاً على كلامها وما هرفت به نقول: بسبب أركيولوجية السياسة الأميركية وتخبطاتها ومتاهاتها واضطراباتها، مسنودة من حلفائها من غرب وبعض عرب، ومن حكومة حزب التنمية والعدالة في تركيا، صارت المنطقة في الشرق الأوسط مغناطيساً جاذباً لمجاميع الإرهابيين ذوي الخبرات القتالية العالمية من أرجاء الأرض الأربع.

منطقة الشرق الأوسط ساخنة جداً، والجزء العربي منها تحديداً، والأخير مليء ببؤر النزاعات والصراعات المختلفة، خاصةً بعد حراكات الشارع العربي، إن لجهة التحريك عبر الطرف الخارجي، وإن لجهة الحركة العفوية واستثمارها من الطرف الثالث، وفي ساحاتها السياسية الضعيفة والقويّة على حد سواء، وذات التداعيات الأفقية والعمودية، على مجمل السياق الأمني- الجمعي للمنطقة، مع وجود روابط مفعّلة وأياد خفية تكمّل ويغذي بعضها البعض الآخر، بين متغير بؤر هذه النزاعات والصراعات في الساحات السياسية الآنف ذكرها، ومتغير السياق الأمني الجمعي للشرق الأوسط ككل، عبر دور للعامل الكوني الأميركي الأوروبي والبعض العربي المتخاذل التابع والمتقاطع في مصالحه، مع دور «إسرائيلي» لا يمكن أن نعتبره إقليمياً لسبب بسيط، فهي دولة ليست إقليمية أي الدولة العبرية ولن تكون كذلك لاحقاً، وهكذا تدل المؤشرات السياسية والأمنية والعسكرية وفوق ذلك جغرافية المناخ المحيط بها، وعلم الرياضيات السياسية يشرح ذلك. فالسياسة معادلات حسابية، فإذا كانت المعادلة الرياضية: 1 1 2 فإنها في كثير من الظروف 35 أو 51 … إلخ، عندما يراد لها أن تساوي كذلك، كما هي الحال الآن في سورية وكما ستكون في إيران أو أي دولة في العالم.

العامل الأميركي ومعه «الإسرائيلي» وبعض من الأوروبي وبعض العربي الراهن، خاصةً من الطبقات الحاكمة العربية المؤثرة بالمال ، وعبر حلقات ودوائر أمنية سياسية استخبارية، يفضي كل منها إلى الآخر بآليات تنفيذ، يلعب دوراً نوعيّاً وكميّاً في تأجيج، الصراع بمجمله في الشرق الأوسطوتوجيهه، ومن شأن ذلك أن يقود إلى تغذية بؤر الصراعات الجزئية في الساحات السياسية المختلفة.

في السياق والمسار ذاتهما يقوم هذا العامل الأممي بتصعيد توترات البؤر الصراعية الجزئية وحراكات شارعها الشعبوي ودفعها بمفاعيلها نحو التصعيد وتوتير الوضع الكلي للشرق الأوسط، عبر علاقة هندسية تبادلية في النتائج والأهداف بين المتغيرين السابقين.

العامل الكوني الأميركي و»الإسرائيلي» تحديداً ومعه جزء من الأوروبي وبعض العرب الذي يتاجر في سوق النخاسة، يسعى إلى استخدام ملفات بؤر الصراع الجزئي و أو الكلي وتوظيفها في الساحات السياسية والثورات الشعبوية و أو حالات الحراكات الشعبية في بعض الساحات الأخرى، لجهة إدارة دواليب مفاعيل الأزمة في الشرق الأوسط، ويستخدم الأزمات كأسلوب إدارة للصراع فيه وعليه، ويدفع في اتجاه التصعيد والتوتر عندما تقتضي المصالح ذلك، وإرسال الرسائل في الاتجاهات كافة ، وفي الوقت نفسه يسعى العامل السابق عينه إلى التنفيس والتهدئة عندما يكون التصعيد والتوتر في غير مصالحهما التكتيكية والاستراتيجية.

إن مفاعيل التعبئة الأميركية «الإسرائيلية» الأوروبية التركية والبعض عربية، الآنية والممنهجة الفاعلة ضد سورية ولبنان وضد الفلسطينيين وضد الأردن عبر ممارسة مختلف الضغوط على الدولة والملك، لتنفيذ ما يروق للبعض في الأفق وحتّى العرب مجتمعين، والمدعومة من أجنحة يمينية متطرفة في الإدارة الأميركية بتوجيه من الأيباك، تهدف إلى سلّة من الأهداف لا تخفى على السذّج من العوام، فكيف بمن تدعي أنّها من النخب في مجتمعاتها.

ومع توسيع نطاق بناء المستوطنات «الإسرائيلية» وحجمها، وتهويد معظم المكونات الإسلامية العربية الرئيسية في الأراضي المحتلة لعام 1967، وخاصة في القدس «حشاشة» قلوبنا نحن لا قلوبهم، يهدف من جهة إلى تحويل جهود الفلسطينيين والعرب واهتماماتهم عن التركيز على مشكلة الترحيل والطرد من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإحلال المستوطنين وإسكانهم مكانهم، ما يجعل، من جهة أخرى، عمليات تهويد القدس والمقدسات الإسلامية العربية الفلسطينية أمراً واقعاً على الأرض، ليصعب التفاوض حوله مستقبلاً وعبر أي طريقة من طرق التفاوض التي عرفتها البشرية إلى الآن، ولفت الانتباه إلى ما يجري في شوارع الدول القطرية لأمتنا العربية، مع اعترافنا بحقوق شعوبنا المنهوبة من قبل الطبقات الحاكمة والتي غدت أنظمة شمولية استبدادية، فمن حق القوى الشعبوية أن تنهض من سباتها العميق الذي بدأ مثل نوم أهل الكهف ما بعد نهايات الحرب الكونية الثانية.

كما يهدف أيضاً إلى فرض عملية شد الأطراف الأخرى في الساحات السياسية المتقابلة، بحيث يتم إشغال السوريين واللبنانيين والأردنيين والعرب المعنيين كافة، بمجريات الصراع العربي «الإسرائيلي»، بكيفية مواجهة حراكات الشارع الشعبية، والمطالبة بحرياتها وببعض حقوقها، من دون الانتباه إلى كيفية مواجهة الخطر العسكري «الإسرائيلي» المحتمل، ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى عملية ممنهجة لصرف أنظار الرأي العام العربي والإسلامي، لتحويل النظر عمّا يحدث داخل فلسطين المحتلة لعام 1967 من عمليات تهويد تتمّ على قدم وساق في كل شيء.

قد يؤدي كل ما ذكره إلى إشعال دراماتيكي للحرب، وإلى استعادة قوّة الردع «الإسرائيلية»، وإضعاف حركات المقاومة اللبنانية والفلسطينية، ويبقى ذلك مجرد احتمال والاحتمال في السياسة ليس يقيناً.

تستخدم الدولة العبرية، الأهداف التكتيكية، ولإنتاج الاستراتيجية منها بإتقان، فالأمر الاستراتيجي المفروغ منه يتمثل في السيطرة على أراضي العرب الإستراتيجية، وإكمال عمليات تهويدها والقضاء على احتمالات نشوء المقاومة الوطنية، مع سعي حثيث إلى مزيد من توريط واشنطن في أزمات الشرق الأوسط المختلفة كي يؤدي ذلك إلى تسهيل مهمات الجناح اليميني المتطرف والمحافظين الجدد بنسخهم المستحدثة في إدارة الرئيس باراك أوباما، وينجح في إعادة القوّات الأميركية الاحتلالية الى العراق عبر حوادث الأنبار بصور مختلفة. وقد يقود الى التأجيل أو التباطؤ في الأنسحاب الأميركي في أفغانستان واتخاذ الأزمة الأوكرانية ذريعة أخرى، والترويج الأميركي لعدم التعاون الروسي مع موسكو في الانسحابات الموهومة من أفغانستان، فالعالم كله شهد كيف كان توقيت اغتيال أسامة بن لادن لمزيد من تأجيل الخروج الأميركي من كابول آنذاك.

كما تسعى واشنطن إلى خلق، لخلق مصادر تهديد وخطر محدق حقيقي في الظاهر ووهمي مفترض في الباطن، كي تستطيع «إسرائيل» الحصول على المزيد من القدرات من أميركا وإيجاد مبررات ابتزاز مقنعة للأدارة الأميركية وحلفائها من الدول الغربية، مع دفع دول خليجية عربية معروفة إلى مزيد من الحلقات التطبيعية مع «تل أبيب» والأرتماء في أحضانها.

تتحدث المعلومات، عن أن ثمة مشروعاً «إسرائيلياً» أميركياً لبناء قدرات نووية، بغية موازنة القدرات النووية الإيرانية، وسينشر بعضها في دول خليجية عربية ومعروفة، رغم اتفاقات وتفاهمات مجموعة خمسة زائد واحد مع إيران، وذلك بموجب اتفاقيات أمنية خاصة وُقّعت سرّاً قبل أكثر من عام، وقد تكون اجتماعات باراك أوباما والمحافظين الجدد في واشنطن، وفي قصر روضة خريم الملكي في مملكة القلق، أعطت إشارة البدء لنشر تلك القدرات النووية! فماذا يعني ذلك؟!

أحسب أنّه يتموضع ويتبلور، في البعد الإستراتيجي الآتي: فكرة التعايش مع إيران النووية، صارت مقبولة لدى «الإسرائليين» وصار العقل الاستراتيجي الأمني «الإسرائيلي»، أكثر اهتماماً وتوظيفاً وتوليفاً لفكرة مفهوم إيران النووية، كي يحقق مزيد من المكاسب المختلفة، ومزيد من فتح نوافذ الفرص المهدورة في السابق من الزاوية «الإسرائيلية» وفي مقدمها تعظيم المنافع لجهة التقدم في مشروع التطبيع الإسرائيلي مع دول الخليج المختلفة.

ثمة خفض للأخطار المتعددة على «إسرائيل» نفسها، عبر الضغط لإعادة تنميط العلاقات والروابط، لفصمها أو خفض حرارتها بين أطراف مربع «سورية، حزب الله، المقاومة الفلسطينية، وإيران» من منظار العامل الأميركي «الإسرائيلي» وبعض الدول الأوروبية، في متغير مجريات السياق الأمني الجمعي في الشرق الأوسط، الذي يعمل على إضعاف الحلقة الإيرانية، خاصرة الفدرالية الروسية الضعيفة، من خلال محاولات إضعاف سورية للسنة الرابعة على التوالي واخراجها من وباقي حلقات محور الممانعة.

تفيد المعلومات، بعدم حدوث مواجهات عسكرية على المدى القصير في المنطقة، رغم وجود طائرات «إسرائيلية» مقاتلة ومتطورة، في بعض القواعد الأميركية في المنطقة ودول الجوار السوري والعراق تحديداً، مع اندلاع مواجهات دبلوماسية قويّة حول المنطقة وفيها، إذ بدأت بحملة بناء الذرائع الجديدة حول موضوع صواريخ سكود وغيرها العاملة بالوقود السائل، والتي تحتاج إلى أكثر من ثلاثة أرباع الساعة لإطلاقها؟!.

في ظني وتقديري أنّ استخدام الأزمات كأسلوب إدارة في تفعيل أزمة حملة بناء الذرائع الجديدة، سوف يؤدي إلى تفعيل أزمة داخلية لبنانية حول أسلحة حزب الله اللبناني والمقاومة، وهذا من شأنه أن يقود إلى إعادة إنتاج إشعال الساحة السياسية اللبنانية والساحات السياسية الضعيفة الأخرى، ومن الممكن أن يؤدي ذلك إلى قرارات دولية جديدة تستهدف قوى محور الممانعة في المنطقة، خاصةً سورية ولبنان وإيران وحماس وحزب الله والمقاومات الأخرى، التي قد تنشأ لاحقاً في المنطقة بعد اطلاق استراتيجية المقاومة من سورية لاستعادة الجولان السوري المحتل، بعد رغبة «الإسرائيلي» في تغيير قواعد فك الاشتباك السابقة، إذ أزيلت الألغام من الجانب العبري في اتجاه القنيطرة، قابله إزالة الألغام من الجانب السوري باتجاه الجانب الفلسطيني المحتل «اسرائيل». ذلك كله ممكن الحدوث والتفاعل تبعاً لمجريات متغير العامل الدولي، ومتغير بؤر الصراعات الجزئية في الساحات السياسية الضعيفة والقوية في المنطقة.

من هذا المنطلق، وعبر هذه السياقات الآنفة، يمكن فهم ما يحصل على الحدود السورية التركية، خاصة على معبر كسب، فهذا الأخير هو قرم سورية. وما يحصل وما قد يعد له في الجنوب السوري الساخن، خاصةً بعد وصف مصدر عسكري أردني بوضوح أنّ الحدود الأردنية السورية فسيفسائية بامتياز!!

www.roussanlegal.0pi.com

mohd ahamd2003 yahoo.com

عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى