تونس: الاحتجاجات المطلبية تتمدَّد إلى العاصمة
شهدت العاصمة التونسية مسيرة غاضبة أمس ضد الحكومة بسبب أحداث القصرين. ورفع المتظاهرون أثناء توجههم نحو مبنى وزارة الداخلية شعارات تطالب بإسقاط النظام.
يذكر أن شرارة الأزمة انطلقت على خلفية وفاة الشاب «رضا اليحياوي»، الذي طالب بالتوظيف في مدينة القصرين، ليجد نفسه خارج قائمة توظيف المعلن عنها من قبل الحكومة، ليقوم بعدها بتسلق أحد أعمدة الكهرباء ليسقط صريعاً صعقاً بالكهرباء.
وفي محاولة من السلطات التونسية لاحتواء الموقف، وامتصاص غضب الجماهير التي احتشدت تضامناً مع اليحياوي، أقالت الحكومية التونسية الاثنين الماضي، مسؤول رفيع في ولاية القصرين بوسط وغرب تونس، إلا إن المحاولات باءت بالفشل، لتتطور الأحداث بعد ذلك، إلى استخدام القوة لتفريق المتظاهرين الغاضبين واستخدام قنابل الغاز ما أسفر عن مصابة المئات باختناقات.
كما أعلنت وزارة الداخلية التونسية حظر تجوال ليلي في المدينة، تزامناً مع تصاعد الاحتجاجات والاشتباكات.
وكان توفي شاب تونسي آخر ويدعى بلال سالمي من مواليد القيروان بعد أن أضرم النار في جسده احتجاجاً على حجز بضاعته المهربة من المحروقات في ميناء صفاقس.
وتمددت الاحتجاجات التي تطورت إلى اقتحام عدد من الشبان العاطلين عن العمل مقر المحافظة، كما نفذ إضراب في مدارس بعض مدن المحافظة، فيما وقعت اشتباكات بين المتظاهرين وعناصر الأمن أسفرت عن إصابة شخص واعتقال ستة آخرين.
واتسعت رقعة الاحتجاجات إلى فريانة وتالة التابعتين للقصرين وبعض المدن في ولاية سيدي بوزيد المجاورة، وصولاً إلى العاصمة تونس التي شهدت مسيرة نظمها الاتحاد العام لطلبة تونس تضامناً مع أهالي القصرين كما كانت هناك وقفة لأصحاب الشهادات العليا من جميع المحافظات أمام مجلس نواب الشعب للمطالبة بتأمين فرص عمل.
وفي سوسة شهد مقر المحافظة حالة من الاحتجاجات على خلفية مطالب اجتماعية، كذلك عمت حالة من الاحتقان مدينة الفحص في محافظة زغوان ومنطقة بلخير في ولاية قفصة حيث أقفل المحتجون الطريق بين قفصة وقابس.
أمام هذه التطورات دعا رئيس الحكومة الحبيب الصيد إلى عقد مجلس وزاري طارئ بحضور نواب منطقة القصرين لاتخاذ إجراءات عاجلة ولبحث الحلول والاجراءات التي يمكن اتخاذها لتجاوز الأزمة في المحافظة.
وفي أول تعليق له وصف الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي الاحتجاجات في القصرين والمناطق التونسية الأخرى بـ»المشروعة» التي كفلها الدستور. وقال السبسي خلال لقائه نظيره النمساوي هاينز فيشر «إن هناك قرابة 700 ألف شاب عاطل عن العمل وتوجد جهات عدة في البلاد تعاني من الفقر والتهميش والإقصاء لذلك الحكومة وجدت صعوبة كبيرة في حل هذه الإشكاليات» معتبراً الأمر بمثابة التحدي لها.
وتشير التقارير إلى أن ولاية القصرين تأتي في المرتبة الأخيرة ضمن مؤشرات قياس التنمية للولايات التونسية أما نسبة البطالة فيها فتبلغ 23 في المئة.
وفي ظل الواقع الأمني الصعب وما يتصل به من محاربة الإرهاب ورصد الجماعات المسلحة في جبال الشعانبي الواقعة في القصرين، يخشى كثيرون من أي انفلات أمني أو استغلال الجماعات الإرهابية لهذا الحراك المطلبي.
الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل بلقاسم العياري قال للميادين: «إن حال الاحتقان بالقصرين مشروعة لكونها ترفع مطالب اجتماعية هي ذاتها المطالب التي قامت من أجلها الثورة» مشدداً على «ضرروة أن تتحرك الحكومة من أجل تلبية المطالب الاجتماعية». بدوره قال الأمين العام المساعد للاتحاد سامي الطاهري «إن الاتحاد يدعم أي تحرك سلمي» محذراً من إمكانية استغلال الإرهابيين لتنفيذ مخططات تمس أمن البلاد.