الإفراج عن الرئاسة ينتظر نضوج «الإقليم»

 

هتاف دهام

تبدو هذه المرحلة مرحلة تجميع المعطيات بهدف إعادة تحديد المواقف على التموضعات الجديدة. ويفضّل السياسيون اللبنانيون الصمت ويعتبرونه فضيلة مثلى في التعامل مع التحوّلات السياسية الراهنة، وإذا كان أحد السياسيين قد قال إنّ الصمت من ألماس ، فقد انشغل النواب راهناً بالتفكير بما يفوق الألماس قيمة لاستخدامه في التدليل على قيمة الصمت.

ما يتمّ تداوله أنّ رئيس تكتل التغيير والإصلاح الجنرال ميشال عون لن يذهب إلى الانتخابات الرئاسية ما لم تكن الأمور محسومة سلفاً لن يذهب لخوض معركة في وجه أحد، هو يريد أن يكون مرشحاً وفاقياً يلتقي الجميع على ترشيحه. قرّر الجنرال عون القيام بخطوات الاتصال بالقوى السياسية بهدف تطمينها، والتأكيد لها أنّ الاتفاق بين التيار الوطني الحرّ وحزب القوات لا يستهدف أحداً ودعوتها إلى تأييده. لذلك من المرجح أن تشهد المرحلة المقبلة اتصالات محلية مع القوى المعترضة وفي طليعتها رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية بهدف استمالته. ويتوقع سياسيون أن يبذل حزب الله مساعيه لتسوية الأمور حبّياً بين عون وفرنجية، وكذلك اتجاه رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي يشكل محوراً في إدارة دفة الاتجاهات الداخلية، صحيح أنّ بري يرحّب بالتفاهم المسيحي المسيحي، لكنه يرى أنّ ما حصل ليس كافياً ويحتاج إلى مزيد من الخطوات، ويفترض أن يحسم الموضوع في المرحلة المقبلة إذا تنازل أحد المرشحين القطبَين عون وفرنجية للآخر.

أما إقليمياً، فربما تنفتح أبواب الاتصال مجدّداً مع المملكة العربية السعودية، وهنا يستبشر البعض بكلام مرشد الثورة الإسلامية الإيرانية السيد علي خامنئي الذي قال أمس: إنّ الهجوم الذي تعرّضت له السفارة السعودية في طهران حادثة سيئة جداً وخاطئة وإنّ هذا الهجوم، مثل الهجوم على السفارة البريطانية من قبل، عمل ضدّ البلاد والإسلام، ولم أرضَ عنه ، بالإضافة إلى مشاركة نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في الاجتماع الطارئ لمنظمة التعاون الإسلامي الذي يُعقَد في السعودية، ويراهن البعض على إعادة وصل ما انقطع في العلاقات الإيرانية السعودية.

كما استوقف المراقبين المعنيّين بالملفّ الرئاسي موقفُ وزير الخارجية القطري خالد بن محمد العطية الذي وصف قرار جعجع دعم ترشيح العماد عون للرئاسة بـ»الحكيم».

وبانتظار أن تنفرج محلياً وإقليمياً، يتوقع كثيرون أن لا يتغيّر شيء من الآن حتى موعد جلسة انتخاب الرئيس في الثامن من شباط المقبل لجهة توفر النصاب المطلوب على قاعدة عدم توفر الإجماع حول عون الذي يتعاطى مع الأمر كشرط لانعقاد الجلسة، وربما تنضمّ كتلة القوات إلى المقاطعين للجلسة بحسب ما أكدت مصادر قواتية لـ»البناء» ما دام التوافق لم يحصل، وبالتالي فإنّ موضوع الرئاسة لا يزال في وجه التأجيل والمراوحة، برغم دخول هذا المعطى الجديد الذي مثله لقاء معراب.

والى أن تدق ساعة قصر بعبدا ستبقى التكهّنات حيال نسبة الأصوات التي من الممكن أن يحصل عليها الجنرال أو بيك بنشعي محلّ تداول بين المعنيّين بالشأن، وإنْ كان المطلعون على تفاصيل ما جرى ويجري يعلمون أنّ توقيت الإفراج عن الاستحقاق الرئاسي لم تنضج ظروفه الإقليمية بعد.

وإذا كنا في عدد يوم أمس قد أوردنا احتمالين لاتجاهات التصويت التي ستعتمدها الكتل النيابية، والتي أدت في الاحتمال الأول إلى فوز الجنرال عون بـ65 صوتاً مقابل 55 صوتاً للوزير فرنجية، وفي الاحتمال الثاني إلى فوز فرنجية بـ81 صوتاً مقابل 45 صوتاً للجنرال عون، وفي الحالتين كان صوت النائب نقولا فتوش غير معروف، فإننا نورد اليوم احتمالين آخرين لهذه الاتجاهات في احتمال ثالث واحتمال رابع.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى