خيارات العدو الصهيونيّ الصعبة في عدوانه على غزة
حميدي العبدالله
قرّرت حكومة العدو الصهيوني في ظلّ الضغوط السياسية التي تعرّضت لها من داخل الائتلاف الحكومي، بعد إعلان وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان فك التحالف مع الليكود، وتحت ضغوط المستوطنين الصهاينة،خصوصاً في المستوطنات القريبة من قطاع غزة، تحويل الاعتداء بالطائرات إلى عدوان عسكري واسع على القطاع لم تعرف بعد مراحله واستهدافاته وطبيعته، وهل يقتصر على القصف الجوي والمدفعي من مدفعية الميدان والدبابات، أم يتحول إلى هجوم بري؟
لكن هذا العدوان، شأنه مثل الاعتداءات السابقة، يضع حكومة العدو أمام الخيارات الصعبة، فإذا اقتصر العدوان على القصف الجوي والمدفعي، فإنّ حصيلته النهاية، سواء استمر أسبوعاً أو أكثر، تعريض مستوطنات العدو القريبة من القطاع، وربما مدن في عمق فلسطين المحتلة مثل «تل أبيب» وغيرها، إلى القصف وبالتالي الاضطرار إلى توقف المصانع وشلّ الحياة اليومية، ما يعرّض الكيان وحكومة العدو لضغوط لوقف العملية العسكرية، فالمستوطنون لم يألفوا مواجهة واقع يشبه الواقع الذي ينجم عن تعرض مدن ومستوطنات كثيرة للقصف، لفترة طويلة نسبياً. في هذه الحال ماذا تكون حكومة العدو قد حققت إذا عادت مجدّداً إلى تفاهم واتفاق تهدئة بواسطة الحكومة المصرية أو الحكومة التركية التي تفضلها حماس كوسيط بينها وبين الكيان الصهيوني؟ الأرجح أن ذلك سيرفع من مستوى الضغوط على حكومة نتنياهو التي بدأت مع قرار ليبرمان فك التحالف مع الليكود، ما يشير إلى أن العدوان الجديد لن يختلف عن الاعتداءات السابقة لناحية عدم تغيير المعادلات والحد من قدرات المقاومة، بل يكرّس على نحو قاطع انتهاء قدرة العدو الصهيوني على الردع التي كان يتباهى بها ماضياً.
أما إذا تحوّل هذا الاعتداء إلى اعتداء برّي، أي توغل القوات البرية لاحتلال القطاع أو أجزاء منه، فإن ذلك يكبّد جيش الاحتلال خسائر فادحة في الأرواح في المواجهات الالتحامية والمباشرة مع مقاتلي فصائل المقاومة، إضافةً إلى الخسائر والضغوط الناجمة عن استهداف المدن والمستوطنات بالصواريخ. ثانياً، سوف تستغرق هذه العملية وقتاً طويلاً في ضوء النتائج التي أسفرت عنها محاولات التوغل البري في لبنان في عدوان تموز 2006، إذ استمر العدوان أكثر من شهر. ثالثاً، حتى لو تمكن جيش الاحتلال في النهاية من احتلال القطاع أو أجزاء منه، وهذا احتمال ضعيف، فإنه يشكل عودة جديدة للغوص في وحول القطاع الذي فشل العدو الصهيوني منذ عام 1967، عام احتلاله، حتى عام 2005، عام الانسحاب منه من طرف واحد، في ترويض مقاومته التي كبّدت جيش الاحتلال خسائر كبيرة ودفعت أحد قادته البارزين، اسحق رابين، إلى قولـه المشهور «أنه ينام ويحلم بأن يفيق ويكون البحر قد ابتلع قطاع غزة».
هكذا يبدو واضحاً أنّ عدوان الكيان الجديد على قطاع غزة لن يختلف عن مصير الاعتداءات السابقة، بل سيقود على الأرجح إلى نتيجتين مهمّتين:
الأولى، تعاظم مأزق الكيان الصهيوني.
الثانية، تعاظم فاعلية قوة الردع لدى فصائل المقاومة.