مأزق نتنياهو المتردد: بين عملية برية تعمّق مأزق قوته الردعية أو التراجع والقبول بتحديد الخسارة والاستجابة لشرط المقاومة بالتهدئة
حسن حردان
«إسرائيل» في حالة ارتباك شديد في مواجهة المقاومة التي كشفت بعضاً من القدرات التي تملكها في حال ذهبت الأمور إلى مواجهة شاملة وواسعة تتجاوز حدود ما هو حاصل.
فـ«إسرائيل» من ناحية تتحدث عن الحملة العسكرية على قطاع غزة والتي أطلقت عليها اسم «الجرف الصامد» وسوف تتوسع وتستمر فيها لمدة أسبوع على الأقل، وأن الجهاز السياسي بعث رسائل إلى حركة حماس مفادها أن احتمال قيام الجيش «الإسرائيلي» بعملية برية محدودة أو مستمرة في غزة لا يزال مطروحاً على الطاولة.
فيما تحدثت الصحافة «الإسرائيلية» بما يشبه الجزم بأنه «لن يكون هناك دخول للقوات البرية إلى غزة عندما ينتهي سلاح الطيران «الإسرائيلي» من قصف بنك الأهداف التي حصل عليها من الاستخبارات، وأنه في المقابل لن يتوقف إطلاق الصواريخ من قطاع غزة».
ومع ذلك فإن العدوان بحدوده الحالية لن يكون سهلاً، لا سيما أن «إسرائيل» لا تملك معلومات كافية عن مجريات الوضع في غزة، خصوصاً لناحية ما تملكه المقاومة من تجهيزات وقدرات تحت الأرض في ظل عدم وجود أية دلائل على حصول تراجع في قوة المقاومة العسكرية، لا سيما بعد أن كشفت المقاومة بعضاً مما تملكه من صواريخ بعيدة المدى قادرة على بلوغ أقصى شمال فلسطين المحتلة وصولاً حتى الجولان المحتل.
وما يعزّز حالة الارتباك في الموقف «الإسرائيلي»، تأكيد الصحافة الأميركية أن ازدياد أعداد الضحايا بين الفلسطينيين وارتفاع منسوب القلق الدولي من التصعيد الجاري من جانب «إٍسرائيل»، يشيران إلى أن تل أبيب ليست لديها مهلة لعملية عسكرية مشابهة لعملية «الرصاص المصبوب» التي نفذتها عام 2008 واستمرت أسابيع وشملت قتالاً للمشاة واسع النطاق في قطاع غزة.
يجري ذلك في وقت لا تحظى «إسرائيل» هذه المرة بالدعم الأميركي الكامل، إذ بدا موقف واشنطن يميل بقوة إلى عدم القيام بعملية عسكرية برية. وهو ما يفسر مسارعة الرئيس باراك أوباما إلى دعوة الجانبين «الإسرائيلي» والفلسطيني إلى ضبط النفس على عكس المواقف الأميركية السابقة في تأييد «إسرائيل» وإيجاد المبررات للقيام بعدوانها تحت ذريعة الدفاع عن النفس.
في المقابل فإن رئيس الوزراء «الإسرائيلي» وبحسب مسؤول أميركي رفيع المستوى في مجلس الأمن القومي فيليب جوردن، متردد في القيام بخطوة الهجوم البري على رغم استعداد «إسرائيل» لذلك.
على أن ما يخيف نتنياهو هو التورط في حرب طويلة، يكون فيها الطرف الفلسطيني أقدر على تحمّل الخسائر من «إسرائيل».
فعلى رغم أن الفلسطينيين في قطاع غزة يعانون من الحصار، ونتائج الاعتداءات «الإسرائيلية» السابقة والحالية، إلاّ أنهم مع ذلك قادرون على تحمّل كلفة حرب استنزاف طويلة نسبياً لأنهم اعتادوا على تحمّل الاعتداءات «الإسرائيلية»، على عكس «الإسرائيليين» الذين ليس بإمكانهم تحمّل حرب استنزاف لأسابيع، فكيف إذا كانت أكثر؟ وبدأت منذ الآن تشلّ الحركة الاقتصادية وتعطل السياحة في الكيان «الإسرائيلي»، بعد أن باتت صواريخ المقاومة قادرة على بلوغ أي نقطة في فلسطين المحتلة من الجنوب إلى الشمال مروراً بالوسط.
في حين أن «الإسرائيلي» تعوّد على حياة الرفاهية، ولذلك فإنه في حال وضعه أمام خيارات قاسية سوف يتجه نحو الهجرة إلى الخارج، أو التحول إلى عامل ضغط على حكومته لوضع نهاية للحرب.
وفي مثل هذه المعادلة التي سيكون فيها الرأي العام العربي والعالمي أيضاً متضامناً مع الشعب الفلسطيني ضد العدوان «الإسرائيلي»، معطوفاً عليها قدرة المقاومة على الصمود وإيقاع خسائر جسيمة في صفوف الجيش «الإسرائيلي» ومنعه من تحقيق أهدافه على الأرض ومواصلة إطلاق الصواريخ على العمق الصهيوني، سوف لن تكون فيها نتائج أي حرب برية واسعة يقدم عليها الجيش «الإسرائيلي» في مصلحة «إسرائيل».
لذلك، فالمشهد يبدو واضحاً، «إسرائيل» بحالة ارتباك شديد في مواجهة المقاومة الفلسطينية وهي واقعة الآن بين تجاوز العملية المحدودة لعملية برية واسعة قد تعمّق مأزق قوة الردع الصهيونية، والتراجع وعدم التورّط بمثل هذه الحرب، والقبول بتحديد الخسارة والموافقة على شرط المقاومة للعودة إلى التهدئة بإطلاق الأسرى الذين جرى اعتقالهم وكانوا قد أطلق سراحهم في إطار صفقة مبادلة الجندي جلعاد شاليط.
«معاريف»: الحملة على غزة ستستمر أسبوعاً وإدخال قوات برية على الطاولة
نقلت صحيفة «معاريف» عن مصادر سياسية «إسرائيلية» تقديراتها بأن «الحملة على قطاع غزة، التي أطلق عليها «الجرف الصامد» سوف تستمر لمدة أسبوع على الأقل».
وقالت الصحيفة: «إن الجهاز السياسي «الإسرائيلي» بعث رسائل إلى حركة حماس والمجتمع الدولي، مفادها أن الحملة العسكرية سوف تتوسع في الأيام القريبة، وأن إدخال قوات برية سواء بشكل محدود أو بشكل مستمر لا يزال على الطاولة». وأشارت إلى أن «في ظل مطالبة ما يسمى بـ«اليسار الإسرائيلي» بعدم توسيع العملية العسكرية، سيواصل وزراء اليمين الضغط على نتنياهو لتصعيد الهجمات على قطاع غزة، وضرب البنى التحتية، وخصوصاً شبكة الكهرباء».
«يديعوت أحرونوت»: لن تدخل قوات إلى غزة بعد انتهاء الطيران من بنك الأهداف ولن يتوقف إطلاق الصواريخ من غزة
قال أليكس فيشمان في صحيفة «يديعوت أحرونوت»: «لن يكون هناك إدخال للقوات البرية إلى قطاع غزة عندما ينتهي سلاح الطيران «الإسرائيلي» من بنك الأهداف التي حصل عليها من الاستخبارات، ولن يتوقف إطلاق الصواريخ من قطاع غزة»، مشيراً إلى أن «العملية لن تكون سهلة لا سيما أن «إسرائيل» لا تدخل المعركة في أفضل وضع من الناحية الاستخبارية، ولا تعرف ماذا يجري في قطاع غزة خصوصاً تحت الأرض، لافتاً إلى عدم «وجود ما يدل على حصول تراجع في قوة حركة حماس العسكرية حتى الآن».
الإذاعة «الإسرائيلية» : حماس تمتلك صواريخ بإمكانها الوصول إلى الجولان
ذكرت الإذاعة «الإسرائيلية» العامة أن مصادر عسكرية «إسرائيلية» قالت: «إن حماس تمتلك صواريخ بعيدة المدى قد تصل إلى أقصى الشمال، حتى الجولان المحتل». وأضافت المصادر: «أن الصاروخ الذي أطلقته حركة حماس على مدينة الخضيرة، شمال «إسرائيل» صناعة صينية وسورية». ونقلت الإذاعة عن مصدر عسكري «إسرائيلي»: «إن الصاروخ الذي يصل مداه إلى 110 كيلومترات هُرّب من إيران إلى حركة حماس».
«يديعوت أحرونوت» : حماس لـ«الإسرائيلين»: دمرنا مصنعاً للكيماويات في حيفا أدى إلى مقتل 25 شخصاً
ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت»: «أن حركة حماس أرسلت رسائل نصية لهواتف «الإسرائيليين» تشير فيها إلى استهداف صواريخها لمصنع للكيماويات في حيفا».
وأضافت الصحيفة أن «بعد الاستهداف، قتل ما لا يقل عن 25 «إسرائيلياً»، وتسرّب الكيماويات أدى إلى إجبار السلطات المواطنينفي المدينة على إخلائها». وأشارت إلى أن «الرسالة حملت عنوان صواريخ القسام في انتظاركم في تهديد واضح لكل «الإسرائيلين».
ومن جهة أخرى، أعلن مسؤول عسكري «إسرائيلي»، أن هذا لم يحدث قط وأن حركة حماس تقود حرباً إعلامية شعواء ضد «الإسرائيليين» بهدف هز الثقة في نفوسهم.
«معاريف»: طرد عضو بالكنيست بعد وصفه الجنود «إلإسرائيليين» بـ«القتلة»
ذكرت صحيفة «معاريف» أن «جرى طرد عضو عربي من على منصة الكنيست خلال إدلائه بكلمته إذ وصف جنود الجيش «الإسرائيلي» بالقتلة. وأضافت الصحيفة: «طُرد النائب العربي بالكنيست إبراهيم صرصور، عندما وصف جنود «إسرائيل» بالقتلة، خلال الجلسة التي عقدت، اليوم أول من أمس الأربعاء لمناقشة الأوضاع الأمنية والعسكرية عقب عملية «الجرف الصامد». وأشارت إلى أن «رئيس الجلسة «موشيه بيجلين» أمر أمن الكنيست بطرد النائب لتفوهه بكلمات غير لائقة لجنود «إسرائيل» داخل مبنى الكنيست. وأكدت «معاريف»: «أن النواب أحمد الطيبي ومسعود غنايم وحنين الزعبي تضامنوا مع صرصور وخرجوا من القاعة بعد طرده». وذكرت أن «منظمة داوود الحمراء أعلنت أن 68 «إسرائيلياً» أصيبوا حتى الآن منذ بدء عملية الجرف الصامد، منها 9 إصابات خفيفة». وقالت: «إن معظم الحالات أصيبت جرّاء الهلع والإسراع إلى المناطق المحمية خوفاً من الموت أو الإصابة من الصواريخ ونقلوا إلى المستشفى بواسطة سيارات الإسعاف».
«نيويورك تايمز» : «إسرائيل» ليست لديها مهلة لهجوم بري على غزة مثل عدوان 2008
قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية في تقرير عن العدوان «الإسرائيلي» على غزة: «إن ازدياد عدد الضحايا بين الفلسطينيين وازدياد القلق الدولي من التصعيد الجاري من جانب «إسرائيل» في قطاع غزة، يشيران إلى أن تل أيب ليست لديها مهلة لعملية عسكرية مثل عملية «الرصاص المصبوب» على غزة في شتاء عام 2008، التي استمرت لأسابيع وشملت قتالاً للمشاة واسع النطاق في القطاع». وأشار إلى أن «إسرائيل تواجه إدانات من الأردن والاتحاد الأوروبي والرئيس الفلسطيني محمود عباس مع وصول عدد القتلى إلى 53 على الأقل منذ يوم السبت»، وفقاً لأرقام الصحيفة، من دون سقوط قتلى بين «الإسرائيليين». ويقول المحللون «الإسرائيليون» إن دعم الولايات المتحدة «لإسرائيل» يبدو مشروطاً بدعوة واشنطن للجانبين لضبط النفس». وعن الموقف الأميركي من التصعيد الجاري، قالت «نيويورك تايمز»: «إن الولايات المتحدة تدافع عن قيام «إسرائيل» بتوجيه ضربات جوية، إلاّ أنها حذرة إزاء الهجوم البري». وأضافت: «أن هذا التصعيد يمثل تحدياً كبيراً لإدارة أوباما بعد شهرين من فشل محاولاتها استئناف مفاوضات السلام في الشرق الأوسط، وإلى جانب الاتصال الهاتفي الذي أجراه وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع رئيس الحكومة «الإسرائيلية» بنيامين نتنياهو، فإن فيليب جوردون المسؤول رفيع المستوى بمجلس الأمن القومي الأميركي كان في «إسرائيل» يتلقى مسؤولين من الجانبين». وقالت: «في حين تبدو «إسرائيل» مستعدة لهجوم بري، فإن نتنياهو متردد على ما يبدو في القيام بهذه الخطوة». وقال روبرت دانين، الخبير بمجلس العلاقات الخارجية الأميركية: «إن نتنياهو، وبكل الحسابات مارس ضبطاً للنفس وتبنى سياسة التصعيد التدريجي»، على حد قوله.
ونقلت عنه الصحيفة قوله: «إن نتنياهو متردد في الهجوم البري، إلاّ أنه يتعرض لضغوط من البعض في «إسرائيل» الذين يعتقدون أنه لم يكن حازماً بما يكفي، ويرغبون أن يدخل غزة ليقوم بالقضاء على حماس».
«غارديان»: حماس تريد جر «إسرائيل» إلى صراع مسلح واختبار قدرتها على حرب طويلة
قالت صحيفة «غارديان» البريطانية: «إن حركة حماس الإسلامية تعتقد أنها تستطيع أن تتحمل خسائر المعركة أكثر من «إسرائيل»، ونقلت عن المحلل «الإسرائيلي» اليكس فيشمان قوله: «إن حماس تتصرف كما لو كانت شخصاً انتحارياً يريد أن يجر «إسرائيل» لصراع مسلح»، معتبراً أن «حماس ستكون هي الطرف الذي يحدد إلى أي مدى تستمر العمليات العسكرية».
ورأت الصحيفة: «أن العقل يرجح رأي الكاتب «الإسرائيلي» فيشمان، وأن حماس تقبع تحت الحصار من مصر التي يحكمها نظام عسكري يتعرض لأزمات مالية طاحنة وهو ما سيؤثر في إمكانات حماس المالية». وأضاف: «إن حماس لا تعيش فقط حالة عزلة عن الأنظمة التي كانت تمد لها يد العون مثل سورية وإيران، لكنها أيضاً تعاني تكلفة الصراع مع «إسرائيل» وهو الأمر الذي قد يكلفها كثيراً، بحيث تحتاج إلى إعادة التسلح بعد نهاية المعارك». وتساءلت: «لماذا إذاً تبدو حماس غير خائفة من صراع طويل ضد «إسرائيل»؟». وقالت: «إن حماس ترى أنها أقدر من «إسرائيل» على تحمل خسائر الحرب كما أن تل أبيب تشعر بالقلق من أن المجموعات التي ستسيطر على القطاع في حالة التخلص من حماس ستكون أكثر ميلاً للحرب مثل السلفيين والفصائل الإسلامية الأخرى». واختتمت قائلة: «إن مقاتلي حماس ليسوا فقط انتحاريين لكن لديهم عقول رشيدة تقف وراء القرارات والسياسة التي يتبعونها حالياً والتي صممت لاختبار قدرة «إسرائيل» ورغبتها في خوض حرب طويلة».