قالت له
قالت له: كلما اقتربت من قرار هجرك شدّني إليك أن لا مثيل لك بين الرجال. وكلما قرّرت الاقتراب أكثر أبعدني أنك تصرّ على تبريد ما بيننا، ولا تزال وأنت فريد ليس بما معك فقط، بل بما معي منك ومن بريق عينيك. فلو لم تكن أنت ولو لم لكن أنا ماذا تنصحني؟
فقال لها: ما دمنا لن ننال من الحبّ أكثر ما نلنا، فدعينا نوزّع مساحة الألم الآتية على مسافة من الزمن تبرّد الشعور بقساوتها ونمرّن قلوبنا على أن نبقى معاً بالقدر الذي يرسمه القدر. لأن الحزن قد يصير غضباً. والغضب بلا وعي فعل طائش سيضعنا في خصومة تبادل الاتّهام. وأنت لا تقبلين أن نكون أصدقاء لأن الحبّ عندك لا يصير صداقة. بل العكس أصحّ، وأنا أؤمن أنّ حبّنا يخرق المستحيلات وسيحقق معجزة أن يبقى حبّاً بين صديقين حبيبين، يحزن ويفرح أحدهما للآخر، ويبوح له ويأوي إليه.
فقالت: حبّ عذريّ كما في قصائد الشعر تقصد؟
فقال: لِم لا؟
فقالت: كنت تسخر من كلامي عندما أقول هذا وتسائلني لماذا الحبّ بين رجل وامرأة إن لم يكن الجسد شريكاً لهما.
فقال لها: ليست القضية مبدأ هنا، بل بحث عن حيلة الاستمرار الذي بات مستحيلاً. والحيلة أصلها من المستحيل، وها نحن نترنح بين التعب والشغب.
فقالت: وربما يصيبنا التعب ويتعب الشغب.
فقال: هذا ما كنت أقول إنّه فنّ البحث عن غريزة البقاء. والحبّ كيان له روح تتقن البحث بقوّة. هذه الغريزة ككلّ الكائنات.
فدنت منه وقبّلت جبينه وابتسمت وقالت: أتعرف أنني بدأت أحبّك أيها العذريّ المحتال؟