ورد وشوك
«لم يعد الورد يطعم خبزاً». هكذا ردّ بائع الورد عندما هاتفتُه كالعادة لتحضير «لمّتي» المعتادة. أخبرني أنه استبدل أواني الورد وأصصه في حديقته الغنّاء برفوف تحفل بالمعلّبات والمنظّفات وكلّ ما هو اليوم أهمّ في الحياة، بعدما انصرف عشّاق الورد عن اقتنائه لندرته وغلاء أسعاره.
حزنت عليه لقراره، كيف سيتمكن من العيش بين الرفوف الباردة ويترك صحبة عمره مع وروده العطرة ونباتاته الساحرة. وحزنت على نفسي كيف لي أن أتقبل ألا تسبقني باقة وردي إلى دور أهلي وأصحابي. وكيف سأستطيع تغيير بصمتي التي تعبت عمراً أرقب أثرها في نفوس أحبابي. وإن فعلت بعدها وبقيت على عادتي، واستبدلت «لمّتي» بوردة، سأبقى أوصَف بأنني أعيش في عالمي، بعيدة عن واقعي.
لم يعد الورد يطعم خبزاً، رغم أنه كان مصدر رزق بائعيه وزراعيه، ويوازي الخبز في احتياجه وهو عطر بلدي ومنبته من ترابه، وهو شكل نسيج حاراته. فَلِم اليوم الجنون في أسعاره؟ وإلى متى سنبقى نُحرَم من أبسط ما نحبّ؟ ليس بالخبز وحده تستقيم بنا الحياة.
رشا مارديني