إعلان كوهين… رسائل أميركية إلى حزب الله

يوسف المصري – خاص

ليس خافياً اسم ديفيد كوهين على معظم العاملين في قطاع المال والأعمال اللبنانيين. فهو وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الاستخبارات المالية. وهو طالما جاء إلى لبنان ضمن جدول أعمال رحلات مكوكية. وفي إطارها هدّد لبنان غير مرة بأنه سيعرّض نفسه لمشاكل مالية في حال لم يستجب كلياً لطلبات المجتمع الدولي منه حيال ثلاثة قضايا سورية وحزب الله ومراقبة أموال أميركيين من أصول لبنانية موضوعة في لبنان.

بالأمس أعطى كوهين إشارة جديدة لمعركة واشنطن المالية في لبنان، إذ اعتبر في بيان صادر عن وزارة الخزانة الأميركية «أنّ شركة ستار غروب هولدنغ الإلكترونية في لبنان المشغّلة من قبل الأخوين عصام ومحمد أمهز، تدعم نشاطات حزب الله الإرهابية خاصة في مجال تطوير طائرات من دون طيار».

كلام لكيري في باريس

والواقع أنّ تقارير دبلوماسية ومعلومات صديقة كانت حذرت طوال الفترة الماضية من وجود اتجاه في الخارجية الأميركية لاستكمال حلقات التصعيد ضدّ كلّ من سورية وحزب الله، وأنّ إرهاصات هذا الاتجاه بدأت بالتمظهر بعد نجاح النظام بإجراء انتخابات رئاسية صبّت نتائجها شكلاً ومضموناً في مصلحته.

وأضافت هذه المعلومات أنه خلال لقاء وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع نظراء عرب له في باريس، بعد أحداث العراق، أبلغهم أنّ الفترة المنظورة التالية ستشهد تصعيداً غربياً ضدّ النظام السوري وحليفه حزب الله، وذلك على غير مستوى.

وأفاد تحليل لهذه المعلومة حينها أنّ كيري يقترح ضغطاً على النظام السوري من أجل إرغامه على العودة إلى العملية السياسية المنقطعة منذ اجتماع جنيف الأخير. وأنّ هدف إضعاف النظام هو الذي ساق أيضاً اعتبار وضع حزب الله على لائحة التصعيد الأميركي كما شرحها كيري في باريس. وبنظر هذه المصادر فإنّ إعلان كوهين بحظر شركة ستارك غروب، يأتي في سياق توجيه رسائل الضغط الأميركية على الحزب.

رسائل

… وأبعد من ذلك تكشف هذه المصادر عما تعتبره عدة حقائق ارتبطت بقضية توقيت كلام كوهين حول اتخاذ إجراء ضدّ مؤسسات تدعم مجهود حزب الله الحربي! ويفيد أبرزها أنّ اعلان كوهين – الآن – حول الشركة اللبنانية، جاء بطلب عاجل من الخارجية الأميركية، وذلك لإحداث توازن بين عاملين متناقضين يواجهانها حالياً: الأول بدء واشنطن عملياً – وحتى من دون الإعلان عن ذلك – بعمليات قصف جوية بطائرات من دون طيار ضدّ داعش في نواحٍ محدّدة في كلّ من العراق وسورية والثاني ظهور جهات من محور معيّن في المنطقة، أخذ يلحّ في مطالبة الأميركيين بوجوب أن تمارس واشنطن سياسة توحي فيها بأنها تقاتل إرهابيْن اثنين في المنطقة هما: «الإرهاب الشيعي والإرهاب السني»، وليس إرهاباً واحداً هو داعش وشقيقاته.

وتلفت هذه المصادر الى أنّ كوهين المهتمّ بالاستخبارات المالية، أي بالاستثمار السياسي ضمن القضايا المالية الجرمية العالمية، اختار في هذا التوقيت أن يعلن شركة بعينها يدّعي أنها تموّل عمليات حزب الله لتصنيع طائرات من دون طيار يستعملها في سورية. وبنظر هذه المصادر فإنّ اختيار وظيفة هذه الشركة كما أوردها كوهين هدفه الاستجابة لطلبات تصل إلى واشنطن وتحثها على إظهار نفسها بأنها تلاحق حزب الله في سورية كما تلاحق داعش أيضاً!

الحقيقة الثانية لا تستبعد أن يكون توقيت إعلان كوهين على صلة بما يحدث في قطاع غزة، وانتشار الكلام عن إمكانية أن تأخذ معركة القطاع، الطرف الإسرائيلي إلى نوع من الصدام الإقليمي الذي لا طاقة لإسرائيل عليه اليوم.

أما الحقيقة الثالثة فتتمثل بأن إعلان الخزانة الأميركية على لسان كوهين يمثل انسجاماً مع نظرية راجت في كواليس كيري أخيراً ومفادها أن محاولات التفجيرات التي حدثت في لبنان قبيل بدء شهر رمضان، كان هدفها «هز العصا لحزب الله».

السؤال: هل يعتبر إعلان الخزانة الأميركية بمثابة إجراء ضمن توجه عدائي للحزب يعمل على هدف محاصرته مالياً، أم أنه إعلان يأتي في توقيت تحتاج فيه واشنطن إلى تطيير رسائل عدة لحزب الله حول العراق ومعركة حلب في سورية والقلمون ٢، إضافة إلى حدث متدحرج مستجدّ تخشى كلّ من إسرائيل وأميركا عواقب تمدّد نيرانه، والمقصود به حرب غزة المشتعلة حالياً؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى