برّي يستطلع الآراء لتكوين إجماع على انتخاب رئيس توافقي و«الكتائب» يطلب من عون إجابات عن أسئلة لحسم موقفه
ما تزال مستجدات الاستحقاق الرئاسي، وتحديداً ترشيح رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع رئيس تكتّل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون لرئاسة الجمهورية محور مشاورات داخل الأحزاب والكتل النيابية لاتخاذ الموقف قبل جلسة 8 شباط المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية مع ترجيحات سياسية بأنّ هذه الجلسة كسابقاتها لن يتصاعد منها الدخان الأبيض، وبالتالي ربط الاستحقاق اللبناني بنتائج بعض الاستحقاقات الإقليمية المرتقبة.
الكتائب
وأبرز موقف على هذا الصعيد أمس كان لرئيس رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل، الذي طلب من عون إجابات على بعض الأسئلة قبل حسم الحزب موقفه النهائي من ترشيحه. واعتبر الجميّل في مؤتمر صحافي في بكفيا عن لقاء معراب: «اليوم نشهد مصالحة بين فريقين سياسيين تصارعا على مدى فترة طويلة، وهذه المصالحة مهمّة لمستقبل لبنان، وحرصاً عليها نريدها أن تكون على أسُس ثابتة، وكي لا تتفكّك مجدداً. فالمصالحة شيء، والاتفاق السياسي شيء آخر، الاتفاق السياسي يجب أن يكون مبنيّاً على رؤية مشتركة، وهذا المطلوب للانتقال من المصالحة إلى دعم وترشيح رئاسي. التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية انتقلا إلى مرحلة التحالف السياسي للوصول إلى السلطة. هذا الأمر صحّي ونتمنّى أن يحصل بثوابت واضحة، وعلينا تحصين أنفسنا أمام أي خلاف في المستقبل».
وتابع: «الثوابت التي يجب أن يُبنى عليها الاتفاق السياسي هي 4. أولاً، الحفاظ على سيادة لبنان. وفي ظل الانقسام في المنطقة، علينا تحديد موقع المسيحيين، ودورنا ليس المشاركة في الصراع».
وأردف: «جاهزون إذا كانت هناك نيّة لإجراء اتّفاق سياسي يكون خارطة طريق لبناء لبنان أفضل». وأكّد «أنّنا لن ننتخب مرشحاً يحمل مشروع 8 آذار، وسننتخب مرشحاً إمّا يكون مرشّحاً لبنانياً حاملاً مشروعاً لبنانياً صُنع في لبنان، أمّا غير ذلك فلن ننتخبه».
وقال: «ما طلبناه من رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، نطلبه اليوم من الجنرال، ما موقف الجنرال من سياسة لبنان الخارجية خصوصاً في الملف السوري؟ هل هو مع الرئيس بشار الأسد، أو المعارضة، أو على الحياد؟».
وقال: «نسأل هذا السؤال لأنّ ارتدادات موقف لبنان الرسمي الذي سيصدر عن الرئيس سيعرّض الشعب اللبناني أو يحميه، لأنّنا إذا مشينا مع الأسد سنكون مهدّدين من داعش، وإذا مشينا مع المعارضة سنتعرّض من الآخرين».
أضاف: «الامتحان في 8 شباط، لم نقتنع بأي شيء مطروح، ولديهم حتى 8 شباط لإقناعنا والإجابة عن أسئلتنا».
جعجع
من جهته، عزا جعجع ترشيحه عون إلى سدّة الرئاسة إلى «الشغور الرئاسي المتمادي منذ سنة ونصف سنة، وترشيح رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية الذي قطع الطريق على أي مرشح وسطي أو من «14 آذار»، ولطيّ صفحة أليمة من الماضي بين «القوات» و«التيار الوطني الحر».
وإذ اعتبر في تصريح، أنّ حزب الله أمام امتحان جدّي بدعم العماد عون، وإلّا سيخسر أهم حلفائه في الفترة الأخيرة إذا لم يعمل لإيصاله رئيساً للجمهورية»، وأشار إلى أن «لا اتصال بيننا وبين حزب الله، إنّما العماد عون على اتصال معه».
وشدّد جعجع على أنّنا «سنصل لانتخاب رئيس جمهورية في نهاية المطاف، إنّما الأمور تأخذ مداها، ومن غير المحسوم أنّ جلسة 8 شباط ستُنتج رئيساً».
وقال: «أنا من أكثر الأشخاص الذين يعرفون العماد عون، وعلى هذا الأساس على المشكّكين أن يثقوا بخطوتي».
وأوضح أنّ «من يطرح فرضية أنّني أترك تحالفي مع الدول العربية لأتّجه إلى إيران، لا يعرفني»، مؤكّداً أنّ «قوى 14 آذار ليست في أحسن أحوالها منذ ترشيح فرنجية، لكنّ الرئاسة ملف من الملفات».
وكشف أنّ «آخر اتصال مع الرئيس سعد الحريري كان بعد ترشيح فرنجية، فالعلاقة ليست على ما يرام في الوقت الحالي، إنّما سأعمل بكل جهدي لتعود الأمور إلى ما كانت عليه سابقاً. الاتصالات بيننا ليست مقطوعة، ورئيس جهاز الإعلام والتواصل في الحزب ملحم الرياشي التقى مدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري، واللقاء تمحور حول رئاسة الجمهورية، لكن لم نتوصّل إلى أيّ حل ولو أنّ المشاورات مستمرة، فالأمور غير معقّدة ومجمّدة، وقد تكون صعبة لكنها قابلة للحلحلة».
وذكّر جعجع بأنّ «الجميع كانوا في أجواء ترشيحي للعماد عون، لكنهم لم يصدّقوا حتى آخر لحظة عند رؤيتهم عون في معراب».
وكان جعجع التقى في معراب أمين سرّ تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب إبراهيم كنعان موفداً من عون بحضور رياشي.
ووضع كنعان اللقاء الذي استغرق ساعة ونصفاً وفق بيان المكتب الإعلامي لجعجع، «في إطار تقويم المرحلة التي فصلت بين «لقاء معراب» واليوم، والتي نؤكّد من خلال نتائجها أنّ مشروعنا الرئاسي المشترك قائم على «إعلان النيّات» الذي وقّعناه، والأهم أنّه يرتكز إلى المصالحة الوطنية وليس فقط إلى عملية التوافق المسيحي -المسيحي، إذ إنّنا ننظر إلى هذا الأخير كتمهيد لتوافق وطني كبير، فـ»التيار الوطني الحر» بتحالفاته و«القوات اللبنانية» بتحالفاتها اتفقا في السياسة، ومن هنا فرصة لجميع الكتل النيابية والأحزاب في لبنان سواء في «8 أو 14 آذار» إلى التلاقي حول هذا الاتفاق مع الأخذ في الاعتبار أي نقطة أو فكرة بهدف توسيعه ليشمل كل الأطراف في الموقعين ولا سيّما على صعيد الملف الرئاسي، وهذا أمر مرحّب به».
فرنجية مستمر بجدّية وبثبات
وفي المقلب الآخر، شدّد وزير الثقافة روني عريجي على أنّ النائب فرنجية مستمر في ترشّحه لرئاسة الجمهورية بجدّية وبثبات»، وأنّه «ليس مرشحاً ضدّ أحد، إنما هناك ترشيحان مطروحان، ترشيح فرنجية وترشيح العماد عون».
ولفتَ إلى أنّ «المعطيات تتغيّر يوماً بعد يوم، وخصوصاً بعد إعلان معراب، وقد تكون هناك معطيات جديدة قد تغيِّر الرأي». وأكّد أنّ فرنجية مستعد للقاء الوزير جبران باسيل، وغيره.
وكان فرنجية بحث التطورات في بنشعي مع السفير الفرنسي في لبنان إيمانويل بون، وبحضور الوزير عريجي.
برّي يبحث عن التوافق
وفي ما يتعلّق بأجواء رئيس المجلس النيابي نبيه برّي، أكّد وزير الأشغال العامة والنقل غازي زعيتر، أنّ «موقف الرئيس برّي هو لمصلحة لبنان وكل اللبنانيين، وهو لن يتأخر أبداً عن اتخاذ أي قرار للمصلحة العامة، وهو يستطلع الآراء مع كل القوى السياسية لتكوين رؤية معينة وإجماع حول انتخاب رئيس جمهورية توافقي لكل اللبنانيين».
من جهته، اعتبر عضو «كتلة التحرير والتنمية» النائب علي خريس أنّ «التوافق بين اللبنانيين مطلوب، وهذا الأمر لا يلغي التنافس الديمقراطي داخل المجلس النيابي لانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية».
وأكّد في تصريح، أنّ «من حق الجميع الترشّح، ومن حق الجميع بالمجلس النيابي الاقتراع، لكن التوافق بين المكوّنات اللبنانية هو أفضل السُبُل للوصول إلى حلول ناجعة ومستقبل واعد لعهد رئاسي يستطيع أن ينهض ويحرِّك الملفات العالقة التي يحتاجها الوطن والمواطن».
وأشار إلى أنّ «ما يجري في المنطقة من أخطار، هو حافز ودافع أساسي من أجل التوافق لأنّ لبنان يصمد بتوافقه ووحدته».
«اللقاء الديمقراطي»: لحلّ يُجنّب الصدام
إلى ذلك، أوضح النائب مروان حماده، خلفيات موقف «اللقاء الديموقراطي» أول من أمس، فأشار إلى أنّنا «لم نتقصّد التقيّة وإنّما وجّهنا رسالة صداقة إلى النائب ميشال عون، وثمّنا ترشيح النائب سليمان فرنجية»، مؤكّداً أنّ «النائب وليد جنبلاط يُريد إفساح المجال للوصول إلى حل وفاقي يمنع الصدام في جلسة الثامن من شباط، خصوصا أنّ الوضع الإقليمي والدولي لا يزال غير ناضج لملء الفراغ».
وقال في تصريح «انتقلنا في تحضيرنا للاستحقاق الرئاسي من مرحلة المناورات الثنائية إلى مرحلة فلش الأوراق ومشاركة الجميع في انتخاب وصياغة الرئيس المقبل، وهذا ما أردنا أول من أمس كـ»لقاء ديموقراطي» أن نعبّر عنه من خلال ترحيبنا بترشيح رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع لعون على الصعيد الميثاقي».
أضاف، «القضية أن نُفسح المجال أمام رئيس مجلس النواب نبيه برّي للتحرك، ولنرى كيف سيتحرك مع الآخرين لكي نتوصّل إلى حل لا يؤدّي إلى صدام في المجلس النيابي»، مؤكّداً أنّ نوّاب «اللقاء الديمقراطي» سيحضرون في كل الحالات الجلسة المقبلة لانتخاب رئيس، ونحن حملنا لواء مرشّحنا النائب هنري حلو على أمل أن يأتي وقت يعود للاعتدال موقعه في انتخاب الرئاسة».
من جهته، أكّد حزب «الديمقراطيون الأحرار» بعد اجتماعه الأسبوعي برئاسة رئيسته ترايسي شمعون ثوابته «بوجوب انتخاب رئيس للجمهورية يُنهي مرحلة الفراغ القاتل، ويُعيد الحياة الدستورية والسياسية الرسمية والعامة، ويضبط المواقف الرسمية المحلية والخارجية بما يحترم أحكام الدستور والمواثيق الدولية والعربية».
وإذ رحّب الحزب بالمصالحة التي تمّت بين عون وجعجع، أمل «أن تضع حدّاً نهائياً لمرحلة سوداء في تاريخهما»، معتبراً «أنّ مصلحة البلد العامة تبقى أكبر وأهم من كل الاعتبارات والحسابات الضيّقة».