السفير السعودي في العراق متحدث رسمي باسم الإرهاب!
بغداد ـ مصطفى حكمت العراقي
لم يعد خافياً على أحد حجم التوغل السعودي في دعم الإرهاب على مختلف الأصعدة حيث اعترف بذلك نائب الرئيس الأميركي بايدن وكذلك التقارير المسرّبة من الاستخبارات الألمانية، والعديد من الاستخبارات الغربية والإقليمية، فمصدر كلّ فتاوى التحريض هي من منابر الرياض المدعومة حكومياً والدعم المادي واللوجستي هو سعودي بامتياز حتى تمّ إخراج أعتى المجرمين من سجون مملكة الرمال والذهاب بهم الى العراق وسورية، للقيام بأعمال إجرامية على خلفيات طائفية بحتة، وتمّ التحالف مع «القاعدة» وفروعها في المنطقة لأغراض سياسية وتدميرية، فكما تمّ إنشاء «القاعدة» من قبل بندر بن سلطان بالتعاون مع الولايات المتحدة لإسقاط الجيش السوفياتي في أفغانستان، تمّ الاعتماد على «القاعدة» اليوم في اليمن لإسقاط الجيش اليمني واللجان الثورية لإخضاع الشعب اليمني، وكذلك الحال في سورية، إذ كان رجل الرياض الأول في دمشق هو الارهابي زهران علوش الذي أمطر العاصمة السورية بمئات القذائف والصواريخ التي استهدفت المدنيين والأطفال، إلى أن تمّ قتله بغارة جوية للجيش العربي السوري، وهو ما جعل الرياض تفقد صوابها وتتبنّى أفراد معارضة ترتكب جرائم حرب بحق الشعب السوري، بدليل كلام هيثم منّاع أحد أركان المعارضة السورية…
كذلك الحال في العراق، فبعد أن كشفت العديد من التقارير الأمنية العراقية مدى حجم دعم الرياض الكبير للجماعات المسلحة التي تشكلت بعد سقوط النظام العراقي السابق، بغية إرباك الوضع العراقي وعدم السماح باستقرار أمني في العراق يسمح بتطوّر اقتصادي وسياسي، وهو ما تخشاه الرياض بشكل جدي، لأنّ العراق اذا نهض فسيكون الأول اقتصادياً في المنطقة بحكم المخزون النفطي الهائل الذي يمتلكه العراق ولهذا تحاول السعودية مراراً وتكراراً إضعاف العراق بشتى الوسائل…
ويأتي مسلسل استهداف الحشد الشعبي ومحاولات إسقاطه ضمن هذا المخطط، حيث زعم السفير السعودي في العراق ثامر السبهان رفض الكرد ومحافظة الأنبار دخول قوات الحشد الشعبي إلى مناطقهم بأنه يبيّن «عدم مقبوليته من قبل المجتمع العراقي»، فيما أشار إلى أنّ الجماعات التي تقف وراء أحداث المقدادية لا تختلف عن تنظيم «داعش» على حدّ قوله. وسأل السبهان: هل تقبل الحكومة العراقية بوجود حشود سنية كالحشود الشيعية الحالية وبنفس التسليح؟ ولماذا يوضع السلاح بيد الحشد الشعبي فقط؟ واتهم السبهان إيران بما وصفه بالتدخل في الشؤون العراقية الداخلية بشكل واضح وإنشاء ميليشيات مسلحة على حدّ زعمه، مشدّداً على ضرورة إيجاد حلّ جذري للبيئة التي ساهمت بظهور «داعش» والإرهاب.
وبشأن مطالبة وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة بحلّ الحشد الشعبي، أكد السبهان أنّ «من يستمع إلى خطب الجمعة لسماحة السيد السيستاني وتصريحات السيد مقتدى الصدر يستشعر خطر المرجعيات الدينية الشيعية من ذلك»، على حدّ تعبيره.
تصريحات السفير السعودي لاقت سخطاً شعبياً وسياسياً واسعاً حيث طالبت هيئة الحشد الشعبي الحكومة العراقية بطرد السفير السعودي من العراق ومعاقبته على خلفية تصريحاته الأخيرة ضدّ الحشد. وقال المتحدث باسم الحشد الشعبي أحمد الأسدي في بيان، إنّ ما تحدّث به السفير السعودي تجاوز كلّ الحدود واللياقات الدبلوماسية، وهو ينمّ عن النوايا المبيتة سلفاً لإرسال سفير دولة تدعم الاٍرهاب ليكون ممثلاً لها في دولة لا تزال دماء أبنائها تقطر من مفخخات إرهابهم ودواعشهم وبهائمهم البشرية المفخخة…
وأضاف الأسدي إنّ تجاوز هذا المدعو على الحشد والحكومة والغالبية السكانية والسياسية لا يزيدنا إلا إصراراً على القضاء على الدواعش ورفض ومحاربة داعميهم ومموّليهم في الداخل والخارج، مطالباً الحكومة العراقية ووزارة الخارجية بطرد هذا السفير ومعاقبته على تصريحاته الوقحة وتجاوزه على الشعب العراقي وحشده الشعبي المقدس وسوْقه لأكاذيب مفضوحة وتحريضه المباشر على الفتنة بين مكونات الشعب العراقي…
كذلك اعتبر وزير النقل باقر جبر الزبيدي تصريحات السفير السعودي في العراق ضدّ الحشد الشعبي، «مخالفة» للأعراف الدبلوماسية و«تدخلاً سافراً» في الشأن العراقي.
وأضاف الزبيدي إنّ «الحشد الشعبي الذي حرّر ديالى وصلاح الدين، وقدّم مئات الشهداء والجرحى وحرّر 170 قرية وقضاء هو شرف هذه الأمة ورمز عزتها».
كما دان رئيس كتلة الدعوة النيابية خلف عبد الصمد تصريحات السفير السعودي في العراق تجاه الحشد الشعبي، مطالباً وزارة الخارجية بالتدخل الفوري وحفظ كرامة الدولة العراقية وطرد السفير السعودي من العراق… كما طالبت العديد من الشخصيات السياسية والاجتماعية باتخاذ إجراء فوري ضدّ السفير السعودي وطالبت بطرده، أما الخارجية العراقية فستكون كعادتها ضعيفة في الردّ، وهي التي توسّلت الرياض لفتح سفارة لها في بغداد فيما هي تعلم أنّ السياسات السعودية مرفوضة من غالبية الشعب العراقي، وأنّ استمرار هذه التصريحات سيجعل الحكومة العراقية في حرج شديد، فهي مطالبة بتنفيذ مطالب الشعب العراقي بطرد السفير السعودي الذي بدأ عمله قبل أيام قليلة… إنّ استمرار تعاطي وتغاضي الدبلوماسية العراقية عن هذه الحماقات السعودية يمهّد لتدخل سعودي أكبر في العراق، كما يمهّد لإقامة «الإقليم السني» الذي تدعمه الرياض، ما سيؤدّي حتماً إلى تقسيم العراق، وهو ما يجب الوقوف في وجهه بكلّ قوة، فالرياض التي أوغلت في سفك دماء الشعبين السوري واليمني بشكل علني لا يمكنها أن تكون حمامة سلام في العراق، لأنها صاحبة مشروع تخريبي واضح يتطلب تدمير وتخريب كلّ من يعارض الرياض أو يقف في وجهها…