التانغو أم الماكينات؟ من سيحرز اللقب العالمي في ماراكانا العريق؟

تختتم فعاليات كأس العالم 2014 في البرازيل يوم غدٍ الأحد بلقاءٍ يجمع بين المنتخب الألماني ونظيره الأرجنتيني في صراعٍ على التتويج بلقب بطل العالم لأربع سنوات. المعركة الأخيرة لا تنحصر بين الألمان والأرجنتينيين إنما تذهب بعيداً لتشكل صراعاً بين قطبي كرة القدم العالمية القارتين الأوروبية والأميركية.

أقيمت حتى الآن 19 نسخة من البطولة التي لم تخرج كأسها من أحضان القارتين العجوزتين، وأحرزت منها أوروبا 10 ألقابٍ بواسطة إيطاليا وألمانيا وإنكلترا وفرنسا وإسبانيا، وذهبت الألقاب التسعة لأميركا الجنوبية التي أحرزت أكثر من نصفها البرازيل 5 ألقاب فيما أحرزت الأوروغواي لقبين والأرجنتين لقبين، وها هي النسخة العشرين تجمع أيضاً منتخبين من نفس القارتين، ليتكرر الصراع على لقب من هو الأفضل عالمياً، أوروبا أم أميركا الجنوبية؟

على رغم أن التاريخ لا يبنى عليه في عالم كرة القدم، لأن الثواني فيه تحمل مفاجآت قد تقصي أكبر الفرق أمام فرق متواضعة، فإن الأرقام والإحصاءات تعطي الأفضلية للفرق الأميركية الجنوبية على حساب نظيرتها الأوروبية. فمن أصل 9 مقابلات نهائية جمعت بين طرفين من القارتين، نجح الأميركيون الجنوبيون في تحقيق اللقب في سبع مرات مقابل مرتين فقط للأوروبيين.

الأفضلية التاريخية للعالم الجديد على العالم القديم، ليست بين القارتين فحسب، بل تتعدى ذلك لتصل إلى حد المنتخبين المتباريين على اللقب. فألمانيا فازت مرة واحدة في نهائي مشترك وكانت على حساب الأرجنتين، وخسرت مرتين إحداهما أمام المنتخب ذاته والثانية أمام البرازيل. في حين أن الأرجنتين حققت فوزين على فريقين أوروبيين هما هولندا وألمانيا، وسقطت مرة واحدة أمام الأخير.

ولا تنتهي الإحصاءات هنا، فالمنتخبات الأميركية الجنوبية في المباريات النهائية تكشر عن أنيابها وتتخم شباك منافسيها بعدد أكبر من الأهداف عند فوزها، في منافساتها الأوروبية.

وكان النصر الأكبر للبرازيل حين فازت على السويد على أرضها عام 1954 5-2 ، بينما الفوز الأكبر من الجهة الأخرى كان عندما فازت فرنسا على منتخب السامبا 3-0 في مباراة تاريخية عام 1998. وسجّل الأميركيون الجنوبيون 20 هدفاً في مجمل مبارياتهم عند لقائهم بالأوروبيين في المباريات النهائية، فيما هز هؤلاء شباك خصومهم 11 مرة.

وفي المونديال الحالي لم يخسر الفريقان طيلة المشوار، فنجحت الماكينات في تصدّر مجموعتها السابعة ضمن مرحلة المجموعات بفوزين وتعادل، استهلتها بفوزٍ كاسح على البرتغال 4-0 وتعادل مع غانا 2-2 ، ثم انتصار على الولايات المتحدة الأميركية بهدف دون رد، ثم كرت سبحة الانتصارات ففاز المانشافت على الجزائر في الدور الثاني 2-1 ، وتخطى فرنسا بهدفٍ نظيف في ربع النهائي، وكان قاسياً على البرازيل 7-1 في الدور نصف النهائي، ليسجّل 17 هدفاً ويستقبل أربعة أهداف فقط.

فيما كانت معاناة الأرجنتين أقل بعد فوزه في جميع مباريات الدور الأوّل للمجموعة السادسة، على كل من البوسنة والهرسك 2-1 وإيران بهدفٍ نظيف، ونيجيريا 3-2 ، وتابع تفوّقه ليتخطى سويسرا في الدور الثاني بهدف، وبلجيكا بالنتيجة نفسها في ربع النهائي، قبل أن يصطدم بهولندا قبل النهائي ويحتاج إلى ركلات الترجيح لتخطيها 4-2 ، بعد انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي سلبياً، ليسجّل لاعبوه 12 هدفاً وتتلقى شباكهم 5 أهداف.

وبعيداً من المباراتين النهائيتين اللتين جمعتا بين ألمانيا والأرجنتين، فإن المنتخبين التقيا في البطولة العالمية أربع مرات أيضاً، كانت في بطولات 1958، 1966، 2006، 2010، حيث كانت الغلبة فيها للـ»مانشافت» الذي فاز في مونديال السويد 3-1 في الدور الأوّل، وتعادلا من دون أهداف في الدور نفسه في إنكلترا، وتخطى عقبة «لا البيسيلسيتي» في الدور ربع النهائي من مونديال بلاده بركلات الترجيح 4-2 ، بعد التعادل 1-1 ، واكتسح شباكه برباعية نظيفة في جنوب أفريقيا 2010 في الدور نفسه، لتكون الحصيلة المونديالية انتصارين لألمانيا وتعادلين.

وخلال جميع المواجهات بينهما تفوّق الألمان هجومياً بإحرازهم 11 هدفاً، مقابل تلقيهم 5 أهداف أرجنتينية.

تاريخ وأرقام ولقاءات سابقة، لمن ستكون الغلبة؟ ولحساب من ستدور الكرة؟ أهي نجمة رابعة للمانشافت أم ثالثة للتانغو؟ هل ستضيف أوروبا لقباً جديداً لها وتفرض تفوّقها، أم ستعادلها أميركا الجنوبية من جديد؟ أسئلة كثيرة واستفسارات تدور في رؤوس محبي اللعبة، لكن الحسم لن يكون إلا على أرض الماراكانا العريق.

مباراة لاستعادة أمجاد السيليساو

قد لا يجد مدرب المنتخب البرازيلي ولاعبوه أفضل من الفوز على هولندا في مباراة تحديد صاحب المركز الثالث، لغسل عارهم قليلاً بعد الخسارة التاريخية أمام ألمانيا، لكنهم الآن مضطرون لتجاوز هذه الصدمة ولعب المباراة الشرفية التي سترفع من حدة النقمة الجماهيرية عليهم في حال عجزوا عن تحقيق الفوز.

وقال المدرب سكولاري الذي توج مع السامبا في 2012 باللقب الخامس للبرازيل: «لن أتحدث مع إدارة الاتحاد البرازيلي حول مصيري في المنتخب إلا بعد مباراة السبت. بعد تلك المباراة سيُحدد الموقف».

ومن المعتاد أن يشارك المدربون بتشكيلة احتياطية في مباراة تحديد المركز الثالث، لكن هذا الأمر مستبعد مع البرازيل لأنها مطالبة بالفوز وبطريقة مقنعة وممتعة لكي تنسي جمهورها الخيبة أمام ألمانيا، وخصوصاً مع الأداء السيئ للغاية الذي قدمه بديل نيمار برناند ولاعب بايرن ميونيخ في الدفاع دانتي.

والتقى المنتخبان في ثلاث مناسبات سابقة خلال النهائيات، الأولى تعود إلى عام 1974 حين فازت هولندا بقيادة يوهان كرويف 2-0 في الدور الثاني، والثانية عام 1994 حين فازت البرازيل 3-2 في دور الثمانية، والثالثة عام 1998 حين نجحت البرازيل في ركلات الترجيح في الدور ما قبل النهائي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى