مراكز الأبحاث الأميركية: الفشل الأميركي في العراق يتحمل مسؤوليته الساسة وصناع القرار
انتقل مركز ثقل الاهتمامات الشعبية والرسمية من تدهور الأوضاع الأمنية في العراق إلى مواكبة قرارات المحكمة العليا التي سددت سلسلة ضربات متتالية للرئيس أوباما وسياساته، في ظل أجواء احتفالات ذكرى استقلال البلاد.
أثبت النظام الأميركي في صيغته الراهنة قدرته النسبية على التعامل بصعوبة مع التحديات الداخلية، أما الخارجية فهي مسألة شائكة لا تدعو إلى الطمأنينة والارتياح بالنسبة إلى عموم المواطنين.
في الشأن الداخلي برز صراع النفوذ بين السلطتين التنفيذية والقضائية بقوة خلال الأسبوع الجاري في أعقاب إقرار المحكمة العليا سلسلة أحكام قضائية مخالفة لتوجهات الرئيس أوباما وسياسات السلطة التنفيذية رافقته نتائج استطلاعات للرأي متدنية بالنسبة إلى مكانة الرئيس أوباما ومدى التأييد الشعبي له الذي شهد انخفاضاً حاداً لم تشهد المؤسسة الرئاسية مثيلاً له منذ 70 عاماً.
يستعرض قسم التحليل آليات النظام الأميركي وركائزه القائمة على مبدأ الفصل بين السلطات وإرساء توازن بين مدى نفوذ كل منها وتوصيف التداعيات التي تهدد لحمة النسيج الاجتماعي.
ملخص دراسات ونشاطات مراكز الأبحاث
العراق
أعرب معهد الدراسات الحربية عن اعتقاده بأن تنظيم داعش يمضي في استكمال استعداداته للانقضاض على بغداد لا سيما أنه «يملك قوة هائلة، فضلاً عن يسر التنبؤ بخطواته المقبلة بعد كشفه عن عناصر أساسية لاستراتيجيته. وهو لم يبلغ أوج إنجازاته في العراق بعد». وأضاف: «إن الهدف المقبل المرجّح لداعش سينصب على ممر الحديثة الرمادي للانقضاض على مقار الحكومة المركزية في بغداد.»
وألقى مركز السياسة الأمنية مسؤولية الفشل الأميركي في العراق على كاهل «الساسة وصناعها وليس على الأجهزة الاستخبارية. لا سيما أن سيلاً غنياً من المعلومات جرى تداولها في الوسائل الإعلامية عبر السنة الماضية تشير إلى انفجار وشيك للحرب الطائفية في العراق وتنامي قوة داعش في كل من العراق وسورية». وأضاف أنه «كان يتعين على إدارة الرئيس أوباما الاتعاظ بسيطرة داعش على مدينة الفلوجة ومناطق أخرى في محافظ الأنبار «واتخاذ الإجراءات الكفيلة لتعديل سياستها العراقية»، وذكّر المركز بشهادة مدير وكالة الاستخبارات العسكرية مايكل فلين، أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ في شباط 2014، محذراً من «سعي داعش للسيطرة على أراضٍ في العراق وسورية جنباً إلى جنب مع احتفاظها بعدد من الملاذات الآمنة لنشاطاتها داخل سورية.»
ومثّل تصاعد وتيرة تصريحات قادة إقليم الحكم الذاتي في كردستان العراق محط اهتمام معهد هدسون، معرباً عن اعتقاده أن «التحدي الأكبر يكمن في القدرة على ترسيم الحدود، التي لا تمت بصلة قوية لحق تقرير المصير أو حتى الثروة المادية. بل في التحولات الجيوستراتيجية وتموضع دول أكبر وأشد قوة». وأضاف أن «في هذا الجانب «تنفرد «إسرائيل» عن غيرها من اللاعبين الإقليميين والدوليين، وعلى رأسها تركيا وإيران والولايات المتحدة، بامتلاك الرغبة في ترويج انفصال استقلال كردستان.»
بينما أوضح معهد واشنطن لشؤون الشرق الأدنى أن «تركيا تبدي استعدادها لرؤية دولة كردية على حدودها، وظيفتها تشكيل منطقة عازلة. ومثل اندفاع داعش السريع ضغطاً مضاعفاً على تركيا لتطوير علاقاتها مع أكراد العراق وما يتطلبه ذلك من تراجع تركيا عن بعض الخطوط الحمراء التي رسمتها سابقاً وعدم تجاوز الأكراد لها»، وتابع أنه «عند إقدام إقليم كردستان على إعلان استقلاله، ستكون أنقرة في الصف الأول لاستغلاله والاعتراف به… وباتت التطورات تشير بوضوح إلى أن داعش يعتبر خطراً داهماً أوسع على تركيا مقارنة مع إعلان أكراد العراق الاستقلال.»
إيران
ناشد معهد كارنيغي دول الاتحاد الأوروبي إجراء مراجعة لمواقفه مع إيران «بالتعاون الوثيق مع الولايات المتحدة، وخارج نطاق سبل التعاون الراهنة بين فريقيهما للتفاوض، لا سيما أن دور دول الاتحاد حيال الملف الإيراني لا يعطى حقه من قبل الشعب الأميركي في وقت يدخل عامل الكونغرس ليمارس دوراً حاسماً في عدد من قرارات المقاطعة الأميركية، وتسخير نفوذه الجمعي لضمان الحصول على موافقة أميركية لتخفيف العقوبات عند التوصل إلى اتفاق شامل مع إيران أو ابتداع مسار جماعي جديد نحو إيران في حال فشل المفاوضات الجارية معها.»
مستقبل حلف الناتو
في تقييم نادر من نوعه، طالب معهد كارنيغي حلف الناتو بـ»مراجعة أولوياته الاستراتيجية» على ضوء ما أفرزته الأزمة الأوكرانية التي أثبتت أن «الحلف لم يوفر مبررات كافية لاستمرارية وجوده. بل على العكس فإن التباينات الواضحة في مواقف أعضاء الحلف حول خطورة تهديد روسيا قد تدفع بدول الحلف إلى مزيد من التباعد، كما أثبتت بولندا خيبة أملها وشكوكها في استمرارية تماسك الحلف». وحذر من تحول الحلف إلى «صندوق حافظ للأدوات والمعدات يستخدم لمصلحة تحالف الراغبين متى أرادوا، والذي لن يستطيع الحفاظ على ديمومة تماسكه. إلّا باستعادة أعضائه مفهوماً مشتركاً لطبيعة التحديات والمخاطر». ومما دلت إليه الأزمة الأوكرانية «تسليطها الضوء على ما ينبغي على أعضاء الحلف القيام به على وجه السرعة.»