ناصر: تأجيل جنيف مصلحة لسورية ومسارُ التفاوض سيمتدّ حتى موعد الانتخابات

حاورها سعد الله الخليل

رأت المستشارة السياسية للبرلمان الدولي للأمن والسلام ـ مكتب وزارة الخارجية سناء ناصر «أنّ تأجيل ملتقى جنيف 3 يعود بالأساس إلى المشاريع التي تقف وراء انعقاد تلك الملتقيات بدءاً من جنيف 1».

وقالت ناصر في حوار مشترك لصحيفة «البناء» وشبكة «توب نيوز»: «كلّ مبعوث دولي يأتي بأجندة جاهزة وواضح أنّ الأجندة الدولية حول سورية لن تغير أي بند من بنود المشروع المُراد تحقيقه وبالتالي فإنّ جولات المبعوثين الدوليين داخل سورية للحديث مع ما يسمى المعارضة السورية يعدّ استكمالاً للمشهد العام».

السوريون لا يثقون بمعارضة الخارج

وأكدت ناصر «أنّ غياب الحكومة السورية عن جنيف 1 كشف عمّا ورد من بنود لا تتوافق مع القيادة السورية والشارع السوري وتجاوز المجتمع الدولي لبنود وقف العنف وتعريف الإرهاب»، لافتة إلى «أنّ الإصرار على حصر الأزمة السورية بتنحي الرئيس بشار الأسد يكشف ما وراء هذه الملتقيات». وأضافت: «هذا الأمر غير مقبول لدى القيادة السورية وحتى قيادات الأحزاب».

ولفتت إلى المشروع المرسوم للمنطقة بعد مقتل الرئيس الليبي معمّر القذافي بالطريقة المسيئة وإعدام الرئيس العراقي صدام حسين، «حيث تسعى أميركا إلى تغيير جذري في المنطقة العربية لذلك تجاوزت بنود جنيف 1 وأصرت على تنحّي الرئيس الأسد وروَّجت لمصطلح هيئة الحكم الانتقالي بالصلاحيات الكاملة بغطاء تشكيلها من الحكومة وأطياف المعارضة من الخارج كمقدمة لكسر هيبة الدولة السورية».

وتابعت ناصر: «عبّر الشارع السوري خلال السنوات الماضية عن عدم ثقته بالمجموعة الموجودة في الخارج والتي تنادي من على منابر واشنطن، ومعها السياسيون الأميركيون، بإسقاط سورية، في حين تدّعي أنّ القيادة السورية متآمرة مع الأميركي ضدّ الشعب وهذا كلام استهلاكي وازدواجي لم يعد يُقنع الشارع السوري».

واعتبرت «أنّ جنيف 3 لا يقلّ عن جنيف 1 و2 وسيلاقي المصير نفسه». وقالت: «لم أقتنع بأي جنيف من الثلاثة ولا أعقد آمالاً عليها، فموسكو حاولت أن تكون لها ورقة ضغط في موضوع التفاوض بوجه الأميركي عبر موسكو 1 و2 وحاولت فرض أجندة ورؤية سورية وأظهرت المعارضة المختلفة عن المعارضة المسلحة التي يدعمها الأميركي والتي يطلق عليها تسمية «معارضة معتدلة». فكيف يسمّونها معتدلة وهي تحمل السلاح»؟ ودعت ناصر الدول الغربية، وعلى رأسهم أميركا، إلى «محاسبة كلّ من حمل السلاح في وجه الدولة السورية وفق قانون مكافحة الإرهاب الذي تعتمده تلك الدول».

وحول المشاركة الكردية في الملتقى ورفض السعودية تمثيل صالح مسلم في الوفد وتعيين الوزير المنشق رياض نعسان كممثل عن الأكراد، رأت ناصر أنّ ذلك «يكشف الازدواجية السعودية والرغبة بأن لا يمثل الأكراد من الداخل السوري». وقالت: «لن تُدعى الشخصيات المعارضة الداخلية بأسماء الأحزاب والتيارات السياسية بل ستقدم بشخصيات مستقلة سياسية».

واعتبرت «أنّ الإصرار السعودي على تسمية محمد علوش ضمن الوفد المعارض محاولة لتفخيخ الجسد السياسي السوري وليس المفاوضات، بعد أن حاولوا إسقاط منظومة الدولة مع شقيقه المنافق زهران، والآن يكتمل المشروع مع محمد علوش في خطوة لتجاوز القرار الدولي وما فرضه على الأردن من تقديم لوائح بأسماء المنظمات الإرهابية وبعد تأخُّر الأردن في تقديم الأسماء والحديث عن استثناء أحرار الشام وجيش الإسلام وجبهة النصرة الإرهابية يأتي في سياق المسعى السعودي لتمرير الملتقى دون اكتمال موجباته حيث تراهن الرياض على انتهاء ولاية الرئيس باراك أوباما وتسلم الجمهوريين الحكم لتهدِّد بإشعال المنطقة بحروب كبرى». وأضافت: «السعودي لا يرى واقعه ويخبئ رأسه في الرمال كالنعامة فخسائره في اليمن لا يمكن التغطية عليها ويراهن على صنع نصر في اليمن بجيش المرتزقة الذي جمعه من كلّ دول العالم، وبالتالي المملكة لا تريد حالياً أي حلّ للأزمة السورية».

وأكدت ناصر «أنّ أركان الإرهاب كاملة لدى فصيل جيش الإسلام الذي يمثله علوش كونه يحمل السلاح في وجه الدولة، وكونه قاتلاً مارس مجازر علنية في أكثر من منطقة ولديه سجن معروف بسجن التوبة في دوما يحتجز فيه مدنيين، كما أنّ زهران ومحمد علوش وضعا المدنيين في أقفاص حديدية وجالوا بهم كلّ المناطق. فهل تقبل أميركا أن يُحبس مواطن أميركي في قفص من قبل من يدعونها معارضة «سلمية» أو «معتدلة»؟ أين الاعتدال»؟

وتابعت: «بعد الاتفاقيات التي ضمنتها واشنطن حول الغاز وما حصلت عليه من الامتيازات أصبحت السعودية عبئاً على واشنطن، ولذلك سمحت الأخيرة لأرملة الملك فهد بنشر وثائق حول حياتها معه والتي يظهر فيها مدمناً على المخدرات والقمار في النوادي الأميركية».

التطورات الميدانية أعادت تركيا إلى مشاريعها وأحلامها القديمة

ورأت ناصر «أنّ تأجيل انعقاد ملتقى جنيف لصالح السورين، فعندما تستطيع الحكومة السورية السيطرة على الحدود، فهي تسحب بذلك ورقة من الأوراق من يد المفاوضين وتضمن مكاسب لشعبها». وأضافت: «إنّ السيطرة على ربيعة وسلمى والمناطق الحدودية مع تركيا ووصول الجيش إلى مشارف جسر الشغور يسحب الورقة التركية وكذلك التطورات في ريف حلب ودرعا».

واعتبرت «أنّ التطورات الميدانية دفعت بتركيا إلى العودة لمشاريعها القديمة والتواصل مع إسرائيل. أما الأميركي فهو يتعاطى مع التركي كما يتعاطى مع السعودي، وبعد أن زرع في فكره أنه الوالي العثماني في الشرق الأوسط سحب كلّ ذلك بل ومنع دخوله إلى الاتحاد الأوروبي. وقد تلاشى الحلم التركي رغم أنّ أردوغان كان مستعداً للزحف نحو الأميركي وتقديم كلّ الشعب التركي رهينة وأضحية للأميركي مُقابل دخوله للاتحاد الأوروبي، لكنّ القرار بعدم دخوله متخذ منذ خمسة عشر عاماً، لذلك كان التوجه التركي نحو الشرق وهذا ما أضرّ بمصالح السعودية التي تعتبر نفسها راعية المسلمين».

وعن التوجه التركي صوب أفريقيا من البوابة الصومالية، أكدت ناصر «أنّ الصومال من أكبر الدول الحاضنة للإخوان المسلمين لذلك يرى أردوغان إمكانية للتقدم».

الخلاف السعودي ـ الإيراني

وحول الخلاف الإيراني السعودي وتأثيره على استمرار الأزمة في سورية، سألت ناصر: «بما أنّ السعودي يقول إنّ الإيراني يتدخل في الشأن السوري الداخلي ويعتبر نفسه وصياً، فكيف يجيز لنفسه التدخل؟ هل لأنه خادم الحرمين الشريفين ووالي المسلمين؟ وماذا أبقى للمسلمين بعد أن استبدل آل سعود مكان رمي الجمرات بسفينة نوح؟ ما يُرمى الآن ليس هيكل الشيطان بل سفينة سيدنا نوح عليه السلام».

وأضافت: «لا يمكن أن يأمل السوريون خيراً من بلد أو دويلة ليس لديها قانون أو دستور بل تعلم الطفل كيف يقطع اليد أو اللسان أو الرأس. كيف يمكن للسعودية أن تواجه دولة تمتلك ثورة علمية وبنت دولة تحت إدارة المرشد الخامنئي ونجحت رغم الحظر والعقوبات في حجز مقعد لها بين الدول الكبرى، لذلك تشعر السعودية بأنّ إيران قد سحبت شيئاً من قوتها. إيران لا تدعو، كما تدّعي السعودية، إلى التشيُّع ولم تدرج في أي من الكتب المدرسية مبادئها أو نهجها ولا نستطيع المقارنة التي لا تجوز أصلاً بين السعودية وإيران».

وأكدت ناصر أنّ السعودي ليس صاحب القرار بل هو منفذ وممول لسياسات واشنطن، فعندما اتخذ الأميركي قراراً بإشعال ما سمي بالربيع العربي والذي بدأ من شمال الغرب الأفريقي ووصل إلى سورية، بدأت قطر بالتمويل، وبعدها سلمت واشنطن الملف للسعودية كون الأميركي لا يموِّل». وأوضحت «أنّ ما فُرض على السعودي كان من باب التخويف بأنّ عدوه المباشر في طهران الإيراني لأنه يدعم المقاومات كما النظام السوري وأضافت «الشحن الأميركي للسعودي بأنّ إيران خصم له مكنها من تفريغ الأسلحة التي لديها عبر تصديرها للسعودية وبذلك تكون الرياض أكبر مشتر للسلاح الأميركي غير المستخدم. والآن تعتمد واشنطن سياسة إنهاء دولة بني سعود عبر تخفيض أسعار النفط من بوابة المواجهة مع إيران لكنها كانت الخاسر الأكبر، فبأمر أميركي خفّ المردود السعودي كمقدمة للمشروع الأميركي المقبل والمتمثل بتقسيم السعودية إلى ثلاثة دويلات متفق عليها دولياً، وربما التناحر بين محمد بن سلمان وولي ولي العهد وزرع الفتنة بينهما يندرج في هذا السياق وفق المصلحة الأميركية».

وأشارت ناصر إلى «أنّ المصلحة الأميركية تندرج ضمن مشروع واسع قائم على التقسيم من بوابة الاعتماد الأميركي على المذهب الوهّابي ليشكل دويلات في الوطن العربي على شاكلة «داعش» وأخواته تمهيداً لإعلان يهودية الدولة في إسرائيل، فالموقف الإسرائيلي المصفق لانهيار أي دولة في الوطن العربي يحقق أهداف واشنطن».

ولفتت إلى الدراسات المثبتة التي تقول إنّ النفط في السعودية سينضب وعمره قد لا يتجاوز العشر سنوات، وقالت: «أميركا سحبت ما تحتاجه من النفط السعودي وتصريحات واشنطن ضدّ الرياض توحي بأنّ الورقة السعودية قد انتهت».

نظرية المليار الذهبي

وتحدثت ناصر عن نظرية «المليار الذهبي» والتي اعتمدت في بداية الحرب على سورية، «حين قال القرضاوي: فليمت الثلث أو الثلثين وهي نظرية المليار الذهبي حيث يجب أن تبقى الحروب قائمة في العالم والوطن العربي تحديداً، لأنّ الثروات الموجودة في الشرق الأوسط تسمح بتمويل تلك الحروب ليصل عدد السكان إلى المليار وليس من باب التشاؤم، فإنّ الحروب ستبقى حتى يصل السكان إلى هذا العدد».

وتابعت: «في هذا السياق يأتي أخذ الكوادر الشابة والدعوة إلى الهجرة لنهوض اقتصادات الغرب، وقد بدأت التصريحات الألمانية برفض 200 نازح يومياً وتصديرهم إلى بقية الدول ليتوزعوا في الدول الأوروبية لفقدان القارة العجوز الجيل الشاب، فالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أخذت ما تريد ورفضت الباقي، لذلك أطلقت عليهم اسم لاجئين لإعادتهم إلى دولهم في أي وقت تقرّر أوروبا».

واختتمت ناصر حوارها بالإعراب عن اعتقادها «بأنّ مسار جنيف سيتواصل لسنة وستة أشهر حتى يأتي موعد الانتخابات السورية، فأميركا وروسيا تعلمان أنّ الرئيس بشار الأسد منتخب بشكل شرعي وأنّ هناك صناديق اقتراع يحتكم الشارع إليها والدليل ما قاله وزير الخارجية الأميركي جون كيري لوفد الرياض: «عليكم أن تهزموا الأسد وتقبلوا المنافسة»، ما يعني عودتهم إلى الشرعية بعد أن يحصل الغرب على ما يريد من اتفاقات وهذا شيء واضح».

يُبثّ هذا الحوار كاملاً على موقع قناة «توب نيوز» على يوتيوب على الرابط الساعة الخامسة مساءً ويُعاد عند الحادية عشرة ليلاً.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى