فات أوان الغبار والمعارضة… «مصدومة»
تتوجه المعارضة السورية لحضور مؤتمر جنيف بشروط روسية اتضح في ما بعد انّ جون كيري يضغط باتجاهها، ايّ باتجاه رؤية موسكو للمشاركين في الحلّ، ومن هنا عبّرت المعارضة عن صدمتها على اعتبار انها تيقّنت من استسلام واشنطن للرغبة الروسية، ولاقتسام نفوذ لم يعد ممكناً تجاهله في حساب المنطقة في ظلّ اي تسوية، فاعتبرت ما تسمّى «الهيئة العليا السورية للتفاوض» المعارضة – عن صدمتها من الطلبات والشروط الروسية التي نقلها اليها وزير الخارجية الاميركي جون كيري، والذي شدّد على وجوب الالتزام بها، وسرّبت مصادرها انه «بات الآن واضحاً أكثر من أيّ وقت مضى ان واشنطن سلّمت سورية سياسياً وعسكرياً لموسكو».
صدمة المعارضة لا تقلّ أهمية عن صدمة الجماعات الإرهابية المسلحة ومن يدعمها، خصوصا السعودية المتضرّرة في كلّ حدب وصوب، والتي تحاول على ما يبدو نثر بعض الغبار في صفوف المشهد المرتبك بعدما تقدّمت نحو القبول بالشروط الروسية، وهي تعيش اهتزازاً داخلياً ومخاطر عدم الانسجام مع فهم المرحلة الإيرانية الجديدة عقب فك العقوبات عنها وانفتاحها على الغرب.
انفجاران هزا مدينة حمص وأوقعا 22 شهيداً وأكثر من جريح، وبنفس الأسلوب الترهيبي المعتمد، التفجير الأول وقع بسيارة مفخخة انفجرت بالقرب من حاجز تقاطع حي الزهراء، وتلاه بعد 15 دقيقة تفجير ثان بواسطة انتحاري بعد تجمّع المارة والمسعفين في نفس المكان.
تدرك الجهات التي أوعزت بتنفيذ هذين الانفجارين انّ الأوان قد فات لنثر غبار السيطرة على المشهد في أذهان السوريين، ولكن المعنيين بمراقبة سير العملية السياسية في سورية يرون انّ هذا التفجير الإجرامي يأتي لحرف الأنظار قليلاً عما يجري من تقدّم واسع النطاق للجيش السوري والقوات الروسية المساندة، فقد سيطر الجيش على مدينة الشيخ مسكين، وتقدَّم في ريف حلب، ويُحاصر مدينة الباب، وقبل ذلك استعاد ريف اللاذقية بالكامل فارضاً شروط وهيبة الدولة السورية قبل جنيف، وهو بطبيعة الحال ما أربك كيري الذي هرول ناصحاً السعوديين بأنه لا مجال للمكابرة، فالانتصارات السورية تتوالى مقابل خيبة تركيا وتكبيلها وعدم قدرتها على الردّ مقابل الغصرار الروسي على الردّ على تماديها في التوغل بالحدود السورية ومساندة الإرهاب، فما كان إلا أن اغلقت الحدود، وهنا تريد واشنطن الإيضاح للسعوديين انّ الأفق ضاق ولم يعد هناك إمكانية للرهان على حليف او شريك في ميداني سورية وسط التمدّد الروسي السوري النشط.
تدرك السعودية انّ الأوان قد فات، لكنها تحاول غيهام الإرهابين الذين يعيشون على الدماء إنها قادرة على الإرباك، وليس تنفيذ عملية انتحارية وإعادة ضخّ الحماس العقائدي الا دليلاً على الحاجة إلى تنفيذ عملية دموية مهما كلف الأمر في تلك المنطقة تحديداً لإثارة نعرات طائفية لم يعد ممكناً الرهان عليها.
هكذا يفوت الأوان والمملكة وأدواتها يرفضون الانتقال الى الزمن الجديد ويكابرون…
«توب نيوز»